بعد النتائج.. أحزاب «الكتلة» تمر بحالة من الارتباك

باحث مغربي: «العدالة والتنمية» قد يواجه أسوأ السيناريوهات ويبقى وحده

عبد الإله بن كيران (أ.ب)
TT

قال باحث مغربي إن الارتباك الذي تعرفه الأحزاب السياسية المغربية حاليا بعد ظهور نتائج الانتخابات وفوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي بـ107 من مقاعد البرلمان أمر طبيعي، لأن الارتباك، من وجهة نظره، هو الثابت في سلوك الأحزاب السياسية المغربية خصوصا في الانتخابات، لكن هذه المرة الارتباك لم يتوقف عند الأحزاب وحدها بل طال كذلك الدولة. وأوضح ميلود بلقاضي الباحث في العلوم السياسية لـ«الشرق الأوسط» أن هناك أسبابا موضوعية لهذا الارتباك، وهي أن الأحزاب لم تكن مستعدة لإجراء انتخابات مبكرة لأن المبادرة لم تأت منها بل جاءت من الدولة، وقبلت الأحزاب المشاركة في الانتخابات وهي تعيش مشاكل داخلية حقيقية بعد الانتخابات البلدية لـ2009 والتي هيمن عليها حزب الأصالة والمعاصرة. وأضاف أنه لا أحد كان يتوقع أن يفوز حزب العدالة والتنمية بأكثر من 25 في المائة، لسبب بسيط وهو أن القوانين التنظيمية للانتخابات في المغرب لا يمكنها أن تفرز حزبا أغلبيا ورغم ذلك استطاع الحزب أن يحصل على 107 من المقاعد وهي مفاجأة ليست للأحزاب السياسية وللرأي العام الإقليمي والدولي بل للحزب ذاته. وقال بلقاضي إن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يواجه أسوأ السيناريوهات إذا ما قررت أحزاب الكتلة التراجع عن التحالف معه، وكذا الأحزاب الأساسية في «التحالف من أجل الديمقراطية»، وبالتالي يظل الحزب وحده. إلا أنه استبعد حدوث ذلك، وقال إن حزب الاستقلال سيقبل التحالف مع العدالة والتنمية حتى وإن رفضت باقي أحزاب الكتلة المشاركة في الحكومة، إلا أنه سيفرض اختيار الحقائب الوزارية التي سيتولاها.

كما أن حزب «الحركة الشعبية» بدوره يوجد في موقع غير مريح بالنظر إلى أنه دخل تحالفا وهو اليوم مجبر للخروج منه والبحث عن تبرير ليفعل ذلك، من أجل المشاركة في الحكومة. وقال بلقاضي إنه لا يعرف نوعية الحكومة التي سيشكلها العدالة التنمية، وما هو الثمن الذي سيؤديه هذا الحزب إذا ما وضعت أحزاب الكتلة سقفا عاليا لمطالبها من أجل تشكيل الأغلبية الحكومية المقبلة.

إلى ذلك قارنت صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» الناطقة باسم حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» قيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة المقبلة بتجربة «التناوب التوافقي» الذي قاد الحزب الاشتراكي عام 1998 إلى رئاسة الحكومة من قبل زعيمه عبد الرحمن اليوسفي، ووصفته بـ«التناوب الثاني» وذكرت أن «ملامح التناوب الثاني لا يكمن في كون الحزب الذي سيسير الأغلبية جاء بناء على قاعدة انتخابات سابقة لأوانها، بل أيضا في لحظة تاريخية مشابهة لفترة التسعينات وسقوط جدار برلين وما ترتب عليه من تفاعلات هزت العالم وغيرت من ملامحه».

وأعلن الحزب أن «أجهزته التقريرية ستقرر الموقف الذي سيخدم استقرار البلاد ومؤسساتها ويخدم المواطن المغربي» على ضوء النتائج التي حصل عليها والتي تتطلب «قراءة موضوعية وحازمة ونقدية». ولم يحصل الحزب إلا على 39 مقعدا، وهي نتيجة جعلت عدة أصوات داخل الحزب تدعو إلى العودة إلى المعارضة وعدم المشاركة في حكومة الإسلاميين.

من جهته، قال سعد الدين العثماني عضو الأمانة العامة للحزب الذي كان مرشحا بدوره لرئاسة الحكومة، لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال حول ما إذا كان إعلان حزب التجمع الوطني للأحرار انضمامه إلى المعارضة، سيصعب عليهم عملية تشكيل الحكومة، إن «اصطفاف حزب التجمع الوطني للأحرار لن يصعب تشكيل أغلبية حكومية بالنظر إلى أن الخريطة الانتخابية ستمكن من جمع أغلبية مريحة بسهولة من دون حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وبالتالي، لا حاجة إليهما»، على حد تعبيره.

وحول ما إذا كان التحالف سيبقى محصورا ما بين العدالة والتنمية وأحزاب «الكتلة الديمقراطية» وهي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» و«التقدم والاشتراكية»، قال العثماني إن حزبه سبق أن قال إنه ترك باب التحالف مفتوحا مع أي حزب باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، وسيتم ذلك بناء على التفاوض مع مختلف الأحزاب السياسية. وأضاف أن النتائج التي حصل عليها حزبه تجعله في وضعية مريحة جدا لتشكيل أغلبية حكومية.

وقال محند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال حول ما إذا كان الحزب على استعداد للتحالف مع العدالة والتنمية لتشكيل الأغلبية الحكومية، إن البيان الذي أصدره الحزب لا يعني أنه اتخذ موقفا محددا من مشاركته في الحكومة المقبلة. وأضاف أن عبارة «خدمة قضايا المغرب ومصالحه العليا من أي موقع كان» التي وردت في البيان يستعملها الحزب في جميع بياناته، مشيرا إلى أن المكتب السياسي للحزب لم يناقش بعد ما إذا كان سيشارك في الحكومة أم لا. وحول ما إذا كان حزبه سيضع شروطا مسبقة للمشاركة في الحكومة المقبلة بقيادة العدالة والتنمية، قال العنصر إن أجهزة الحزب هي التي ستقرر ذلك.