أكبر إضراب منذ عقود يشل الحركة في بريطانيا

إغلاق المدارس وتضرر المستشفيات احتجاجا على التقشف وإصلاح نظام التقاعد

متظاهرون يحملون أعلاما وشعارات تندد بخطط التقشف تزامنا مع الإضراب، في مانشستر، أمس (أ.ف.ب)
TT

تظاهر عشرات الآلاف في عدة مدن بريطانية أمس تزامنا مع إضراب عام نفذه نحو مليوني موظف في القطاع الحكومي احتجاجا على برنامج التقشف الحكومي وخطط خفض المعاشات. وتسبب الإضراب الذي يعد الأكبر من نوعه في بريطانيا منذ السبعينات من القرن الماضي في إغلاق غالبية المدارس الحكومية، وشل عمل المستشفيات والعديد من الخدمات الأخرى.

وظل نحو ستين في المائة من المدارس في إنجلترا مغلقة أمس نتيجة استجابة المدرسين لدعوة الإضراب. وقالت وزارة التربية إن 58 في المائة من 21 ألفا و700 مدرسة أغلقت في إنجلترا، بينما أغلقت 13 في المائة من المدارس. وتأثرت المدارس في اسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية أيضا.

غير أن حركة النقل الجوي في مطارات لندن الرئيسية، مثل هيثرو وغاتويك، ظلت طبيعية، بل إن المسافرين قالوا إن أوراقهم تم التعامل معها على نحو «أسرع من المعتاد». كما لم تتأثر حركة قطارات يورو ستار، في بداية الإضراب صباح أمس. واستعانت الحكومة بالمزيد من موظفي القطاع العام لمساعدة موظفي إدارات الهجرة في الموانئ الجوية والبحرية. كما طلبت الحكومة من الخطوط الجوية البريطانية الدولية تقليص أعداد المسافرين الذين تعتزم نقلهم وتقديم عروض بإعادة الحجز متى أمكن.

واعتبارا من منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، رفعت لافتات في المستشفيات تدين إصلاح نظام التقاعد. ودعا وزير الاقتصاد البريطاني جورج أوزبورن صباح أمس النقابات إلى استئناف المفاوضات. وقال أوزبورن لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن «الإضراب لن يحل شيئا ولن يغير شيئا»، مضيفا أن هذا التحرك «لن يؤدي سوى إلى إضعاف اقتصادنا وتهديد وظائفنا». وتابع الوزير البريطاني «لذلك لنعد إلى طاولة المفاوضات ولنجد اتفاقا حول أنظمة التقاعد يكون عادلا للقطاع العام بأجور تقاعد مناسبة للعقود المقبلة، يمكن أن تتحملها الحكومة ودافعو الضرائب».

لكن برندان باربر، الأمين العام لاتحاد النقابات البريطانية (تريدس يونيون كونغرس - تي يو سي) دافع عن يوم التحرك هذا، مؤكدا أن الحكومة «تهاجم» القطاع العام. وأضاف لشبكة «آي تي في» أمس إن «هناك أوقاتا يجب على الناس أن تقف وتقاوم فيها»، مدينا «التغييرات التي تحاول الحكومة فرضها بالقوة عبر إجبار الناس على العمل لفترة أطول ولزمن أطول وأن يكسبوا أقل.. أقل بكثير» مما يحصلون عليه حاليا.

وجاء إضراب أمس بعد يوم من إعلان أوزبورن عن أنباء اقتصادية سيئة، حيث خفض توقعات نمو الاقتصاد البريطاني، وأقر بأن معالجة عبء الديون قد يستغرق وقتا أطول من المتوقع. وأثار أوزبورن مزيدا من الغضب عندما تحدث عن خطة تتعلق بأجور المدرسين والممرضين والجنود وتكشف خططا لإلغاء 300 ألف وظيفة في القطاع الخاص.

وتوقعت النقابات العمالية مسبقا أن يصل عدد المشاركين في «يوم الإضراب» إلى أكثر من مليوني شخص. وتخطى هذا الإضراب في حجمه الإضراب الذي جرى في نهاية يونيو (حزيران) الماضي احتجاجا على المسألة ذاتها بدعوة من أربع نقابات. ووصف برندان باربر، الأمين العام لاتحاد النقابات، إضراب أمس بأنه «أكبر إضراب منذ جيل». وكان زعيم كبرى نقابات الموظفين الحكوميين البريطانية «يونيسون» ديف برنتيس أكثر طموحا، إذ توقع «أضخم تحرك منذ الإضراب العام سنة 1926» الذي نفذه عمال المناجم ضد خفض أجورهم.

وتعتزم حكومة المحافظ ديفيد كاميرون في سياق خطة التقشف التي تطبقها رفع سن التقاعد في القطاع العام إلى 66 عاما في 2020، مقابل 60 عاما لمعظم الموظفين حاليا، وزيادة مساهمات الموظفين في الصندوق التقاعدي. وفرض أساسا على موظفي القطاع العام تجميد لزيادات الأجور، فيما تعتزم الدولة إلغاء ما لا يقل عن 330 ألف وظيفة بحلول 2015. وتبرر الحكومة البريطانية هذا الإصلاح بارتفاع معدل الحياة وبضرورة إحلال توازن مع القطاع الخاص، وتندد بالإضراب الذي سيكلف الاقتصاد البريطاني أكثر من 500 مليون جنيه (583 مليون يورو) في وقت يعاني أساسا من تباطؤ في النشاط.

وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إن الإضراب «يتسبب في مأزق كبير للكثير من العائلات، وأدعو القادة النقابيين ولو في اللحظة الأخيرة إلى التخلي عن هذا الإضراب، فهو لن يحل أي شيء وسيلحق الضرر باقتصادنا»، داعيا إلى اغتنام عرض حكومته لاعتباره «عادلا جدا ومنطقيا».

وبدوره، أعلن زعيم حزب العمال إيد ميليباند الذي لم يدعم الإضراب، أول من أمس، أن الحركة تتسبب في «بلبلة فظيعة، لكنني لن أدين الذين اتخذوا هذا القرار». وأفاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «صنداي تايمز» أن 49 في المائة من البريطانيين يعارضون الإضراب فيما يؤيده 41 في المائة منهم.