وزراء خارجية الدول الإسلامية يدعون دمشق للاستجابة للقرارات العربية

دعوا إلى وقف استخدام القوة المفرطة.. وانتقدوا المقاربة الأمنية في مواجهة محتجين سلميين > صالحي لـ «الشرق الأوسط»: لا نتدخل في شؤون دول الخليج

علي أكبر صالحي (واس)
TT

دعا وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، في اجتماعهم الذي عقدوه أمس في المقر الرئيسي للمنظمة بمدينة جدة، النظام السوري إلى الاستجابة إلى قرارات جامعة الدول العربية ووقف إراقة الدماء، وأدانوا الاعتداء على مقار السفارات في العاصمة دمشق، كما دعوا السلطات إلى التخفيف من حدة المعاناة الإنسانية في المناطق المتضررة والسماح بدخول هيئات إنسانية إسلامية ودولية، داعيا الأمانة العامة لمتابعة الوضع ورفع توصياتها إلى مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي.

ولوحظ أمس في اجتماع جدة الذي غاب عنه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، حضور كل من وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، ووزير خارجية سوريا وليد المعلم، وتركيا أحمد داود أوغلو، والشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري. فيما مثل الوفد السعودي الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات الدولية المتعددة الأطراف.

وكان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي، أوضح في مؤتمر صحافي مشترك له مع وزير الخارجية الكازاخستاني رئيس الدورة الحالية للمجلس يرزهان كاجي خانوف، عقب الاجتماع، أن البيان الختامي الذي أصدره الوزراء يعكس الحرص على أرواح أبناء الشعب السوري، وأكد على ضرورة وقف القتل، ورفض التدخل الدولي في سوريا، كما تضمن دعوة للإفراج عن السجناء السياسيين في سوريا، وأدان الاعتداء على السفارات في سوريا، ودعا دمشق إلى وقف استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، وطالبها بالسماح بدخول بعثات التحقق الإنسانية.

وأعلن أوغلي للصحافيين أن الدول الإسلامية ترحب بالإجماع بجهود الجامعة العربية لحل الأزمة السورية، ودعوتها دمشق لتوقيع مذكرة إرسال مراقبين إلى سوريا، كما أشار إلى أن المنظمة الإسلامية دعت سوريا إلى الاستجابة لقرارات الجامعة العربية، وأعلنت رفضها التدخل الدولي في سوريا، ودعت كذلك إلى وقف العنف وإجراء إصلاحات.

وكان أمين عام منظمة التعاون الإسلامي قد شدد في مؤتمره الصحافي إلى أن مبدأ تدويل القضية السورية مسألة غير مرحب بها داخل المنظمة الإسلامية.

من جانبه، أوضح وزير الخارجية الكازاخستاني رئيس الدورة الحالية للمجلس يرزهان كاجي خانوف، أن وزراء الدول الإسلامية جددوا أمس رفضهم تدويل الأزمة السورية، فيما حث خانوف دمشق على الالتزام بالمبادرات التي صدرت لكي تجعلها بلدا إسلاميا يتعايش شعبه بسلام، وذلك في ظل الإصلاحات التي تطالب بها الدول العربية والإسلامية باعتبار أن سوريا جزء لا يتجزأ من منظومة الدول الإسلامية.

وكان أكمل الدين إحسان أوغلي أوضح في كلمته التي ألقاها في اجتماع جدة أمس، أن المنظمة لم تحد عن موقفها الثابت إزاء التداعيات والتطورات في سوريا «وهو ما تجلى واضحا في جميع بياناتها التي أصدرتها منذ بداية الأزمة وحتى اللحظة». وقال «إن استمرار تبني المقاربة الأمنية والعسكرية في مواجهة المدنيين الذين يتظاهرون سلميا للمناداة بمزيد من الديمقراطية والحرية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أسلوب أثبت عجزه عن احتواء الأزمة، ولن يؤدي إلا إلى المزيد من الضحايا الأبرياء، فضلا عن تعقيد الموقف الداخلي».

وبين أن الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وعلى مدى الأشهر الماضية، لم تأل جهدا في المساهمة في حل الأزمة، مشيرا إلى أنها استنفدت جميع آلياتها وصلاحياتها في محاولات عديدة لرأب الصدع، وحقن الدماء، وتثبيت الحق، إلى أن وصلت إلى هذا الاجتماع. وشدد على أن المنظمة تراهن على الدول الأعضاء في تحمل مسؤولياتها التاريخية، مطالبا بموقف واضح يضع حدا فاصلا بين الأمس واليوم، عبر توصيات عملية تسهم في رسم ملامح حل توافقي للأزمة السورية في نطاق مبادئ التضامن الإسلامي.

وشدد أوغلي على أنه عكف من موقعه كأمين عام للمنظمة، ومنذ اندلاع الأزمة، على انتهاج أسلوب الدبلوماسية الهادئة انطلاقا من التزام المنظمة المبدئي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، مجددا موقف المنظمة الرافض للتدخل العسكري في الأزمة، وتمسكه بضرورة احترام سيادة واستقلال ووحدة سوريا، وضرورة وقف نزيف الدم، واستعادة الأمن والاستقرار، والسير على درب الإصلاح تحقيقا لآمال وتطلعات الشعب السوري، كما أكد رفضه لتدويل الأزمة.

وأوضح أنه وأمام التطورات الخطيرة التي تشهدها الأزمة في سوريا، وفي ظل الزخم المتنامي للتحركات الإقليمية والدولية الرامية إلى حمل الحكومة السورية على وقف أعمال العنف والاعتداءات ضد المدنيين، فإن منظمة التعاون الإسلامي ترحب بالجهود الدولية والإقليمية، ومن ضمنها الجهود المبذولة من طرف جامعة الدول العربية، بغية احتواء الأزمة.

وعلى هامش الاجتماع، نفى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أي تدخل لبلاده في أحداث البحرين أو في شؤون أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي. وقال في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «بلادي ليست لها أي يد في ما يحدث بالبحرين أو أي دولة خليجية». وجاء تصريح الوزير صالحي عقب مشاركته أمس في الاجتماع الطارئ.

وكان علي أكبر صالحي دعا في تصريحات له أمس إلى «منح سوريا وقتا كافيا» حتى تقوم بالإصلاحات التي وعدت بها، مؤكدا أن دمشق قامت بخطوات مهمة في هذا الاتجاه.

ووصف صالحي الاجتماع بـ«الناجح»، مشيرا إلى أنه لا يمثل فرصة أخيرة للحكومة السورية، وتساءل الوزير الإيراني: «هل سوريا الوحيدة في المنطقة التي تشهد تطورات؟!»، واستطرد: «هناك دول أخرى في المنطقة، لماذا هذا الاستعجال بالنسبة لسوريا؟ دائما سوريا في الإعلام لماذا؟»؟

وبين أن الشعب السوري يعيش حراكا، وله متطلبات مشروعة، موضحا أن الحكومة السورية أعلنت أنها ستقوم بتلبية المتطلبات الشرعية كافة لشعبها بما فيها إعادة النظر في الدستور، ومنح المجال لنشاط الأحزاب الأخرى. وتساءل مرة أخرى: «لماذا لا نعطي فرصة للحكومة السورية لتلبي هذه الإصلاحات التي أعلنها الأسد؟!».

وحول مطالبة إيران السوريين بتسريع الإصلاحات، قال: «لسنا نحن الذين طلبنا؛ بل السوريون هم الذين أصروا على هذه الإصلاحات، ولكن لا بد من منحهم الوقت».

وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر في المنظمة، أن لقاء جمع بين وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ونظيره التركي أحمد داود أوغلو على هامش اجتماع جدة وذلك في مقر منظمة التعاون الإسلامي بجدة، حيث حضر الوزيران اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة الإسلامية حول الشأن السوري.