رئيس اتحاد الغرف اللبنانية: لا نستطيع «النأي» بالاقتصاد عن تأثير العقوبات على دمشق

قال لـ «الشرق الأوسط»: إن الاستثمارات اللبنانية في سوريا قيمتها مئات ملايين الدولارات

تظاهرة في تفتناز بإدلب أمس
TT

تسود أجواء من البلبلة في الأوساط اللبنانية على خلفية مدى تأثر الاقتصاد الوطني بالعقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا، وثمة ترقبات متباينة بين انعكاسات محدودة قطاعيا وكليا، وبين أضرار واسعة النطاق تشمل المجالات المالية والمصرفية والتجارية والصناعية؛ نظرا للترابط الوثيق بين البلدين، وكون سوريا البوابة البرية الوحيدة بين لبنان والخارج. ويؤكد رئيس اتحاد الغرف اللبنانية، محمد شقير، لـ«الشرق الأوسط»، أن تأثيرات العقوبات أكيدة، ولن يستطيع لبنان «النأي بنفسه» اقتصاديا على غرار ما لجأ إليه سياسيا في مجلس الأمن وفي اجتماعات الجامعة العربية. فـ«الممر السوري يؤمن نحو 40% من حركة الترانزيت اللبنانية الموجهة إلى دول الخليج والعراق والأردن، وهي أسواق رئيسية وحيوية للصادرات اللبنانية أيضا، ولا نعرف، حتى الساعة، المعوقات التي يمكن أن تنتجها العقوبات على هذه الحركة». ويضيف: «بين لبنان وسوريا حركة تبادل تجاري (رسمية) تقارب 500 مليون دولار سنويا، مع رجحان نسبي للصادرات السورية. لكن هذا الرقم لا يشمل عمليات تجارية وتسوق يقوم بها أفراد بين البلدين؛ حيث تشهد المعابر بين البلدين دفقا متبادلا بمئات السيارات يوميا بغرض السياحة والتجارة الفردية والتسوق، كما يوجد مئات الآلاف من العاملين السوريين في لبنان تزيد أعدادهم أو تتناقص وفقا للمواسم وللنشاط الاقتصادي المحلي، خصوصا العمراني منه. وبالإضافة إلى ذلك يمكن التأكيد أنه ما من شركة تجارية أو صناعية لبنانية كبيرة ليس لديها وجود مباشر في الأسواق السورية وارتباطات مع تجار سوريين، فضلا عن الوجود المصرفي؛ حيث تسهم 7 مصارف لبنانية في 7 مصارف خاصة سورية، وتتولى إدارتها».

ويعتبر شقير أنه «من الصعب علينا حصر وإحصاء الاستثمارات اللبنانية في سوريا، لكنها بالتأكيد بمئات ملايين الدولارات؛ فهي كثيفة العدد من جهة الأفراد والمؤسسات، ومتنوعة قطاعيا في مجالات التجارة والصناعة والزراعة والمال وغيرها، إضافة إلى شراكات تاريخية متبادلة مع رجال أعمال ومؤسسات سوريين. وربما تكون الاستثمارات في مجال المصارف هي الأوضح كون المساهمة اللبنانية في 5 مصارف تبلغ نحو 49%، وفي مصرفين آخرين 24 و7% فقط».

ويلفت شقير إلى «وجوب انتظار الآليات التي ستعتمدها الجامعة لتطبيق العقوبات، وما السلع التي ستندرج تحت بند استراتيجية أو مضرة بالشعب السوري؛ فالصورة شديدة التعقيد والضبابية، لا سيما أن الموقف اللبناني الرسمي لم يؤيدها أو يرفضها، بل اختار النأي بالنفس. كما يتوجب انتظار وضوح معالم المواقف الدولية، وما سيقرره مجلس الأمن الدولي. فمن دون جلاء الصورة تماما سيكون من الصعب تقدير الانعكاسات، مع الإشارة إلى حصول تراجع ملموس في الأنشطة اللبنانية كافة داخل الأسواق السورية قبل العقوبات، وهذا مرشح للتفاقم بعدها».

إلى ذلك، نفى حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ما أثير حول انتقال أموال من سوريا إلى لبنان، وقال: «إن ما نشر حول هذا الأمر غير صحيح». وشدد سلامة، في مقابلة مع قناة «العربية»، على عدم وجود أي أموال تخص البنك المركزي السوري والحكومة السورية داخل مصرف لبنان المركزي. وحول زيارة الموفد الأميركي مؤخرا، قال: «إن الزيارة شملت دولا عدة، وليس لبنان فقط؛ حيث قام الموفد بشرح التدابير المتخذة مؤخرا بمقاطعة سوريا، وبعرض وجهة نظر بلاده، ونحن أفدنا بناء على المعطيات التي على أساسها يتصرف قطاعنا المصرفي». وقال: «مصارفنا تتعاطى مع الأمر بجدية، وهي تأخذ الحيطة بشأن الأسماء التي تتضمنها لوائح العقوبات».

وأضاف: «أكدنا أننا، بمعزل عن هذه اللوائح، نتصرف بشكل طبيعي مع جميع العملاء السوريين الآخرين، كما نتعامل مع باقي زبائننا. وأعتقد أن هناك وضوحا بشأن هذا الأمر».

وأكد سلامة أن «القطاع المصرفي اللبناني غير مستهدف، والمصارف التي تعمل في لبنان تعمل ضمن القانون اللبناني، وهي ملزمة بقرارات مجلس الأمن، أما القرارات التي تخص الدول فهي صالحة ضمن الدول التي تصدرها فقط».

تجدر الإشارة إلى أن قرار العقوبات العربية نص على وقف التعامل مع البنك المركزي السوري ووقف المبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية «باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب السوري». وتشمل العقوبات تجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية ووقف التعاملات المالية معها، ووقف جميع التعاملات مع البنك التجاري السوري، ووقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي السوري، إضافة إلى الطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية باستثناء تلك المرسلة من العمالة السورية في الخارج وحوالات المواطنين العرب في سوريا.