الاتحاد الأوروبي يقر عقوبات على قطاعي النفط والمال في سوريا

بيلدت لـ «الشرق الأوسط»: نعمل مع «الجامعة» وتركيا للضغط على الأسد

كارل بيلدت
TT

وافق الاتحاد الأوروبي، أمس، على فرض عقوبات جديدة على قطاعي النفط والمالية في سوريا وأضاف 11 كيانا و12 شخصا إلى قائمته السوداء المفروضة فيما يتصل بحملة العنف التي تشنها الحكومة السورية على المعارضة. وستعلن قائمة الأسماء الجديدة اليوم (الجمعة)، وفي حين لم تتكشف على الفور التفاصيل الكاملة فإن دبلوماسيين قالوا إن المؤسسة العامة السورية للنفط ستكون بين الكيانات المستهدفة.

وقال دبلوماسيون إن مشاريع في سوريا لشركات نفطية كبرى مثل «رويال داتش شل» و«توتال» قد تتوقف مع إدراج المؤسسة السورية العامة للنفط في قائمة الشركات الخاضعة للعقوبات. وقال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بيان «الإجراءات الجديدة مرتبطة بقطاعات الطاقة والمالية والمصارف والتجارة وتشمل إدراج أفراد وكيانات إضافيين متورطين في العنف أو يدعمون النظام بشكل مباشر».

وأضاف الوزراء 12 شخصا و11 مؤسسة وشركة إلى قائمة التجميد وحظر الأصول وحظروا تقديم دعم مالي للتجارة والقروض إلى الحكومة السورية سواء على المستوى الثنائي أو من خلال المؤسسات المالية الدولية. وتحظر الإجراءات الجديدة على الشركات في الاتحاد الأوروبي التعامل في الدين الحكومي السوري وتحظر على البنوك السورية فتح فروع في دول الاتحاد الأوروبي أو الاستثمار في البنوك الأوروبية.

وقال بيان ختامي صدر في ختام الجلسات، إن الاتحاد الأوروبي سيستمر في ممارسة الضغط واتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية طالما استمر القمع في سوريا، مشيرا إلى أن التكتل الأوروبي الموحد سيستمر في التنسيق وتوثيق التعاون مع الجامعة العربية والمؤسسات والهيئات الدولية المختلفة. ورحب الاتحاد بالخطوات والقرارات التي اتخذتها الجامعة العربية في الملف السوري، كما رحب بقرار لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي تضمن إدانة استخدام السلطات السورية للعنف ضد المشاركين في المظاهرات، وأعرب الوزراء عن أملهم بأن يمهد لخطوات أخرى في المنظمة الدولية. كما رحبوا بالجهود التي تبذلها المعارضة السورية لتأسيس جبهة موحدة والعمل من أجل رؤية موحدة لمستقبل سوريا والانتقال إلى النظام الديمقراطي، كما سلط البيان الضوء على أهمية وجود معارضة سياسية شاملة، تضم جميع الطوائف الدينية والعرقية، وأهمية مواصلة العمل مع الجامعة العربية لدعم الجهود الرامية إلى تحقيق التغيير بنجاح. ويحظر البيان أيضا تصدير المعدات إلى صناعة النفط والغاز السورية بما في ذلك عمليات التكرير والتنقيب ويحظر على الشركات في الاتحاد الأوروبي الاستثمار في الشركات التي تقيم محطات جديدة للطاقة في سوريا. ويحظر أيضا مبيعات برامج الكومبيوتر أو المعدات التي يمكن أن تستخدم للإنترنت أو الرقابة على الاتصالات. وفرضت دول الاتحاد الأوروبي بضع جولات من العقوبات على حكومة الرئيس بشار الأسد منذ مايو (أيار) بسبب قمعها العنيف للاضطرابات. وشملت تلك العقوبات حظر استيراد النفط السوري وحظرا على الاستثمارات الجديدة في قطاع الطاقة. وقال بيان الاتحاد إنه سيواصل الضغط من أجل إجراء قوي للأمم المتحدة بشأن سوريا وحث جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي على «الاضطلاع بمسؤولياتهم لإنهاء العنف في سوريا ودعم الشعب السوري».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» ببروكسل، رفض نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، اعتبار البعض أن زيارته إلى بروكسل قد جاءت بشكل خاص للتباحث مع الأوروبيين بشأن ملف تطورات الأوضاع في سوريا. وقال عند وصوله إلى مقر اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي إنه جاء للتباحث معهم في عدة ملفات في مقدمتها الملف الفلسطيني ومسار عملية السلام. لكنه أشار إلى أنهم «إذا طرحوا أسئلة حول ملف سوريا فمن الطبيعي أن أجيب عن هذه الأسئلة». وحول ما يطرح بأن عقوبات الجامعة العربية، ربما تمهد لتدخل دولي في سوريا، قال العربي: «إطلاقا.. نحن نرفض أي تدخل دولي في سوريا». وأخرج العربي ورقة من جيبه وقال «لدي بيان واضح يؤكد على رفضنا التام للتدخل الدولي في سوريا».

وجاء تصريح العربي بعد أن شددت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، على أن الاتحاد الأوروبي يريد العمل مع جميع الأطراف الإقليمية من أجل حماية الشعب السوري من قمع النظام في دمشق. وأوضحت خلال تصريحات أدلت بها على هامش الاجتماعات، أن «الاتحاد يريد مناقشة جميع الأفكار التي من شأنها تحقيق هذا الهدف.. نريد زيادة الضغوط على النظام السوري، وكذلك مساعدة المدنيين». وأشارت إلى أن الهدف من اللقاء مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، هو «لبحث آليات تكثيف التعاون». وأضافت «بات من الضروري حشد جميع الجهود الإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى إنهاء الأزمة». وحرصت أشتون على التأكيد على تمسك الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع تركيا كطرف أساسي في حل الأزمة السورية.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال كارل بيلدت وزير الخارجية السويدي «نحن نعمل وبشكل وثيق مع الجامعة العربية، وتركيا التي تلعب دورا مهما في هذا الصدد، في إطار ممارسة المزيد من الضغوط على النظام السوري.. نرجو أن تأتي بثمارها». وأضاف «ننتظر من النظام في دمشق أن يقوم بخطوات تظهر استجابته لمبادرة الجامعة العربية والمطالب الدولية لوقف استخدام العنف ضد شعبه». وأضاف الوزير «نحن الآن لا نفكر في أي خيار عسكري بل نفكر في المدنيين السوريين وكيفية مساعدتهم».

من جانبه، قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بشار الأسد لا يزال يمارس انتهاكات لحقوق الإنسان وينبغي علينا ممارسة الضغوط المطلوبة حتى يغير من استراتيجيته، ولا يوجد حاليا حلول أخرى غير العقوبات»، وأضاف «لا يجب المقارنة إطلاقا بين الملف السوري والملف الليبي». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير خارجية هولندا أوري روزنتال، إن «النقطة الوحيدة الموجودة على الأجندة هي ضرورة رحيل بشار الأسد، وإذا لم يحدث ذلك فعلينا أن نفعل كل شيء لممارسة الضغوط على هذه الحكومة حتى تستجيب للمطالب الداخلية والدولية». وذكرت مصادر مقربة من الاجتماعات أن الاتحاد الأوروبي يعتزم وضع المؤسسة العامة السورية للنفط في قائمته للشركات التي تخضع لعقوبات، في خطوة تهدف إلى حرمان حكومة الرئيس بشار الأسد من إيرادات نفطية حيوية. وتفرض القوى العالمية عقوبات اقتصادية مشددة على الحكومة السورية بسبب حملتها العنيفة على الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وقالت مصادر دبلوماسية إن ألمانيا توصلت إلى اتفاق مبدئي مع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي لإضافة المؤسسة العامة للنفط المملوكة للدولة وبضع شركات سورية أخرى إلى القائمة السوداء للاتحاد، والمؤسسة العامة السورية للنفط مدرجة بالفعل في القائمة السوداء لمكتب السيطرة على الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. والمؤسسة مسؤولة حسب ما ذكر موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت عن الإشراف على المشاريع المشتركة في سوريا. ويشكل النفط السوري أقل من 1 في المائة من الإنتاج العالمي اليومي لكنه يدر جزءا حيويا من عائدات الحكومة.