غزل أوروبي لإسلاميي مصر يتجاوب مع تقدمهم في الاستحقاق الانتخابي

آشتون: أوروبا مستعدة للتعاون.. هيغ: فوز «الإخوان المسلمين» لا يثير القلق

TT

بات في حكم المؤكد سيطرة التيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، على البرلمان المصري وفق مؤشرات الجولة الأولى من الاستحقاق الانتخابي، والتي جرت قبل ثلاثة أيام. وتتجاوب تلك النتائج مع توقعات الغرب بقرب وصول الإسلاميين للحكم في البلاد، بعد أسابيع من سيطرة حزب النهضة الإسلامي على المشهد السياسي التونسي وحزب العدالة والتنمية على البرلمان المغربي.

وبينما يقول مسؤولون غربيون إنهم على استعداد للتعامل مع الحركات الإسلامية في مصر، أكد مراقبون أن الغرب مجبر على التعامل مع الإسلاميين في مصر بحكم توافقهم مع النظام الاقتصادي العالمي، وإن بقيت نقاط التماس الرئيسية في ملفات السياسة الخارجية أزمة يبحث الطرفان عن طريقة لمقاربتها، خاصة العلاقات مع إسرائيل، واحتمالات الانفتاح على طهران.

وفي وقت تستعد فيه جماعة الإخوان المسلمين (الأكثر تنظيما في الشارع المصري) للاحتفال بحصد حزب الحرية والعدالة ذراعها السياسية نحو 40 في المائة من مقاعد البرلمان في المرحلة الأولى، سارعت القيادات الغربية بإعلان انفتاحها على التيارات الإسلامية، مع ترحيبها بنزاهة الانتخابات.

وجاء أول تعليق على نتائج الانتخابات من بريطانيا، حيث قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، أمس، إن فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت المرحلة الأولى منها هذا الأسبوع لا يثير قلقه على الإطلاق، خاصة أن تلك الانتخابات اتسمت بالديمقراطية، مؤكدا ضرورة احترام ما تسفر عنه الانتخابات من نتائج ما دامت أجريت في إطار الحرية والديمقراطية.

ويعتقد الدكتور أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية الباحث في الحركات الإسلامية، أن الغرب مستعد للتعامل مع الحركات الإسلامية في مصر خاصة «الإخوان»، وذلك بسبب مرونة «الإخوان» الفكرية وقدرتهم على تغيير مواقفهم وآرائهم وبناء تحالفات سياسية براغماتية. وقال الشريف لـ«الشرق الأوسط»: «(الإخوان المسلمون) مندمجون في الفكر الاقتصادي العالمي، ولا يدخلون في معارك لفظية أو عداءات علنية مع الغرب، على خلاف تيارات أخرى متشددة».

ويربط مراقبون بين وصول التيارات الإسلامية للحكم وعزمها تطبيق قوانين وأحكام متشددة؛ لكن الشريف يعتقد أن قادة «الإخوان» أنفسهم رجال أعمال ومندمجون أساسا في لعبة التجارة والأعمال، وأن ما قد يصدر عن بعض قياداتهم بشأن تغيير نظم البنوك للتوافق مع الشريعة ووضع حدود على السياحة يبدو حديثا للاستهلاك المحلي فقط. وأوضح الشريف أن الغرب لا يهتم كثيرا بمن سيكون في سدة الحكم في مصر، قدر اهتمامه بالاستقرار السياسي وتأمين مصالحه الاقتصادية، مضيفا أن «الإسلاميين هم القوى الوحيدة حاليا القادرة على تحقيق ذلك، خاصة أن الغرب وصل لقناعة بأنه لا بد أن يتعامل مع قوى سياسية لها شعبية وجماهيرية».

ومن جانبه، قلل علي خفاجي، أمين شباب حزب الحرية والعدالة، من تأثير المخاوف من وصول الإسلاميين للحكم في مصر، موضحا أن هدف جماعة الإخوان هو القضاء على الفساد وبدء الإصلاح والتنمية الاقتصادية، مؤكدا في تصريحات نقلتها «رويترز»، قبل يومين، أنه سيكون من الجنون محاولة حظر احتساء الخمور أو فرض الحجاب.

ويمثل نجاح الإسلاميين في انتخابات مصر، أكبر دول العالم العربي سكانا، تعزيزا لاتجاه بدأ يظهر في شمال أفريقيا، حيث يقود إسلاميون معتدلون الآن الحكومة في المغرب وأيضا في تونس ما بعد عصر بن علي الذي تميز بقمع الإسلاميين.

وأعلنت كاثرين أشتون، الممثلة للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، أمس أن أوروبا مستعدة للتعاون مع الأحزاب الإسلامية في مصر والشرق الأوسط. وقالت أشتون إن الاتحاد الأوروبي يحرص على العمل مع جميع الأحزاب السياسية والأفراد في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ما داموا يحترمون القيم والمعايير الأوروبية، موضحة أن الاتحاد الأوروبي لا يجد غضاضة في التعاون مع أي شخص ما دام يحترم حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون.

لكن الدكتورة هالة مصطفة، رئيسة تحرير مجلة «الديمقراطية» في مصر، قالت إن الغرب لا يهتم كثيرا بممارسات تلك التيارات على صعيد السياسات الداخلية على الإطلاق، وإن الأهم بالنسبة للغرب هو أن تكون سياساتها الخارجية تتوافق مع مصالح الغرب. واستشهدت مصطفى بالموقف الغرب والأميركي بالخصوص من الأنظمة التي تقمع الحريات عبر العالم لكنها تقوم بتأمين مصالح واشنطن.

وقالت هالة مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة لمصر، نقطة الخلاف الوحيدة ستكون العلاقات مع إسرائيل، وهو الملف الذي ربما يثير المشاكل»؛ لكنها أضافت «ما دام ملف العلاقات الخارجية بقي في يد المجلس العسكري، والتزم الإسلاميون بالاتفاقيات الدولية ومعاهدة السلام مع إسرائيل، فإن الغرب سيقبل بالإسلاميين من دون مشاكل».

وكرسالة طمأنة للغرب، قال الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، أمس في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية «إن الإسلاميين سيمثلون على الأرجح الموجة التالية من القوى السياسية في العالم العربي وإن على الغرب التعاون معهم». وتابع بن جاسم «يجب ألا نخشاهم، بل دعونا نتعاون معهم.. يجب ألا تكون لدينا أي مشكلة مع أي شخص يعمل في إطار معايير القانون الدولي يجيء إلى السلطة ويحارب الإرهاب».