المشهد السياسي المصري «محلك سر» بعد تأجيل إعلان نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة الإنقاذ

عبد المعز أرجعه لاستمرار الفرز.. و«الجنزوري» يستكمل مشاوراته.. والعسكري يطلق الرسالة 88

كرمز للتضامن مع ضحايا الصدامات الأخيرة بين المتظاهرين وقوى الأمن (أ.ب)
TT

حالة من الارتباك سيطرت على المشهد السياسي في مصر أمس، وتسببت في تأجيل إعلان نتائج المرحلة الأولى من أول انتخابات برلمانية تشهدها البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وكذلك تأجيل إعلان تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني الجديدة. وتأتي هذه الإجراءات في وقت تستمر فيه المناقشات لتكوين المجلس الاستشاري المدني، الذي من المقرر أن يكون جهة استشارية للمجلس العسكري (الحاكم في مصر)، مع إطلاق دعوتين لتنظيم مظاهرتين في ميدان التحرير بوسط القاهرة (معقل ثوار «25 يناير») وميدان العباسية (معقل مؤيدي المجلس العسكري).

إلى ذلك، أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة دعمه الكامل لحكومة الدكتور كمال الجنزوري، وحرصه على منحها جميع الصلاحيات التي تمكنها من أداء دورها الوطني ومهامها في خدمة الشعب المصري وعلى رأسها استعادة الأمن. وجدد المجلس في رسالته رقم 88 على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمس، تأكيده على سرعة محاسبة العناصر المسؤولة على أحداث منطقة ماسبيرو (نطاق التلفزيون المصري) وميدان التحرير خلال الفترة الماضية، وتقديمهم للمحاكمة بعد انتهاء تحقيقات النيابة العامة. كما أكد المجلس على سرعة تعويض أسر الشهداء والمصابين في أحداث «ماسبيرو» والتحرير من خلال صندوق رعاية شهداء ومصابي الثورة. وشدد المجلس على الالتزام بعدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية؛ إلا في إطار الجرائم المنصوص عليها في قانون القضاء العسكري.

وكان من المقرر أن يعلن الدكتور الجنزوري (78 عاما) تشكيل وزارته أمس الخميس؛ لكنه أجل الإعلان لحين استكمال مشاوراته مع المرشحين لتولي الحقائب الوزارية. وقال الدكتور الجنزوري أمس، إنه سيتم تكليف اثنين من وزراء ما قبل الثورة، والإبقاء على 12 وزيرا ممن جرى تكليفهم بعد الثورة، وإن الحكومة الجديدة سيكون بها 3 وزراء من الشباب، و3 سيدات. وأضاف «استقبلت اليوم (أمس) 6 مرشحين للوزارة الجديدة، وسأستكمل التشكيل الوزاري غدا (اليوم) الجمعة، وحلف اليمين سيكون بعد غد (غدا) السبت».

وأكد الجنزوري أن الشيخوخة ليست عورة، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة سيكون بها وزارة للاستثمار وقطاع الأعمال، وأن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لاستعادة الأمن في الشارع، لافتا إلى أن المجلس العسكري وحده هو من يملك تعيين أي حكومة جديدة، وليس البرلمان (مجلس الشعب)؛ وذلك وفقا للإعلان الدستوري.

وعلى صعيد آخر، قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات إن نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات قد تعلن اليوم (الجمعة)، وأرجع المستشار عبد المعز إبراهيم ذلك إلى تأخر المحافظات في إرسال نتائجها، نتيجة للإقبال الكبير من الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، موضحا أنه «كان مضطرا لتأجيل إعلان النتائج». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن إعلان نصف النتائج والإبقاء على النصف الآخر»، مؤكدا أن عمليات الفرز تواصلت أمس بشكل جيد ولم تكن هناك أي صعوبات أو شكاوى.

وكان مقررا أن يعقد المستشار إبراهيم مؤتمرا صحافيا أمس، لإعلان النتائج النهائية للمقاعد الفردية، والأصوات التي حصلت عليها كل قائمة، دون ذكر عدد المقاعد. وأظهرت بعض النتائج الأولية لفرز صناديق الاقتراع بالمرحلة الأولى لانتخابات البرلمان تصدر حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) وحزب النور السلفي، تليهما الكتلة المصرية، وهي المرحلة التي تضم 9 محافظات هي «القاهرة والإسكندرية والفيوم وكفر الشيخ ودمياط والبحر الأحمر وبورسعيد وأسيوط والأقصر».

وأعلن حزب الحرية والعدالة أن نتائج عمليات الفرز في معظم اللجان الانتخابية بالمحافظات تؤكد على حصوله على 40 في المائة من نسبة الأصوات، يليه حزب النور (ذو التوجه السلفي) بنسبة 15 في المائة، وينافسه بنفس النسبة ائتلاف الكتلة المصرية، الذي يضم ثلاثة أحزاب، ثم يأتي حزب الوسط (الإسلامي المعتدل)، وحزب الوفد (الليبرالي).

وبينما تقدم حزب الحرية والعدالة بالشكر للمصريين، أعربت الكتلة المصرية عن سعادتها بالنتائج.. وقال مراقبون إن نتائج حزب النور كانت مفاجأة لمرشحي الحزب أنفسهم.

وانتهت اللجنة العليا للانتخابات من تسلم كل الحقائب الدبلوماسية الخاصة بتصويت المصريين بالخارج، حيث تسلمت اللجنة حقائب النتائج من آخر 3 دول وهي السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، حيث وصل ما يقرب من 120 ألف صوت انتخابي تخص المرحلة الأولى، من بين 160 ألفا قاموا بالتصويت بالخارج، وكان عدد الذين سجلوا أسماءهم في قواعد البيانات في السفارات والقنصليات المصرية 335 ألف ناخب.

وقالت اللجنة العليا للانتخابات أمس، إنها تجري مشاورات مع المجلس العسكري لإجراء الفرز في اللجان الفرعية. وبرر المستشار يسري عبد الكريم، رئيس المكتب الفني باللجنة العليا للانتخابات، ذلك بأن «اللجنة العليا للانتخابات ليست جهة تشريع».

وفي السياق ذاته، عقد الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال، أمس، اجتماعا بحضور وزراء العدل والقوى العاملة والهجرة، حيث عرض وزير العدل تقريرا حول المرحلة الأولى من الانتخابات، يوضح سلامة الإجراءات وانتظام عملية الاقتراع في مختلف اللجان. ووجه رئيس الوزراء ببدء الإعداد للجولة الثانية من الانتخابات وعملية الإعادة في بعض لجان المرحلة الأولى، بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات ومختلف الوزارات، بالتعاون مع المحافظين ومديري الأمن، بما يؤمن المسار الإيجابي الذي تسير فيه الانتخابات.

من ناحية أخرى، ينظم اليوم «الجمعة» قرابة 23 حركة وائتلافا شبابيا مليونية «رد الاعتبار» لشهداء شارع محمد محمود (نطاق وزارة الداخلية المصري)، حيث أعلن «ائتلاف شباب الثورة» و«حركة 6 أبريل» و«جبهة اللجان الشعبية للدفاع عن مصر»، وعدد من الائتلافات الثورية، مشاركتها في المليونية ودعوة جميع المصريين لمظاهرات في ميدان التحرير وميادين المحافظات.

وحسب إنجي حمدي، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، فإن «كل الحركات الشبابية سوف تصر في مظاهرات اليوم (الجمعة) على تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعبر عن الثورة، لها كل السلطات والصلاحيات التشريعية والرقابية والإدارية، ورفض حكومة الجنزوري، وتذكير المجلس العسكري بشهداء الثورة، وأن دماءهم لن تضيع هباء».

وعلى الطرف الآخر من العاصمة، تنطلق اليوم في العباسية «جمعة دعم الشرعية»، بهدف «دعم استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شؤون البلاد لحين انتخاب رئيس للجمهورية»، وإعلان رفض أن يكون ميدان التحرير هو المصدر الوحيد للشرعية.