القوات الأميركية تنسحب من العراق بحماية عشائر الجنوب

عسكري أميركي: ندفع لشيوخ القبائل لحماية الطرق

TT

ينشغل جنود أميركيون في قاعدة بالبصرة جنوب العراق في تأمين طريق محوري تجتازه المواكب العسكرية المنسحبة نحو الكويت، خصوصا عبر دفع أموال لشيوخ عشائر مقابل المساعدة على حماية هذا الطريق.

ويقول الكولونيل دوغلاس كريسمان في قاعدة البصرة لعمليات الطوارئ، إن «واجبنا يتركز على حفظ أمن الطريق السريع الذي يجتازه إخواننا وأخواتنا» من الجنود الأميركيين خلال توجههم نحو الحدود الكويتية.

ويضيف كريسمان، الذي يشرف على عمل الجنود الأميركيين في المحافظات العراقية الجنوبية الأربع «تربطنا اليوم علاقة بأكثر من عشرين شيخ عشيرة تشرف قبائلهم على الطريق السريع، بحيث ندفع لهم أموالا مقابل أن يبقوا هذا الطريق نظيفا».

ويجري الجنود الأميركيون حاليا عملية انسحاب كاملة من العراق بعد ثماني سنوات من الوجود العسكري فيه إثر اجتياحه عام 2003 لإسقاط نظام صدام حسين. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن في 21 أكتوبر (تشرين الأول) أن القوات الأميركية ستنسحب بالكامل من العراق بحلول نهاية 2011 بموجب اتفاقية أمنية موقعة بين بغداد وواشنطن.

وغادر في الأشهر الماضية عشرات آلاف الجنود الأميركيين، واتجه معظمهم نحو الكويت، فيما لم يتبق سوى أقل من 13800 جندي يتمركزون في سبع قواعد عسكرية حول العراق بعد أن كان عددها يبلغ في السابق نحو 500.

وبحسب مصدر مسؤول في محافظة الديوانية، فإن القوات الأميركية تسلك في خروجها من العراق طريق المرور السريع الذي يسمى «ط6»، ويبدأ من تقاطع مدخل عفك على بعد نحو 10 كلم جنوب الديوانية (160 كلم جنوب بغداد). ويضيف المصدر في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «طول الطريق السريع بين الديوانية والناصرية (305 كلم جنوب بغداد) يبلغ 145 كلم ثم يرتبط بطريق البطحاء البصرة السريع والذي يبلغ طوله 240 كلم ويصب في مركز مدينة البصرة»، مشيرا إلى أن «الطريق يتألف من جانبين للمرور ذهابا وإيابا ويبلغ عرض كل جانب 15 مترا، فيما يبلغ عرض الجزرة الوسطية عشرة أمتار، والأكتاف الجانبية للطريق يبلغ عرضها ثلاثة أمتار، مع وجود جسور للمركبات على طول الطريق».

ويخشى الأميركيون أن تستهدف مواكبهم المنسحبة من مدن عراقية متفرقة على هذا الطريق الذي تنتشر على جانبيه بساتين وأراض جرداء وعدد محدود من القرى، خصوصا عبر إقدام ميليشيات مسلحة على زرع عبوات ناسفة.

ويقول كريسمان «عندما يقع انفجار بعبوة ناسفة مثلا، نتصل بالشيخ المسؤول عن منطقة الحادث». ويتابع «نسأله عما حدث ونقول له: هذه مسؤوليتك، لماذا ندفع لك إذا لم تقم بواجبك؟».

وكثفت الميليشيات المسلحة الصيف الماضي عملياتها ضد الجنود الأميركيين خصوصا في بغداد والمناطق الجنوبية، حيث قتل في يونيو (حزيران) 23 جنديا أميركيا، مما جعله الشهر الذي تسجل فيه أفدح خسائر للقوات الأميركية منذ ثلاث سنوات.

ويروي أبو محمد الجبوري أحد وجهاء عشيرة الجبور أنه «مع نهاية عام 2007، تم تشكيل مجموعات لحماية الطرق الخارجية من قبل العشائر وبالاتفاق مع القوات الأميركية».

ويشير إلى أنه «جرى تخصيص رواتب شهرية تغطي نفقات كل كيلومتر واحد إذ تم تعيين مجموعات حماية لا يقل عدد أفرادها عن عشرة أشخاص لكل كيلومتر».

وبحسب الجبوري، فقد «تراوحت الرواتب الشهرية بين 500 و700 دولار للعنصر الواحد كان يدفعها الأميركيون».

لكن الجبوري يؤكد أنه في منتصف 2008، تم تحويل مجموعات حماية الطرق الخارجية من أبناء العشائر إلى «لجنة المصالحة الوطنية وأصبحت اللجان الأمنية في مجالس المحافظات والأقضية والنواحي تشرف على عملهم مباشرة ويتلقون تعليماتهم من الجيش العراقي والشرطة الوطنية». ويشدد على أنه «بذلك انقطعت علاقة مجموعات حماية الطرق الخارجية من أبناء العشائر بالقوات الأميركية بشكل كامل، علما أنهم لا يزالون يمارسون عملهم في حماية الطرق والحفاظ على المارة من عصابات السرقة والسلب ويتلقون رواتب من وزارة المصالحة الوطنية».

وإلى جانب تأمين الطريق السريع، يعمل الجنود الأميركيون المتمركزون في قاعدة البصرة وعددهم نحو 500، على تسليم أجزاء منها إلى الجيش العراقي، وأجزاء أخرى إلى وزارة الخارجية الأميركية التي سيعمل موظفوها بحسب كريسمان في «أكبر قنصلية أميركية بالعالم»، والأمم المتحدة.

ويقول كريسمان إن «عملية التسليم في هذه القاعدة أكثر تعقيدا من تلك التي جرت وتجري في قواعد أخرى لأننا نسلم هذه القاعدة إلى مجموعة من الكيانات المختلفة»، مضيفا «سنؤمن خروج المواكب الأخرى، ثم نتبعها إلى الخارج (الكويت)، ونغلق بعد ذلك الباب خلفنا».