توقعات بتراجع فرص المسيحيين والمرأة في جولة الإعادة

دعوى قضائية لوقف إجراء باقي المراحل بسبب استخدام الأحزاب الإسلامية للدين في الدعاية

طالبات محجبات أمام مدخل كنيسة قبطية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

كشفت نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية في مصر التي جرت الأسبوع الماضي عن غياب كامل للمرأة المصرية عن جولة الإعادة التي تجري اليوم (الاثنين)، بالإضافة إلى تضاؤل فرص فوز المرشحين المسيحيين في هذه الجولة. ورغم تبقي مرحلتين في الاستحقاق الانتخابي فإن خبراء توقعوا أن يستمر تراجع الظهور النسائي والمسيحي في المشهد السياسي عبر المراحل القادمة.

وجرى التنافس في المرحلة الأولى للانتخابات على 168 مقعدا، بواقع 56 مقعدا للنظام الفردي و112 مقعدا لنظام القوائم، بنسبة الثلث والثلثين على التوالي. وأسفرت نتائج الجولة الأولى عن فوز أربعة مرشحين رجال (اثنان منهم من الإخوان المسلمين) بمقاعد الفردي، فيما تجري جولة الإعادة على 52 مقعدا.

ويخوض 104 متنافسين جولة الإعادة، من بينهم 4 مسيحيين، اثنان منهم في محافظة أسيوط بصعيد مصر، التي تعد معقلا رئيسيا للجماعة الإسلامية، رغم أنه يقطنها الكثير من المسيحيين، بالإضافة لمرشح في القاهرة وآخر في محافظة البحر الأحمر.

وقالت نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، «إن الانتخابات هذه المرة لها نظام حسابي معقد»، مضيفة أن «النظام القانوني للانتخابات ساهم بشكل كبير في خروج المرأة المصرية من المشهد السياسي، هذا بخلاف الخطاب الديني بطبيعة الحال». لكنها أوضحت أن أسباب فشل المرأة بين النظام الفردي تختلف عن أسباب فشلها في نظام القائمة المعمول به حاليا.

ولا يلزم القانون الانتخابي المصري الأحزاب السياسية بوضع عدد معين من النساء على قوائمها، أو بتحديد مكانها في القائمة نفسها، ما جعل أحزابا كثيرة تضع مرشحاتها، تحت ضغط التنافس الانتخابي الشرس، في مواقع متأخرة من قوائمها الانتخابية.

وكان تعديل قد أدخل على الدستور المصري عام 2007 أجاز وجود حد أدنى لتمثيل المرأة في البرلمان، نظمه لاحقا قانون أوجب تمثيل المرأة بـ64 مقعدا، وحافظ الإعلان الدستوري على وضع خاص للمرأة، لكن القانون الذي نظم الأمر لم ينعكس إيجابيا لصالحها، وفقا للمراقبين.

وأرجعت أبو القمصان فشل أي امرأة في الحصول على ثقة الناخبين في الجولة الأولى على النظام الفردي، لأسباب إدارية وأخرى ثقافية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الدوائر كبيرة جدا وتعادل 5 أضعاف مساحة الدوائر في الانتخابات السابقة، وهو ما يضع عوائق على المرأة في الدعاية ويفرض عليها منافسة أكثر شراسة وتعقيدا».

وحول وضع المسيحيين في البرلمان القادم، اعتبرت أبو القمصان أن الخطاب الديني ساهم في خروج المسيحيين من اللعبة السياسية بشكل كبير، وقالت: «رأيت بعيني بعض مندوبي المرشحين، يحذرون الناخبين من التصويت لمرشحين بعينهم لأنهم مسيحيون».

من جانبه، قال المفكر المسيحي كمال زاخر، إن تراجع المرشحين المسيحيين يرجع إلى الاحتقان الطائفي الموجود بعد الثورة أكثر منه قبلها، مرجعا ذلك بسبب الجدل حول الاستفتاء الدستوري، وأحداث الهجوم على الكنائس، وأحداث ماسبيرو.

وأضاف زاخر لـ«الشرق الأوسط»: «التيارات الإسلامية تتبنى نظرية (كثير من الشعارات، قليل من الخطط)، وفي مناخ ثقافي ضحل ومحتقن دينيا بالأساس، يمكن لهم إقناع الآخرين عبر الخطاب الديني».

ويرى زاخر أن الحل لا يكمن في فرض كوتا محددة للمسيحيين ولكن في تكريس الديمقراطية وتدعيم الدولة المدنية، قائلا إن «الأهم الآن الحديث عن الدولة المدنية وليس عن تمثيل المسيحيين في البرلمان»، وتابع «أن الدولة المدنية هي خير ضامن بالأساس لحقوق المسيحيين وليس تمثيلهم في البرلمان».

وطرح فوز الإسلاميين بنسبة كبيرة في المرحلة الأولى للانتخابات تساؤلات حول وضع المسيحيين في مصر والتشريعات الخاصة بالأزمات الطائفية التي تثار في مصر من وقت لآخر، مثل القانون الموحد لبناء دور العبادة وقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين.

من جانبه، أقام نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، وهو أحد المستشارين القانونيين للكنيسة الأرثوذكسية، دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، ضد رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته، طالب فيها بوقف إعلان نتيجة الانتخاب الفردي ونسب القوائم للانتخابات البرلمانية مستندا إلى مخالفة الدعاية الانتخابية للإسلاميين للإعلان الدستوري الصادر في مارس (آذار) الماضي، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وهي تشريعات تحظر استغلال الدين في العمل السياسي.

وقال جبرائيل لـ«الشرق الأوسط» إن «حزبي العدالة والحرية (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، والنور (ذا التوجه السلفي) اللذين اكتسحا مقاعد الفردي والقوائم في المرحلة الأولى هما حزبان دينيان، وفقا لما تم رصده من شعارات دينية قاما باستخدامها في الدعاية الانتخابية، بالإضافة إلى ما أعلنه بعض قيادات الحزب بشأن السياحة والتعامل مع المسيحيين والمرأة على أساس ديني بحت، الأمر الذي تكون معه تلك الانتخابات التي جاءت بفوز الإسلاميين ونتائجها مخالفة صارخة لمواد لإعلان الدستوري، ما يهدد شكل الدولة المدنية التي قامت ثورة 25 يناير على أساسها، ويهدد المواطنة بين أبناء الشعب الواحد». وأضاف جبرائيل: «رصدنا كل المخالفات التي ارتكبها أنصار الإسلاميين وقدمناها موثقة بالصور للجنة العليا للانتخابات، ولكننا لم نجد استجابة فقررنا إقامة دعوى قضائية لوقف الانتخابات».

واعتبر جبرائيل أن فرص المرشحين المسيحيين (4 مرشحين) في الفوز في جولة الإعادة للمرحلة الأولى منعدمة، بسبب سيطرة الإسلاميين على التصويت، وقال إن «سبب اكتساح الإسلاميين للانتخابات هو القلة العددية للكتلة التصويتية المسيحية التي تبلغ نحو 5 ملايين صوت في المراحل الثلاث، و1.5 مليون صوت في المرحلة الأولى، بينما يعتمد الإسلاميون على كتلة تصويتية أكبر من ذلك بكثير».