اليمن: تشكيل اللجنة العسكرية وولادة الحكومة وشيكة

هدوء في تعز بعد المواجهات

عبده الجندي
TT

شكل نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الأحد، اللجنة العسكرية المنوط بها مهمة رفع المظاهر المسلحة وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية بموجب اتفاق المبادرة الخليجية لانتقال السلطة، مما يفتح الباب أمام تشكيل حكومة الوفاق الوطني. وتنص الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية على تشكيل لجنة عسكرية لإعادة دمج وهيكلة القوات المسلحة اليمنية برئاسة نائب الرئيس اليمني وعضوية 14 ضابطا تتقاسمهم مناصفة كل من السلطة والمعارضة في البلاد.

وأصدر نائب الرئيس، الذي يمسك بموجب الاتفاق بالصلاحيات التنفيذية في بلاده، قرارا رئاسيا بتشكيل «لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار» برئاسته شخصيا، وذلك بحسب وكالة الأنباء اليمنية. وتضم اللجنة 14 عضوا، وكان يفترض أن تشكل في غضون 5 أيام من توقيع المبادرة الخليجية في الرياض في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت. وتضم اللجنة خصوصا وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة المنتهية ولايتها. كانت المعارضة قد اشترطت أن تشكل هذه اللجنة قبل تشكيل حكومة الوفاق على الرغم من الاتفاق مع الحزب الحاكم على توزيع الحقائب. وبرزت أهمية تشكيل هذه اللجنة خصوصا بعد التصعيد الدامي الذي شهدته مدينة تعز في الأيام الأخيرة.

وأكد المتحدث باسم أحزاب المعارضة محمد قحطان، لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق، أن المعارضة ستقدم أسماء وزرائها في الحكومة فورا بعد تشكيل اللجنة العسكرية، بينما أكد نائب وزير الإعلام عبده الجندي، أمس، أن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سيقدم أسماء وزرائه في الحكومة لاحقا. وسيرأس هذه الحكومة القيادي المعارض محمد سالم باسندوة.

من ناحية أخرى أكد مسؤول يمني وسفير الاتحاد الأوروبي لدى صنعاء التشكيل الوشيك لحكومة الوفاق الوطني، بينما ساد الهدوء، أمس، في تعز بعد أيام من القصف والمواجهات. وقال نائب وزير الإعلام عبده الجندي في مؤتمر صحافي في صنعاء: «حسب معلوماتي، الحكومة ستعلن اليوم»، مؤكدا أن إعلان الحكومة هو «بداية وقف الدماء».

وكانت المعارضة اتفقت مع الحزب الحاكم الخميس على تقاسم الحقائب في الحكومة التي سيرأسها القيادي المعارض محمد سالم باسندوة.

إلا أن التصعيد الدامي في تعز دفع بالمعارضة إلى اشتراط تشكيل اللجنة العسكرية أولا، إذ تأخر في تشكيلها نائب الرئيس اليمني بحسب الجدول الزمني لاتفاقية المبادرة الخليجية لانتقال السلطة. وقال الجندي: «لا أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام سيقصر في تقديم أسماء مرشحيه للحكومة اليوم (أمس)»، مع العلم أن الحكومة تشكل بالمناصفة بين الطرفين.

وحول شرط المعارضة بتشكيل اللجنة أولا، قال الجندي إن «بنود المبادرة متشابكة ومترابطة، وأي إنجاز في مجال هو إنجاز في المجال الآخر، واللجنة العسكرية ستشكل، لكن لندع نائب الرئيس يقوم بعمله». من جانبه، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، ميكيلي تشريفوني دورسو، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «حكومة الوفاق ستشكل خلال اليومين المقبلين، وإذا ما تمكنوا من إعلانها اليوم فهذا أفضل».

كما اعتبر السفير الذي يعد من أبرز الوسطاء في الأزمة اليمنية أن «الحكومة واللجنة العسكرية أولوية، وكلتاهما ستشكل في غضون اليومين المقبلين».

وعلى صعيد آخر، رأى تشرفوني دورسو أن التصعيد في تعز «جدي»، لكنه أكد أن «الأمور يمكن أن تظل تحت السيطرة مع التزام قوي من الأطراف»، وأضاف في هذا السياق: «سيكون هناك مشكلات، ولم يقل أحد إنه سيكون هناك معجزة وستهدأ الأمور بين ليلة وضحاها، ولكن أعتقد أن هذه المشكلات يمكن التعامل معها».

وأشار إلى أن الوضع في تعز «هادئ»، أمس (الأحد)، بعد أن توصلت لجنة تهدئة تشارك فيها أحزاب المعارضة ومحافظ تعز إلى اتفاقية هدنة. وكانت أعمال العنف في هذه المدينة الأكبر في اليمن من حيث عدد السكان، أسفرت عن مقتل 31 شخصا، بحسب مصادر طبية منذ ليل الأربعاء. وأفاد شهود عيان ومصادر محلية بأن الهدوء يسود تعز منذ مساء أمس (الأحد)، أي بعد إعلان الهدنة التي توصلت إليها لجنة التهدئة، وبعد توجيهات نائب الرئيس الذي يمسك بالصلاحيات التنفيذية في اليمن، بموجب اتفاق نقل السلطة، بوقف النار. وفي سياق متصل، أكد السفير الأوروبي أن «الانتخابات الرئاسية المبكرة»، التي دعا إليها نائب الرئيس في 21 فبراير (شباط) هي الموعد الأساسي في هذه المرحلة. وأشار إلى أن أبرز التحديات أمام تطبيق المبادرة الخليجية «هي إشراك الأطراف التي لم تشملها المبادرة الخليجية، خصوصا الشباب المحتجين والمتمردين الحوثيين والحراك الجنوبي»، والمطالب بالانفصال عن الشمال أو بحكم ذاتي في دولة اليمن الجنوبي السابق. أما التحدي الآخر فهو، بحسب تشيرفوني دورسو، «الأشخاص الذي سيحاولون تخريب» تنفيذ الاتفاق. وقال: «سيكون علينا أن نراقب هؤلاء ونحاسبهم».

وكان نائب وزير الإعلام اليمني، عبده الجندي، قد شن أمس (الأحد) هجوما لاذعا على قطر وأميرها، الذي اتهمه بتوزيع المال والسلاح في اليمن، وبـ«إباحة دم اليمنيين». وقال الجندي في مؤتمر صحافي في صنعاء: «يا أمير قطر، أتعبت هذا الشعب، أهلكته. بذلت المال والسلاح».

وتساءل: «لماذا إذن انسحبت من المبادرة الخليجية»، لانتقال السلطة في اليمن، معتبر أن هذا «يعني أنت تريد الدمار لهذا الشعب، ما الذي ستجنيه؟». وسبق أن اتهم مسؤولون يمنيون موالون للرئيس اليمني قطر بدعم المعارضة. وكانت قطر انسحبت من المبادرة الخليجية لانتقال السلطة في اليمن، في حين يعتقد أنها كانت تميل إلى موقف أقوى ضد الرئيس اليمني. وتوجه الجندي إلى القطريين بالقول: «يا أبناء قطر الأحرار، يا أبناء قطر العرب والمسلمين، راجعوا أميركم فقد أباح دماءنا وجوعنا. راجعوا هذا الأمير وحاسبوه على هذه الأموال التي يوزعها يمينا وشمالا»، كما شن هجوما على تغطية قناة «الجزيرة» للأحداث في اليمن. وقال إنها «تمثل أمير قطر.. الذي يريد أن يمحونا من على وجه الأرض».