شاليط أضرب عن الطعام فسارعت حماس إلى التخلص منه في صفقة التبادل

خاطفوه نصبوا كمينا للقوات الإسرائيلية لكنها في اللحظة الأخيرة لم تقع فيه

TT

كشفت مصادر عسكرية في إسرائيل لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن الجندي الإسرائيلي الذي كان أسيرا لدى حماس، أعلن إضرابا طويلا عن الطعام خلال الأشهر الأخيرة من أسره، وأن هذه الخطوة كانت من الأسباب التي حسمت قرار حركة حماس بالإسراع في توقيع صفقة تبادل الأسرى، لكي تتخلص من همه.

وقالت هذه المصادر، إن التحقيقات التي أجريت في الجيش الإسرائيلي، واعتمدت كثيرا على المحادثات الهادئة مع شاليط بعد إطلاق سراحه خلال الشهر ونصف الشهر الماضي، دلت على أن حياة شاليط أصبحت في أيام أسره الأخيرة في حالة خطر، وأن نقصا شديدا وخطيرا في الغذاء بدأ يظهر عليه نتيجة لامتناعه عن تناول الطعام، وأن هذا التطور أدخل خاطفيه في حالة ضغط عصبية، فحدث ذلك الانعطاف في موقف حماس خلال المفاوضات، وسارعت إلى قبول الموقف الإسرائيلي الأخير من شروط تنفيذ الصفقة.

وأكدت هذه المصادر، أن شاليط استرد عافيته منذ إطلاق سراحه، من الناحية الجسمانية والنفسية، أكثر بكثير من التوقعات. وهو يتجاوب مع المحققين العسكريين، الذين يحاولون معرفة ما مر عليه بالتفصيل خلال فترة أسره، التي دامت 1941 يوما، حتى يستفيدوا من الدرس ويعرفوا كيف يتعاملون مع مثل هذه الحالات.

ويتضح من هذه التحقيقات أن شاليط أسر وهو مصاب، بعد أن كانت خلية فلسطينية تسللت إلى إسرائيل من قطاع غزة عبر نفق صغير، وفجرت الدبابة التي كان يستقلها هو وجنديان آخران. وقد تمكن الجنديان من الخروج سالمين، رغم الحريق الذي نشب من حولهما، لكن المسلحين الفلسطينيين أطلقا الرصاص باتجاههما فقتلا على الفور. وبقي شاليط داخل الدبابة، فأخرجه الفلسطينيون وسحبوه جريحا إلى قطاع غزة.

وحسب أقوال شاليط، فإن خاطفيه لم يعذبوه أبدا. وباستثناء صفعات خفيفة في البداية، كان تعاملهم معه إنسانيا. فوفروا له الغذاء والشراب وأحضروا له ماكينة مشي، كي يحافظ على لياقته البدنية. وأخفوه في بيت مظلم معظم الوقت تحت الأرض، تدخله أشعة الشمس في أوقات قليلة، عبر نافذة عالية. وزودوه بمذياع. ولم ينقلوه من هذا البيت طيلة مدة أسره. وحتى اليوم لا تعرف إسرائيل موقع هذا البيت، لأن حماس أجرت عدة ألاعيب تمويه لدى إطلاق سراحه.

وكشفت التحقيقات عن الاحتياطات الذكية التي اتبعتها حماس لإبقاء شاليط بعيدا عن أنظار المخابرات الإسرائيلية وعملائها. فحرصت على وضع أربعة حراس دائمين له، لم يفارقوه أبدا منذ أسره قبل خمس سنوات ونصف السنة. وقال شاليط إن الأربعة كانوا محبوسين مثله، عمليا. وقد تمكن من معرفة شيء واحد عنهم، هو أنهم جلبوا خصيصا لهذه المهمة من الخارج. لا توجد لأي واحد منهم عائلة داخل فلسطين، ولذلك لم يكن ممكنا لإسرائيل أن تعرف عنهم شيئا ولا أن تراقب تحركات أي منهم.

كما كشفت أن حماس بإرشاد من الحرس الثوري الإيراني، وفي إطار حرب الأعصاب مع إسرائيل، خططت لعملية تمويه قاتلة؛ إذ مررت معلومات لإسرائيل تفيد بأن شاليط محتجز في بيت ما في قطاع غزة، وتم تفخيخ هذا البيت بالألغام. وكانت الخطة أن تصل قوات إسرائيلية إلى هذا البيت وتدخل إليه لكي «تحرر» شاليط، فيتم تفجير البيت فوقها. وكادت تنجح الخطة، لولا أن قيادة الجيش أجرت فحصا معمقا لحالة هذا البيت فاكتشفت أنه مهجور وبعيد عن التجمعات السكانية. فقررت التروي. وتبين لها المطب، فلم تقع فيه، فقط في اللحظة الأخيرة.

وقالت الصحيفة، إن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، وبعد اطلاعه على هذا التقرير، أمر بإقامة لجنة تحقيق «تفحص ما جرى وما لم يجر»، بهدف الإفادة من التجربة. فهو يريد أن يعرف لماذا فشلت المخابرات في اهتداء إلى مكان شاليط، وما نجم عن ذلك من إخفاقات في العمل على تحريره بعملية عسكرية. ولماذا لم تتم إقامة طاقم خاص لهذا الغرض. وكيف يمكن التفسير للجنود الإسرائيليين في المستقبل، أن شاليط احتجز نحو ست سنوات في مكان لا يبعد عن إسرائيل أكثر من بضعة كيلومترات، ومع ذلك تمكنت حماس من إخفائه وإبقاء كل المعلومات عنه سرية.