دس بيانات المرشحين في الصحف أحدث وسائل الترويج لإسلاميي مصر

سلفيو مطروح رفضوا نشر صورهم في الدعاية الانتخابية لأن «التصوير حرام»

TT

«دس البيانات في صحف الصباح» هو آخر تقاليع و«اجتهادات» إسلاميي مصر في الدعاية الانتخابية التي تنتهي الإعادة لجولتها الأولى مساء اليوم الثلاثاء، في وقت بدأ فيه السلفيون يثيرون مزيدا من اللغط، خاصة بعد أن رفض سلفيو مدينة مرسى مطروح المرشحون للبرلمان في المرحلة الثالثة نشر صورهم في الدعاية الانتخابية مستندين على فتاوى لهم يقولون فيها إن «التصوير حرام».

وفي القاهرة يقول سماسرة الانتخابات المنتشرون في كل الدوائر إن العملية التي ابتكرها مرشحون من التيار الإسلامي، وهي دس أوراق البيانات الانتخابية في الصحف من أجل وصولها إلى القراء، تعتبر من وسائل الدعاية الانتخابية المعقدة التي تحتاج إلى جهد كبير؛ لذلك تتم الاستعانة في هذه العملية بأطفال الشوارع الذين لا مأوى لهم مقابل 50 جنيها. ومن بين هؤلاء الأطفال من يخرج أساسا إلى الشارع للانخراط في أي عمل لإعالة أسرته.

وفي طقس شديد البرودة بعد منتصف ليل القاهرة بقليل، جلس الطفلان أسامة محمد (12 عاما) ورضا سيد (11 عاما) بجوار كومة من الصحف التي يعرضها بائع يفترش الرصيف في شارع مصطفى النحاس بضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة)، ليضعا أوراق دعاية تخص مرشحين ينتمي أحدهما لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والثاني مستقل ومدعوم من التيار السلفي، وسط أوراق كل صحيفة، مقابل 50 جنيها يوميا للطفل، وهو مبلغ كبير لمثل هؤلاء الأطفال المعوزين.

ومثل هؤلاء الأطفال لم يلتحق بالمدارس.. ويعمل الطفلان أسامة ورضا في بيع المناديل الورقية للسيارات المتوقفة في إشارات المرور، لكنهما منذ بداية موسم الانتخابات وهما يعملان تارة في توزيع أوراق الدعاية على السيارات أو وضعها في صناديق البريد في مداخل البنايات أو في وضعها بين طيات الصحف. ويقول أسامة: «لا أهتم بهوية هذا المرشح أو ذاك، كل ما يعنيني أن أحصل على أجري مقابل العمل الذي يستمر نحو 3 ساعات»، مضيفا أن «المطلوب مني هو أن أضع ورقتين تحملان صور المرشحين وبرامجهم الانتخابية داخل كل صحيفة، ليجدها القارئ عند شراء الصحيفة». أما رضا فيقول: «أقوم بهذا العمل منذ 10 أيام.. والعمل بسيط ومجزٍ، والنقود التي أحصل عليها أساعد بها أسرتي»، موضحا أن يوم الانتخابات تكون مهمته هي توزيع أوراق الدعاية أمام اللجان الانتخابية. وأحرز مرشحو التيار الإسلامي تقدما في انتخابات المرحلة الأولى؛ حيث جاءت قائمة جماعة الإخوان على رأس الفائزين، يليها مرشحو التيار السلفي.

ويوضح إبراهيم عبد الله، بائع الصحف في شارع مصطفى النحاس، لـ«الشرق الأوسط»، أنه حصل على مبلغ مالي من أنصار المرشحين، رفض الإفصاح عنه، مقابل وضع أوراق الدعاية في الصحف التي يبيعها، موضحا أنه قبل الجولة الأولى كان هناك أكثر من مرشح يأتون إليه لوضع الدعاية الخاصة بهم، لا سيما أن عدد المرشحين كان يتجاوز المائة مرشح.

وأوضح أن بعض المرشحين كان يطلب وضع أوراق الدعاية الخاصة به في صحف معينة ذات نسبة قراءة عالية، بينما كان آخرون يطلبون وضع دعاياتهم في الصحف كلها.

ويقول ممدوح يوسف، موظف بإحدى شركات الطيران، يقطن بمدينة نصر: «اعتدت أن أشتري الطبعة الأولى من الصحف ليلا، وأجد بها نحو 15 ورقة من أوراق الدعاية للمرشحين، وهو الأمر الذي يسبب لي إزعاجا شديدا، كلما أمسكت صحيفة تساقطت منها أوراق الدعاية والبيانات»، مضيفا: «أخشى أن أفتح صنبور المياه يوم الانتخابات فتنزل منه أوراق الدعاية».

وفي مدينة مرسى مطروح، الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر شمال غربي القاهرة، بدا أن السلفيين في تلك المدينة السياحية أكثر تشددا من غيرهم في باقي المدن، خاصة بعد أن رفض مرشحو التيار السلفي للبرلمان في المرحلة الثالثة نشر صورهم في الدعاية الانتخابية مستندين إلى فتاوى لهم يقولون فيها إن «التصوير حرام»، وهي فتاوى لم يلتزم بها التيار السلفي في القاهرة والجيزة وغيرهما.

كان التيار السلفي في المدن المصرية الكبرى قد منع ظهور صور للسيدات السلفيات المرشحات، ووضع مكان صور كل مرشحة وردة أو صورة لزوجها باعتباره «زوج المرشحة» لكن منع ظهور صور الرجال أنفسهم اتبعه التيار السلفي في مدينة مرسى مطروح، وخلت لافتات الدعاية وأوراق الترويج للمرشحين السلفيين من صور أي من الرجال المرشحين، باعتبار أن التصوير في حد ذاته «حرام شرعا».