للتوتر الحدودي برفض الرئيس التونسي التوقيع على مرسوم بتسليم المحمودي

مسؤول ليبي لـ «الشرق الأوسط»: لا علاقة

TT

في محاولة من المجلس الوطني الانتقالي والحكومة الليبية الجديدة لتصحيح الأوضاع مع تونس بعد التوتر الحدودي الأخير بين الطرفين، أعلن أمس فوزي عبد العال وزير الداخلية الليبي استعادة قوات تابعة للحكومة الليبية السيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، كما تعهد بأن تظهر وزارته ما سماها «هيبة القانون والدولة».

وأكد عبد العال خلال مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة الليبية طرابلس أن المعبر الحدودي مع تونس بات بالكامل تحت سيطرة وزارة الداخلية الليبية، مشيرا إلى أنه سيتم إعادة فتح المعبر أمام حركة التنقل مجددا بين البلدين خلال أسبوع واحد بعد ترتيبات أمنية سيتم اتخاذها، لكنه لم يفصح عنها.

وكان هذا المعبر الذي يقع على بعد 180 كلم غرب طرابلس ويعبره يوميا آلاف المواطنين من البلدين، قد أغلق الأسبوع الماضي بعد اشتباكات حدودية مفاجئة.

وقال مسؤول في المجلس الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس بدأ بالفعل في تنفيذ خطة عسكرية أمنية مشتركة لمنع أي مزيد من أعمال العنف على الحدود المشتركة مع تونس، نافيا أن تكون هناك أي علاقة بين هذا التوتر المفاجئ وإعلان الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع، مؤخرا في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي التونسي أنه لن يوقع مرسوما يقضي بتسليم الدكتور البغدادي المحمودي آخر رئيس حكومة في حقبة القذافي، إلى المجلس الانتقالي الليبي خشية تعرضه للتعذيب.

وقال المبزع إن المرسوم لم يصل إليه بعد، وإنه لن يوقع عليه إن وصل إليه، مؤكدا أنه سيترك النظر في هذه المسألة إلى رئيس تونس المقبل، في رد على مطالبة المجلس بتسلم المحمودي الذي تلاحقه العدالة الليبية بتهم تتعلق بالفساد المالي والتحريض على اغتصاب نساء ليبيات.

وكانت محكمة الاستئناف التونسية قد أصدرت مؤخرا، حكمين منفصلين بتسليم المحمودي إلى العدالة الليبية، لكن قرارات هذه المحكمة غير القابلة للطعن، لا تصبح نافذة إلا بعد توقيع الرئيس التونسي على مراسيم قانونية في غضون شهر من تاريخ صدور الحكم، وفقا للقانون التونسي.

وكان نائب رئيس الوزراء الليبي مصطفى أبو شاقور، قد أعلن عقب اجتماع عقدته الحكومة الليبية الانتقالية أن وزيري الداخلية والدفاع الليبيين يضعان خطة لتأمين هذين المعبرين الحدوديين وكذلك لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى.

وألقى شاقور باللوم في التوتر الحدودي الراهن بين ليبيا وتونس، على أشخاص وصفهم بأنهم غير مسؤولين ويتحملون المسؤولية عما جرى على مدى اليومين الماضيين.

وكان وزير الداخلية التونسي الحبيب الصيد قد أجرى أمس اتصالا هاتفيا مع نظيره الليبي أبلغه خلاله عميق انشغاله إزاء استمرار الخروقات والتعدي على حرمة التراب التونسي وأمنه.

وقالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن وزير الداخلية الليبي أعرب عن عميق امتنانه لجهود تونس حكومة وشعبا من أجل دعم الشعب الليبي، مشددا على أن هذه الخروقات يجب أن لا تعكر صفو العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين.

وأكد عبد العال تعهد الجانب الليبي باتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد لأي عمل من شأنه أن يمس حرمة التراب التونسي ويعرض سلامة الجيش والأمن التونسي وأمن السكان للخطر.

وعبر عن التزام السلطات الليبية بوضع المعابر الحدودية المشتركة بين البلدين، خلال هذا الأسبوع، تحت مسؤولية مسؤولين من الشرطة والجيش والجمارك الليبية لمنع تكرار مثل هذه الأحداث.

وأعلنت تونس رسميا في أعقاب اجتماع عقده قبل يومين، الرئيس المبزع مع قادة المؤسستين العسكرية والأمنية، عن غلق المعابر الحدودية مع ليبيا تفاديا لحدوث ما لا تحمد عقباه.

وتبادل الجانبان الليبي والتونسي المسؤولية عن وقوع هذه الاضطرابات غير المتوقعة على حدود الجارين اللذين يمران تقريبا بالظروف نفسها عقب الإطاحة بنظام حكم القذافي في ليبيا وحليفه السابق الرئيس التونسي زين العابدين بن على في تونس.

وتحدثت مصادر تونسية عن تعرض عدد من التونسيين للاعتداء وتهشيم سياراتهم بمنطقة نالوت ومدن الجبل الغربي في ليبيا، فيما قالت مصادر ليبية إن ليبيين اشتكوا من ممارسات خاطئة لحرس الحدود في الجانب التونسي.

وتبرز هذه الوقائع حالة غياب القانون في ليبيا بعد ثلاثة أشهر من دخول الثوار طرابلس. ولم تنزع الحكومة الانتقالية بعد السلاح ولم تشكل جيشا وطنيا واحدا من الميليشيات التي لا تزال تجوب البلاد ويشتبك بعضها مع بعض.

وتدخل أغلب السلع طرابلس عبر الحدود التونسية، كما أنها نقطة عبور رئيسية لأشخاص كثيرين يسافرون من وإلى العاصمة الليبية.

يشار إلى أن تونس استقبلت على أراضيها عشرات آلاف الليبيين الفارين من الحرب في بلادهم قبل الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، وهي تستقبل عادة مليون زائر ليبي سنويا.