انطلاق مؤتمر مستقبل أفغانستان في بون بمشاركة 100 دولة

كرزاي: سنبقى بحاجة إلى المساعدة الدولية حتى 2024 > إيران تطالب بسحب جميع القوات الدولية من الأراضي الأفغانية

ممثلو الدول المشاركة في مؤتمر بون حول أفغانستان يتوسطهم في الصف الأول الرئيس حميد كرزاي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (رويترز)
TT

افتتح أمس في مدينة بون الألمانية المؤتمر الدولي حول مستقبل أفغانستان، بمشاركة نحو ألف مندوب من جميع دول العالم، والكثير من المنظمات الدولية، باستثناء باكستان التي أعلنت مقاطعتها لهذا المؤتمر احتجاجا على الغارة الجوية، التي شنها حلف شمال الأطلسي فوق أراضيها، وراح ضحيتها 28 جنديا باكستانيا.

وقال وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيلي، قوله، في كلمة خلال المؤتمر، إن الالتزام الدولي من أجل أفغانستان سيستمر بعد انسحاب القوات بنهاية عام 2014، وإن أفغانستان ومواطنيها بحاجة إلى التزام موثوق بتقديم دعم بعيد الأمد خلال العقد المقبل بعد عام 2014.

ويهدف الشركاء الدوليون لأفغانستان إلى ترك حكومة قوية بما يكفي للإفلات من مصير سابقتها خلال العهد السوفياتي، التي انهارت في حرب أهلية عام 1992، وتم في نهاية الأمر اعتقال رئيسها وإعدامه على يد حركة طالبان لدى اجتياحها كابل عام 1996. وقال فيسترفيلي للمبعوثين: «يجب ألا نكرر أخطاء التاريخ. هذا لن يكون نهاية الوجود الدولي في أفغانستان، لن ننسى الأفغان بعد 2014. ارتباطنا سيستمر، ويسعى المؤتمر الدولي الذي تستضيفه بون إلى رسم مستقبل أفغانستان بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي منه في عام 2014».

إلا أن أي آمال بالنجاح باتت محدودة بعد مقاطعة باكستان وطالبان. وقال فسترفيلي خلال عشاء عشية المؤتمر شارك فيه الرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون: «لن ننسى أفغانستان بعد عام 2014».

وأضاف: «التزامنا سيستمر لكنه سيكون مختلفا، وسيركز بشكل أكبر على إعادة الإعمار والتنمية». ومن ضمن المشاركين في المؤتمر وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيريها الأفغاني زلماي رسول والإيراني علي أكبر صالحي.

وينتشر قرابة 140 ألف جندي ضمن القوات الدولية في أفغانستان. ومن المقرر أن تغادر كل القوات القتالية للحلف الأطلسي بحلول نهاية 2014، على أن تتولى كابل مسؤولية الأمن في البلاد.

إلا أن باكستان وطالبان اللتين يفترض أن تشاركا بشكل أساسي في الجهود المبذولة، من أجل التوصل إلى وقف العنف في أفغانستان, أعلنتا امتناعهما عن المشاركة في مؤتمر بون.

واتى موقف إسلام آباد إثر مقتل 28 جنديا باكستانيا نتيجة غارة للحلف الأطلسي انطلاقا من أفغانستان, مما أثار غضبا شديدا. ومساء أول من أمس (الأحد)، اتصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بنظيره الباكستاني، وأعرب له عن أسفه «للخسائر المؤسفة», وأكد أن سقوط الضحايا لم يكن متعمدا، إلا أن إسلام آباد ظلت على موقفها.

وأعربت كلينتون، التي وصلت أمس، عن أسفها للمقاطعة، لأن لباكستان برأيها لها مصلحة في استقرار واستتاب الأمن في أفغانستان, إلا أن مرافقيها نفوا أن تؤثر المقاطعة على نتائج المؤتمر.

كما ان حركة طالبان اعتبرت أن المؤتمر «سيرسخ الاحتلال في أفغانستان».

وكانت المصالحة الوطنية بالإضافة إلى انتقال المسؤولية الأمنية إلى أفغانستان بعد رحيل القوات الأجنبية في نهاية عام 2014، على رأس جدول أعمال المؤتمر.

إلا أن الآمال بالنجاح تراجعت بعد انهيار الاتصالات الأولية، وبعد اغتيال الرئيس السابق برهان الدين رباني، مبعوث كرزاي السابق للسلام في سبتمبر (أيلول)، واتهام طالبان بالوقوف وراءه.

واتهم كرزاي الذي يترأس المؤتمر, في مقابلة مع صحيفة ألمانية، في باكستان، بزعزعة محاولاته للتقرب من طالبان. وأمضى مسؤولون من الوفود غالبية نهاية الأسبوع وهم يتباحثون في البيان الختامي، الذي من المفترض أن يحدد «الالتزامات الثنائية» من قبل أفغانستان والأسرة الدولية بعد عام 2014.

وقال دبلوماسيون إن الدول الغربية ستسعى بشكل خاص إلى تبديد مخاوف كابل، التي تخشى أن تؤدي مخاطر حصول انكماش اقتصادي عالمي إلى صرف الانتباه عن التحديات الهائلة، التي تواجهها أفغانستان، حيث يدور نزاع دموي, وإلى الإسراع في الانسحاب من هذا البلد.

وأدت العمليات الانتحارية والعبوات الناسفة اليدوية الصنع وغيرها من الهجمات إلى مقتل مئات المدنيين كل عام, ويخشى عدد كبير من الأفغان أن يتدهور الوضع الأمني بعد عام 2014، أو أن تعود الحرب الأهلية مجددا.

من جهته، أكد وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أمس، أن إيران تعارض وجود قوات أجنبية في أفغانستان المجاورة لما بعد 2014، قائلا إن استمرار نشر هذه القوات لن يساعد في استقرار أفغانستان.

ويتوقع مسؤولون غربيون أن تقوم قوات الائتلاف الأجنبية بدور بعد ذلك الموعد المتفق عليه لرحيل أغلب القوات الأجنبية. وقال صالحي متحدثا في مؤتمر دولي عن أفغانستان: «تسعى دول غربية معينة لتمديد وجودها العسكري في أفغانستان لما بعد 2014، من خلال الإبقاء على قواعدها العسكرية هناك. ونحن نرى أن مثل هذا الأسلوب يتعارض مع جهود الحفاظ على الاستقرار والأمن في أفغانستان».

وقال: «نعتقد أن أي مبادرة دولية أو إقليمية لاستعادة السلام والأمن في أفغانستان قد تكون ناجحة، إذا تخلوا عن وجود قوات عسكرية أجنبية وخصوصا, إقامة قواعد عسكرية أجنبية في أفغانستان». ولم تتوصل واشنطن وكابل بعد لاتفاق سيسمح ببقاء بعض القوات في أفغانستان بعد عام 2014.

وقال صالحي إن إيران تدين ما وصفه بانتهاك حقوق الإنسان من جانب القوات الأجنبية في أفغانستان، بما في ذلك شن هجمات على مناطق سكنية. وقال إن الوجود العسكري الأجنبي فشل على مدار السنوات العشر الماضية في اقتلاع جذور الإرهاب، بل زاد المشكلة سوءا.