منظمة دولية: انتهاكات «كثيرة» بينها «حشو صناديق الاقتراع» في انتخابات روسيا

واشنطن لديها «تخوفات جدية» من النتيجة.. وبوتين يخسر 77 نائبا

TT

أعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون، في بيان نُشر أمس، أن الانتخابات التشريعية الروسية التي فاز فيها حزب روسيا الموحدة شهدت «انتهاكات كثيرة» خلال فرز الأصوات، خصوصا «حشو صناديق الاقتراع».

وصرح البيان بأن «الانتخابات كانت منظمة بشكل جيد، إلا أن العملية تدهورت بشكل ملحوظ خلال فرز الأصوات الذي شهد انتهاكات كثيرة للعملية، خصوصا مع إشارات جدية بحصول حشو لصناديق الاقتراع». وأضافت المنظمة أن «المنافسة السياسية (كانت) محدودة وغير منصفة» خلال الحملة الانتخابية، وأشارت إلى «عدم استقلالية» السلطات الانتخابية ووسائل الإعلام.

بيد أن المنظمة أشارت إلى أنه على الرغم من هذه الجوانب الناقصة، فإن «الناخبين مارسوا حقهم في التعبير عن رأيهم». وصرح بتروس أفثيميو، أحد مسؤولي بعثة المراقبة، في بيان، أنه «لا بد من إجراء تغييرات لضمان احترام حرية الشعب». وأضاف: «لاحظت، خصوصا، تدخلا من جانب الدولة على كل مستويات الحياة السياسية، بالإضافة إلى غياب الشروط اللازمة لحصول منافسة عادلة وعدم تمتع وسائل الإعلام بالحرية». وأحصت وسائل الإعلام المستقلة ومنظمة «غولوس» غير الحكومية الروسية لمراقبة الانتخابات عمليات تزوير عدة طيلة يوم الأحد.

إلى ذلك، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس إن لدى الولايات المتحدة «تخوفات جدية» بشأن الطريقة التي أدارت بها روسيا الانتخابات التشريعية.

وقالت في مؤتمر صحافي «لدينا تخوفات جدية بشأن إجراء الانتخابات»، مشيرة إلى تقرير أولي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تحدث عن محاولات مفترضة لحشو صناديق الاقتراع بالأوراق وتزوير قوائم الناخبين.

وقالت إنها تتوقع أن يتم اطلاعها على التفاصيل بعد وصولها في وقت لاحق من الاثنين إلى مقر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في فيلنيوس.

وأضافت «كما أننا قلقون بشأن معلومات عن تعرض مراقبي انتخابات روس مستقلين للمضايقة، وعن تعرض مواقعهم الإلكترونية لهجمات».

كما أظهرت النتائج الرسمية للانتخابات الروسية أمس أن سكان جمهورية الشيشان صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح حزب روسيا الموحدة الحاكم في الانتخابات البرلمانية.

وأيد سكان الشيشان التي ظلت مركزا للتمرد الإسلامي لفترة طويلة الحزب الحاكم برئاسة ديمتري ميدفيديف بنسبة 99.48% في انتخابات أمس.

وأظهر الإحصاء الرسمي أن معدل الإقبال على التصويت في الإقليم بلغ 99.51%.

ولا تزال روسيا تحكم سيطرتها على الشيشان بواسطة قوات الجيش وبمساعدة الزعيم المحلي رمضان قديروف المتمرد السابق. واتهمت منظمات حقوقية دولية نظام قديروف باستخدام أساليب الدولة البوليسية للسيطرة على الشيشان ذات الغالبية المسلمة.

من جهتها، أشارت اللجنة الانتخابية المركزية الروسية إلى عدم تسجيل أي تزوير لافت خلال الانتخابات.

كان حزب روسيا الموحدة، بزعامة بوتين، قد مُني بنكسة في الانتخابات، لكنه يحتفظ، مع ذلك، بغالبية مطلقة في «الدوما» (مجلس النواب) بحسب نتائج نشرت الاثنين في أعقاب اقتراع مثير للجدل. وقد حصل حزب روسيا الموحدة، بموجب نظام معقد لتوزيع المقاعد مرتبط بكيفية الاقتراع، على 238 مقعدا من أصل 450، أي 12 مقعدا أكثر من الغالبية المطلقة؛ لذلك لن يكون الحزب بحاجة لأي تحالف لتشكيل الحكومة.

ونال الحزب الشيوعي، الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأحد، 92 مقعدا، بينما حصل حزب روسيا العادلة (وسط - يسار) على 64 مقعدا والحزب الليبرالي الديمقراطي (قومي) على 56، كما أعلن فلاديمير تشوروف، رئيس اللجنة الانتخابية المركزية.

واحتسب توزيع المقاعد النيابية على أساس عمليات الفرز في 96% من مراكز التصويت. وحصد حزب روسيا الموحدة 49.54% من الأصوات وهو مستوى مرتفع جدا لكنه يمثل تراجعا بنحو 15 نقطة مقارنة بالنتيجة التي حققها في انتخابات 2007 (64.3%).

كان حزب بوتين قد حصل آنذاك على 315 مقعدا في «الدوما»، ليخسر بذلك 77 نائبا وغالبية الثلثين التي سمحت له بتعديل الدستور. ولفتت الصحف الروسية أمس إلى أن هذه النتيجة ليست براقة بالنسبة للحركة التي يقودها فلاديمير بوتين التي كان يترأس لائحتها في الانتخابات التشريعية رئيس الدولة ديمتري ميدفيديف. واعتبرت صحيفة كومرسانت أن حزب «روسيا الموحدة فقد الغالبية الدستورية» و«سيترتب (عليه) البحث عن شركاء» في مجلس النواب. وعنونت صحيفة «فيدوموستي» صفحتها الأولى بـ«حزب الأقلية» عن روسيا الموحدة.

ولفتت الصحف إلى أن هذه النتيجة سجلت بفضل آلة إدارية في خدمة نظام بوتين نظمت عمليات تزوير ومارست ضغوطا على المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقلة. وكتبت «فيدوموستي»: «إذا كان المجتمع بحاجة إلى برهان على أن الانتخابات (مفبركة)، فإن هذا البرهان يكمن في عصبية السلطات ورد فعلها الهستيري حيال المحاولات المشروعة والسلمية لمراقبة سير عملية الاقتراع».

وأشارت الصحيفة، بصورة خاصة، إلى الهجمات الإلكترونية التي شلت مواقع منظمة غولوس غير الحكومية لمراقبة الانتخابات التي تتعرض أساسا لضغوط من جانب القضاء، ووسائل إعلام مستقلة مثل صحيفة «كومرسانت» وإذاعة صدى موسكو. وكان عدد منها لا يزال معطلا صباح أمس.