الصين تلمح إلى إمكانية عقد اتفاق بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري بحلول عام 2020

مفاوضوها في محادثات ديربان طرحوا شروطا تعجيزية لخفض الانبعاثات

شروط تعجيزية لخفض الانبعاثات
TT

لمح المفاوضون الصينيون في محادثات الأمم المتحدة التي أجريت هذا الأسبوع في جنوب أفريقيا، إلى احتمال قيامهم بالتفاوض على اتفاق ملزم قانونيا بشأن المناخ، ولكن المتطلبات التي وضعوها من أجل التوصل إلى هذا الهدف قد جعلت من الصعب إتمام مثل هذا الأمر.

وقد أشار اثنان من كبار المسؤولين عن المناخ في الصين، من خلال تصريحات منفصلة أدليا بها للصحافيين والجماعات غير الحكومية، أن الصينيين يمكن أن يشاركوا في محادثات تهدف إلى صياغة اتفاق جديد قابل للتنفيذ بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري بحلول عام 2020، حيث تعد هذه المسألة، جنبا إلى جنب مع مسألة ما إذا كانت البلدان الصناعية ستوافق على مجموعة جديدة من تخفيضات الانبعاثات بموجب معاهدة المناخ الحالية، والتي تم وضعها في عام 1997، بمثابة العقبات الرئيسية في محادثات المناخ الجارية حاليا في مدينة ديربان الساحلية.

ولكن يظل من غير الواضح مدى التزام الصين - التي تعتبر الآن المصدر الأكبر للغازات الدفيئة المرتبطة بتغير المناخ على مستوى العالم - إذا ما أصبحت طرفا في معاهدة دولية في المستقبل.

وقال سو وي، كبير المفاوضين الصينيين في محادثات المناخ، في مؤتمر صحافي يوم السبت: «إننا لا نستبعد احتمال توقيعنا على اتفاق ملزم قانونا، حيث إننا قد نقوم بذلك بالفعل، ولكن هذا يتوقف على ما ستسفر عنه المفاوضات».

وقد أوضح شيه تشنهوا، نائب رئيس اللجنة الصينية للتنمية والإصلاح الوطني، في اجتماع لاحق مع الجماعات البيئية يوم الأحد، ما تحتاجه بلاده قبل أن تبدأ في التفاوض على معاهدة ملزمة، حيث قام بذكر المطالب التي شكلت عائقا أمام المفاوضين على مدى السنوات القليلة الماضية، وفقا لما ذكره عدد ممن شاركوا في الاجتماع.

وقد شملت قائمة المطالب ضمان تحقيق أهداف تخفيض الانبعاثات الخاصة بفترة الالتزام الثانية بموجب بروتوكول كيوتو لعام 1997، وتقديم 30 مليار دولار في شكل مساعدات مناخ للدول الفقيرة بحلول نهاية عام 2012، وإيجاد طريقة لجمع 100 مليار دولار سنويا كمساعدات مناخ بحلول عام 2020، واستكمال تنفيذ عدة برامج تهدف إلى مساعدة الدول النامية على التعامل مع التغير المناخي وخفض انبعاثاتها، ووضع إطار دولي للإبلاغ عن انبعاثات الغازات الدفيئة، والقيام بمراجعة علمية بحلول عام 2015 لتحديد إذا كانت هناك حاجة للقيام بتخفيضات أكبر للانبعاثات، وصياغة ميثاق دولي يوضح أن الأمم المختلفة لديها «أهداف مشتركة ومسؤوليات متباينة» في أي اتفاق عالمي يتم عقدة.

وقد أشار ألدن ماير، مدير الاستراتيجيات والسياسات للجماعة الحقوقية المعروفة باسم «اتحاد العلماء المهتمين»، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، إلى أن «الصينيين يلمحون لأنهم يحاولون أن يكونوا مرنين وأنهم سيتفاوضون بصورة بناءة خلال الأسبوع المقبل»، وقد أضاف ماير، الذي حضر الاجتماع الذي عقد يوم الأحد مع شيه، قائلا: «بالنظر إلى ما قاله سو وي وشيه، يبدو أن الصين تظهر انفتاحا في الأخذ بعين الاعتبار وثيقة قانونية ملزمة للصين بدءا من عام 2020 تصدر عن مؤتمر ديربان».

ولكن كان هناك، مع ذلك، مفاوضون من عدة دول أخرى أكثر تشككا في إمكانية التوصل إلى تسوية شاملة مع الصين، التي على الرغم من اتخاذها إجراءات للحد من نتاجها من الكربون، فإنها كانت تقاوم فكرة تكريس هذه الالتزامات في إطار من المعاهدات والاتفاقات الدولية.

وقد أشار كوني هيديجارد، مفوض شؤون المناخ بالاتحاد الأوروبي، في رسالة قصيرة أرسلها عبر موقع «توتر» على شبكة الإنترنت مساء يوم الأحد، إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الصين قد تبنت سياسات ملزمة بشأن المناخ على المستوى المحلي أم على المستوى العالمي، وقد دعا الأوروبيون الدول التي شاركت في محادثات المناخ الخاصة بالأمم المتحدة، والتي يصل عددها إلى 200 دولة تقريبا، للدخول في معاهدة جديدة بحلول عام 2015، تكون قابلة للنفاذ بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ.

وكان من ضمن ما قاله هيديجارد في رسالته: «إن الوزير شيه قد تحدث بحرارة عن ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا، ولكن هل يعني هذا أن الصين سوف تكون هي أيضا ملزمة قانونيا؟».

ولم يتسن الاتصال بمسؤولين في الحكومة الصينية يوم الأحد للحصول على تعليق منهم، حيث رفض مسؤولو وزارة الخارجية الصينية التعليق على هذه المسألة، متعللين بأن المفاوضات لا تزال جارية.

وقال جيك شميدت، مدير سياسة المناخ الدولية للجماعة الحقوقية المعروفة باسم «مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية»، إنه إذا ما وافق المسؤولون الصينيون على التفاوض على معاهدة ملزمة، فإن ذلك سيضع ضغوطا على إدارة أوباما، التي كانت تجادل بأن تفاصيل مثل هذه الاتفاقية لا تزال بحاجة إلى تحديدها.

وقد كتب شميدت، الذي حضر الجلسة مع شيه، في رسالة عبر البريد الإلكتروني قائلا: «لم نتأكد بعد من ما إذا كان الصينيون سيقومون بالموافقة، خلال محادثات ديربان، على التفاوض بشأن معاهدة جديدة بحلول عام 2015، ولكنهم إذا فعلوا ذلك، فإنه سيجعلون من الصعب على الولايات المتحدة عرقلة الاتفاق، لمجرد أن كل جانب من جوانب شروطهم لم يتم الوفاء به».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»)