الصين ترسل مبعوثها للشؤون الأفريقية لحل النزاع حول صادرات النفط بين الخرطوم وجوبا

وزير الخارجية الجنوبي يطالب مجلس الأمن باتخاذ موقف من غزو الجيش السوداني للجنوب

TT

يصل ليو قوي جين المبعوث الصيني الخاص للشؤون الأفريقية إلى الخرطوم غدا (الخميس) ضمن زيارته إلى السودان وجنوب السودان، لدفع المحادثات بين البلدين لحل نزاعهما حول الصادرات النفطية. وأعربت الصين عن «قلقها لتعثر» المفاوضات بين السودان وجنوب السودان حول النفط.

وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط»: «إن المبعوث الصيني سيركز في مباحثاته مع الجانب السوداني على ملف الصادرات النفطية، ومن ثم يتجه إلى جوبا لإجراء مباحثات مع المسؤولين الجنوبيين حول الموضوع نفسه، بحثا عن حل النزاع القائم بين الخرطوم وجوبا حول تصدير النفط الجنوبي عبر الموانئ السودانية».

وأضافت المصادر أن «الصين قلقة للغاية من تعثر المفاوضات حول النفط خلال جولات التفاوض في أديس أبابا، في إطار الوساطة الأفريقية في هذا الشأن».

وقال هونج لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي أوردته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أول من أمس: «الصين قلقة بشأن التوتر الحالي بين شمال السودان وجنوبه خاصة في ظل تعثر المفاوضات حول النفط والموضوعات المتصلة».

وجاءت تصريحات المسؤول الصيني بعدما أعلنت وزارة النفط السودانية أخيرا أن الخرطوم قررت وقف تصدير النفط من جنوب السودان عبر أراضيها حتى تقوم جوبا بدفع ديونها المتأخرة عن أربعة أشهر وتبلغ 727 مليون دولار.

ويرى مراقبون أن القرار زاد من التوتر بين الجانبين فيما يتعلق بمشاركة عائدات النفط الذي يتم إنتاجه في الجنوب ويصدر عبر خطوط أنابيب وموانئ السودان. وقال هونج الذي وصف النفط بشريان الحياة الاقتصادي للسودان وجنوب السودان، إن المصالح المشتركة للبلدين «تقتضي الحفاظ على إنتاج النفط بشكل طبيعي». وأضاف «نتوقع من الجانبين أن يلتزما بضبط النفس وحل النزاعات عن طريق المشاورات والمفاوضات وضمان السلام بين الشمال والجنوب».

إلى ذلك، طالبت دولة جنوب السودان الحكومة السودانية إلى سحب قواتها من بلدة (جاو) في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وأن تطلق سراح جنود الجيش الشعبي الذين اعتقلوا في منطقة (ام دوليش) السبت الماضي، ونددت ما سمته بغزو القوات المسلحة للأراضي الدولة الجديدة. ودعت مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرارات لوقف الاعتداءات وممارسة ضغوط على الخرطوم لاحترام سيادة حدودها وأراضيها ووقف الاعتداءات المتكررة عليها، في وقت نفى المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية زيارة رئيس وزرائها إلى جوبا اليوم، حسب ما نقلته وسائل الإعلام العربية أمس.

وقال نيال دينق نيال وزير الخارجية في جنوب السودان في مؤتمر صحافي عقده في جوبا أمس إن القوات المسلحة السودانية قد هجمت على بلدة (جاو) في ولاية الوحدة بلواء من المشاة وباليات ثقيلة السبت الماضي وقامت باحتلالها، معتبرا أن ذلك قاد إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.

وأضاف نيال أن حكومة وشعب جنوب السودان يشجبون هذا الاعتداء السافر وسلوك جمهورية السودان في تأجيج الإقليم، داعيا مجلس الأمن الدولي بدعوة حكومة السودان الالتزام بتعهداتها السابقة، وأن ترقى إلى مستوى المسؤولية وتحترم القانون الدولي والإقليمي واحترام سيادة وأراضي دولة جنوب السودان، مشيرا إلى أن حكومة والجيش الشعبي مارسا ضبط النفس حتى لا يدخل الإقليم في حرب جديدة. من جهة أخرى، اتهمت الحركة الشعبية في الشمال، الحكومة السودانية باستخدام صواريخ «شهاب» الإيرانية التي تم استجلابها من ليبيا بعد انهيار نظام معمر القذافي، وأن خبراء من طهران قاموا بتدريب القوات المسلحة، وانتقدت صمت المجتمع الدولي للإبادة الجماعية في جنوب كردفان والنيل الأزرق حتى لا تتكرر مذابح رواندا مرة أخرى أمام أعين العالم، داعية الشعب السوداني في الداخل والخارج للتحرك والضغط للفت العالم لما يحدث في مناطق النزاع في البلاد، فيما اعتبر الجيش الحكومي عناصر الجبهة الثورية السودانية (المعارضة المسلحة) هدف عسكري مشروع.

وقال ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم الحالي الذي تقوم به القوات الحكومية استخدمت فيه أسلحة ومعدات جديدة وللمرة الأولى. وأضاف «تم استخدام صورايخ شهاب الإيرانية ومدفعية بعيدة المدى وتم جلب هذه الأسلحة من ليبيا بعد سقوط القذافي وكل هذا تم تحت إشراف فريق من الخبراء الإيرانيين». وقال إن الخرطوم بدأت عملياتها العسكرية على نطاق واسع في فصل الجفاف الذي يبدأ في جنوب كردفان في ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وأضاف أن الهجوم العسكري يستهدف شعوب النوبة في جنوب كردفان وليس مواقع الجيش الشعبي وحدها.

وقال عرمان إن السودان يشهد الإبادة الجماعية الثانية من قبل حزب المؤتمر الوطني الحاكم وإن الإبادة الأولى انتهت باتفاقية السلام الشامل في عام 2005. وأضاف «وبدأت الإبادة الثانية في يونيو الماضي والمفارقة أن كلا من الرئيس عمر البشير وأحمد هارون والي جنوب كردفان، هما الذين ينفذون الإبادة الجماعية الأولى والثانية نتيجة لصمت العالم عن ذلك»، مناشدا أصدقاء السودان والإنسانية استخدام كافة أشكال الاحتجاج للوصول إلى الحكومات والمنظمات الدولية لإيقاف ما سماه بالإبادة الجماعية ضد شعب النوبة وفتح ممرات للمساعدات الإنسانية إلى النيل الأزرق وجنوب كردفان.

على صعيد آخر، حذر الجيش السوداني حركات التمرد في دارفور من محاولات اختراق الحواجز الأمنية، واعتبر أن أي وجود لتجمعات الجبهة الثورية هو هدف عسكري مشروع له. وقال العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية في تصريحات للمركز السوداني للخدمات الصحافية الحكومي إن القوات المسلحة عززت وجودها في كافة المحاور والقطاعات في ولايات دارفور الثلاث إلى جانب تكثيف نقاط المراقبة، ومضاعفة نشاط المتحركات على الشريط الحدودي مع دولة الجنوب وداخل المحليات الحدودية. وأضاف أن بقايا الحركات المتمردة في دارفور أصبحت محصورة في جيوب صغيرة بمنطقة وادي هور وليس لها وجود داخل المدن الكبيرة والمحليات. وقال إن القوات المسلحة لن تسمح بعودة نشاطهم مرة أخرى في الإقليم.