تقدم التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية يثير قلق الوسط الفني بمصر

مفتي الإخوان لـ «الشرق الأوسط» : القول بمنعنا للفن قصده التخويف منا.. لكن لن نقبل بالعري والإباحية

TT

أعرب عدد من فناني مصر عن مخاوفهم من تداعيات التقدم الواضح الذي أحرزه التيار الإسلامي خلال الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، ومخاوفهم من القيود التي قد يفرضها أي نظام إسلامي مقبل على منتجاتهم.

وقال فنانون إنهم ينوون الرحيل عن البلاد، حال تعرضهم لمضايقات، فيما أصر آخرون على المواجهة ورفض أي وصاية على أعمالهم. لكن الدكتور عبد الرحمن البر مفتي جماعة الإخوان المسلمين، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا كله كلام مفترى غير حقيقي قصده التخويف والإثارة من الإسلاميين»، موضحا أن «الإسلام لا يمنع الفن والثقافة ولا يمكن لدولة أن تنهض من دون ذلك، لكنه في المقابل يرفض العري والإباحية وازدراء الأديان، وهذه ثوابت تنظمها القوانين الحالية وتحتاج فقط إلى تفعيل». وتعرضت أمس الصفحة الرسمية للفنان حمادة هلال على موقع «فيس بوك» لاختراق من مجهولين قاموا برفع صورته من الصفحة ووضعوا شعار حزب الحرية والعدالة المنتمي لجماعة الإخوان بدلا منها.

وأعرب هلال عن استيائه من هذا الوضع، وقال: «لا أعرف السبب في ذلك، لأنه من الممكن أن يعتقد البعض أنني أنتمي لحزب أو تيار معين وأنا في الحقيقة لا أنتمي لجماعة الإخوان، لكني أكنّ لهم كل الاحترام».

ومن جهتها، أعلنت المخرجة إيناس الدغيدي تمسكها بأفكارها ومشاريعها الفنية، وهددت بالرحيل عن مصر إذا وصل «الإخوان» والسلفيون إلى الحكم. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط للرسمية تصريحات عن الدغيدي قالت فيها «إنها بصدد اتخاذ قرار بترك مصر والإقامة في الخارج ليتسنى لها مواصلة إنجاز أعمالها الفنية إذا وصل (الإخوان) أو (السلفيون) إلى سدة الحكم». وأوضحت الدغيدي أنها تعرف رأي الجماعات الإسلامية مسبقا فيما تقدمه من أعمال سينمائية، مضيفة أن «(الإخوان) سبق لهم وطالبوا بإقامة الحد علي وأهدروا دمي بسبب أفكاري المتحررة.. ولن أجلس في البيت لأنتظر مصيري مثلي مثل المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام».

ويوجد على هذا خلاف الرأي، حيث قالت الفنانة إيناس مكي «إن مصر هي بلدي، ولن أرحل عنها مهما حدث، وسواء فاز (الإخوان) أو السلفيون فلن أغادرها أو أبعد عنها، لأن وجودي في مصر لا يرتبط بفوز أو خسارة حزب سياسي أو تيار ديني أو غيره».

وقال الفنان هاني سلامة «لن أهاجر من مصر في حال وصولهم وقيامهم بمنع الفن، وإنما سيبحث عن عمل آخر يجيده ويعيش من خلاله». كما شدد الفنان هشام سليم على أنه سيقوم بمناهضة ذلك، حيث إن مصر بلد إسلامي بطبيعته.

ورأت الفنانة علا غانم أن نجاح التيار الديني في الانتخابات طبيعي بالنظر لعدد المحجبات والمنتقبات في مصر، وشدد «لا أحد يستطيع أن يجبرني على فعل أي شيء لا أريده ولن أتنازل عن حريتي».

في المقابل، دعا الفنان خالد صالح كل المصريين باختلاف انتماءاتهم الحزبية إلى عدم الانقسام وقبول نتيجة الانتخابات مهما كانت، واحترام الإرادة والديمقراطية، معتبرا أن الحزب الذي سيفوز بالانتخابات لن يستطيع أن يفعل أي شيء يغضب الشعب أو ضد مصلحته. لكن الدكتور عبد الرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، ومفتي الجماعة، اعتبر أن هذا «كلام مفترى وغير حقيقي قصده التخويف والإثارة وخلق فزاعة لدى المصريين ولدى الخارج من وصول الإسلاميين إلى الحكم».

وأوضح البر أن «هناك قواعد محددة تنظم كل شيء في الدولة، ولا يمكن لدولة أن تنهض من دون فن وثقافة وأدب، وأن واجب الدولة أن تتيح الفرصة لمثل هذه الأعمال التي تدخل الرفاهية على المواطنين وتخلق الإبداع لديهم وتحقق سعادة ورقي في المجتمع». وشدد البر على أن هناك أمورا بعيدة كل البعد عن الفن، مثل العري والإباحية وازدراء الأديان، مؤكدا أن هذه أمور لا يمكن القبول بها، وضرب مثلا بقنوات البورنو ورسم الكاريكاتير الذي أساء للرسول صلى الله عليه وسلم، والذي رفضه كل العالم، وليس الإسلاميين فقط.

وأكد البر أن الرقابة على هذه الأعمال لا تحتاج إلى قوانين جديدة، بل فقط إلى تفعيل القوانين الحالية غير المطبقة.