السلطة الفلسطينية تقرر التوجه إلى مجلس الأمن لمواجهة الاستيطان الإسرائيلي

رفع العلم الفلسطيني في مقر اليونيسكو الأسبوع المقبل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله أمس (أ.ب)
TT

بعد محاولات متتالية لمواجهة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية من دون جدوى، أعلنت القيادة الفلسطينية أمس أنها قررت التوجه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمواجهة الاستيطان الإسرائيلي المتنامي في القدس الشرقية والضفة الغربية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قوله: «قررت القيادة الفلسطينية في ضوء القرارات الاستيطانية الإسرائيلية والمخططات الاستيطانية الواسعة النطاق خاصة في القدس الشرقية وعموم الضفة الغربية، التوجه العاجل إلى مجلس الأمن الدولي لوقف هذا المخطط الاستيطاني الذي يهدف إلى منع تنفيذ حل الدولتين». وجاء هذا القرار خلال اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله. وأضاف عريقات: «اتخذنا قرار البدء بالتحضير لاستصدار قرار من مجلس الأمن يوقف هذه الممارسات». ويأتي ذلك في وقت تباطأت فيه جهود السلطة الفلسطينية من أجل الحصول على اعتراف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية، في وقت تصر فيه الولايات المتحدة على رفضها هذا الطرح وتأكيدها على استخدام حق النقض (الفيتو) في حال تم التصويت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ويرى المسؤولون الفلسطينيون أن إثارة قضية الاستيطان، وهو غير شرعي بموجب القانون الدولي، فرصة لزيادة الضغوط الدولية على إسرائيل مع محاولة حماية الأراضي الفلسطينية. واتهم عريقات إسرائيل بـ«تكثيف مصادرة الأراضي» معتبرا أن «جرائم الاحتلال زادت بنسبة 40 في المائة في الأراضي الفلسطينية مقارنة مع السنوات السابقة». وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي استدراج عروض لبناء 800 منزل في أحياء استيطانية بالقدس الشرقية المحتلة.

وصدر في نهاية الاجتماع بيان عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جاء فيه أن «القيادة الفلسطينية ترى ضرورة التوجه العاجل إلى مجلس الأمن الدولي من أجل وضع العالم أمام مسؤولياته، ولوقف هذا المخطط الجذري الإسرائيلي والشامل الذي يجري تطبيقه بشكل متسارع وبغرض تحقيق أهدافه خلال العام المقبل». واعتبر البيان أن «النهج الإسرائيلي يؤكد مجددا استحالة بدء مفاوضات فعالة وجادة ما لم يتوقف تماما مجمل النشاط الاستيطاني في القدس وبقية أنحاء الضفة الغربية، وما لم يجر الاعتراف الواضح والقاطع بحدود عام 1967 وبوحدة الكيان الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وغزة».

وتابع البيان أن «قيام إسرائيل بتنفيذ مشاريع استيطانية واسعة وبشكل منهجي وشامل داخل القدس المحتلة وفي محيطها وفي جميع مناطق الضفة الغربية، يقدم دليلا بارزا وواضحا على أن خطة هذه الحكومة تتمثل أساسا في منع تحقيق حل الدولتين».

واعتبر البيان أن هذه الإجراءات الإسرائيلية تتم «عبر تمزيق وحدة الضفة الغربية وتطويق القدس بأكثر من حزام استيطاني والتغلغل داخل أحيائها تمهيدا لفرض حل من طرف واحد يستند إلى صيغة مشروع الكانتونات والمعازل المطوقة». واتهم البيان حكومة إسرائيل بـ«استغلال الوضع العالمي والإقليمي الراهن وبروز عدة قضايا وملفات هامة لكي تطبق مشروعها وفرض واقع جديد على الأرض في غياب الاهتمام العالمي المطلوب». ورأت اللجنة أن هذا المخطط «يأتي في سياق عمل حكومة إسرائيل على فصل قطاع غزة بشكل تام وفرض نظام حصار دائم يكفل إتمام هذا الفصل»، واعتبرت أن «هذا الخطر الاستراتيجي الذي يهدد بشكل جذري مستقبل التسوية واستقرار المنطقة بأسرها، يستدعي التعامل معه على القدر ذاته من التهديد الذي يمثله ضد مصالح شعبنا وحقوقه وضد الأمن الإقليمي والدولي».

وبخصوص المصالحة بين حركتي فتح وحماس، أكدت القيادة الفلسطينية «على ضرورة السير قدما في تطبيق ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية وذلك على أثر لقاء القاهرة بين الرئيس محمود عباس والسيد خالد مشعل وعلى ضوء اللقاءات المرتقبة ابتداء من منتصف الشهر الحالي والتي تجمع ممثلي جميع الفصائل الفلسطينية».

وكان عباس ومشعل أعلنا في ختام اجتماعهما في القاهرة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي «بدء شراكة فلسطينية جديدة» لتفعيل المصالحة المتعثرة بين حركتيهما منذ أكثر من ستة أشهر. وفي إطار المصالحة أيضا، من المقرر عقد لقاء موسع في القاهرة في العشرين من الشهر الحالي بحضور ممثلين لجميع الفصائل الفلسطينية. ورأت القيادة الفلسطينية من جهة ثانية «ضرورة التعامل الجاد مع جميع القضايا المطروحة، بما فيها التحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية ولعضوية المجلس الوطني، وكذلك قيام حكومة تحضر لهذه الانتخابات، بالإضافة إلى المشاركة في أعمال منظمة التحرير الفلسطينية عبر اللجنة المؤقتة لمنظمة التحرير». ودعت القيادة الفلسطينية إلى «ضرورة أن تشمل الدفعة الثانية من صفقة الأسرى، الأسرى ذوي الأحكام العالية، سواء قبل اتفاق أوسلو أو بعده، وأن تلتزم إسرائيل بما وعدت به الحكومة الإسرائيلية السابقة بشأن إطلاق سراح عدد مماثل من الأسرى».

من جهة أخرى، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) أمس أن العلم الفلسطيني سيرفع في مقر المنظمة في باريس الثلاثاء المقبل بحضور رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس. وسيحضر الحفل كذلك وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي. وعلى الرغم من تعثر السعي الفلسطيني للحصول على اعتراف بدولتهم في مجلس الأمن، فإن الفلسطينيين حققوا في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي انتصارا دبلوماسيا كبيرا في باريس بحصولهم على العضوية الكاملة في «اليونيسكو» التي تعد من أبرز منظمات الأمم المتحدة. وقررت اليونيسكو قبول فلسطين عضوا كامل العضوية بتأييد 107 دول ومعارضة 14 بلدا وامتناع 52 عن التصويت. وبالإضافة إلى معارضة إسرائيل، نددت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بهذه الخطوة. وكانت الولايات المتحدة، وهي تعد أكبر جهة مانحة لليونيسكو، قد أعلنت في 31 أكتوبر الماضي تعليق دفعاتها لهذه المنظمة بعد قرار في اليوم نفسه بقبول عضوية فلسطين فيها. وهذا القرار حرم اليونيسكو من 22 في المائة من ميزانيتها، أي من مبلغ 70 مليون دولار اعتبارا من 2011 لأن واشنطن تدفع مساهمتها عادة في نهاية السنة.