تأزم الأوضاع الأمنية في ريفي حماه وإدلب.. واشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي

ناشطون في حمص لـ «الشرق الأوسط» : النظام حول الأزمة إلى صراع طائفي ومذهبي مقيت

مظاهرة نسائية في بنش بإدلب أمس
TT

أعلنت «كتيبة أبي الفداء» و«كتيبة صقور الشام» التابعة لـ«الجيش الحر» فجر أمس، أن اشتباكات حصلت في محافظة إدلب شمال غربي البلاد بين الجيش الحر وكتائب الجيش السوري في منطقة ما بين مورك في ريف حماه وحيش وخان شيخون في ريف إدلب، وأن حصيلة الاشتباكات «كانت انشقاق نحو 150 عسكريا وانضمامهم للجيش الحر ومشاركتهم بالاشتباك ضد الجيش السوري»، ومقتل نحو 12 جنديا من الجيش السوري بين خان شيخون وحيش في ريف إدلب، ومقتل 30 جنديا بين مورك وخان شيخون وتفجير 3 عربات بي إم بي و3 عربات مصفحة وسيارتين زيل وتفجير شاحنة تحمل قنابل وعبوات غازات سامة، وأنه جرى الاستيلاء على شاحنة صورايخ أرض جو بالكامل».

من جانبها قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «مجموعات إرهابية مسلحة حاولت قطع الطريق الدولي ما بين مورك بحماه وحيش بإدلب فتصدت لها الجهات المختصة ولاحقت عناصر تلك المجموعات وتمكنت من قتل عدد منهم وإصابة آخرين». كما قال ناشطون إنه تم قطع الاتصالات عن بعض مناطق محافظة حماه مع قطع الطرق الدولية بين حماه وحمص وحماه وحلب. كما تم قطع الاتصالات بشكل تام في بعض المناطق في محافظة إدلب مع قطع للكهرباء في بعض الأحيان.

وأفادت مصادر محلية بأن اشتباكات جرت يوم أمس عند مدخل مدينة إدلب الشرقي من جهة سرمين وسمع دوي انفجارات قوية هناك. وأن اشتباكات أيضا جرت في سراقب بين «الجيش الحر» والجيش النظامي وسمعت أصوات قصف دبابات وتحليق لطائرات عمودية. كما قال ناشطون إن طفلا قتل في سراقب أمس فيما أصيب طفل آخر بجراح، وإنه تم اقتحام مدينة سراقب بعشرات الدبابات وتنفيذ حملة اعتقالات ثم انسحبت إلى محيط المدينة لتفرض عليها حصارا كاملا.

من جانب آخر قالت مصادر حقوقية إن اشتباكات عنيفة وقعت بين منشقين وقوات الجيش النظامي في محافظة إدلب شمال البلاد أمس، أدت إلى سقوط جرحى من الجانبين.

وكما أكدت مصادر حقوقية أن قوات الأمن والجيش اقتحمت يوم أمس مدينة سراقب وتمركزت الآليات العسكرية في محيطها، كما جرى نشر للقوات في جبل الزاوية، حيث توجهت أعداد كبيرة من الدبابات من «معرة النعمان» إلى منطقة الحدود السورية مع تركيا.

ولا تتسرب الكثير من المعلومات حول واقع ما تشهده محافظتا حماه وإدلب في ظل انقطاع الاتصالات وتقطع الإنترنت، وصعوبة التواصل مع المناطق المحاصرة والتي تشهد اشتباكات عنيفة.

وفي تطورات يوم أمس في مدينة حمص حيث يستمر تدهور الأوضاع الأمنية، أعلن ناشطون عن مقتل حسن حمد المحمد وعامر عبد الكريم القصير برصاص الشبيحة وقوات الأمن في حي كرم الزيتون، كما قتل كل من غازي أحمد العامر من حي الشماس ورنس فجر المحمد من حي بابا عمرو تحت التعذيب.

ويقول ناشطون في حمص إن المدينة وجوارها تعيش منذ أسبوعين «نكبة الصراع المذهبي المسلح، والتصفيات الجسدية المتبادلة بين العلويين والسنة». ويؤكد المسؤول في تنسيقية حمص أبو جعفر أن «النظام السوري هو من حول الأزمة في سوريا بشكل عام وفي حمص بشكل خاص إلى صراع طائفي ومذهبي مقيت». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عشية مزاعمه بالتوقيع على برتوكول مبادرة الجامعة العربية، دفع النظام بشبيحته لإزكاء هذا الاقتتال المذهبي انطلاقا من حمص التي حولها إلى مدينة أشباح، بحيث يعمد عناصر الشبيحة العلويون إلى خطف الشباب السنة من منازلهم وقتلهم وإلقاء جثثهم في الشوارع وقرب حاويات النفايات». وأعلن أن «الشبيحة يحضرون من منطقتي الزهراء والنزهة العلويتين، بسيارات تابعة للأمن السوري على أساس أنهم رجال أمن، ويدخلون الأحياء السنية مثل باب عمر وباب السباع وتلبيسة، ويخطفون الشباب إلى مناطقهم ويذبحونهم، ثم يلقون جثثهم في الشوارع، في حين يشهد حي وادي الذهب المختلط من العلويين والسنة اقتتالا مذهبيا، وعمليات كر وفر».

وقال المسؤول في تنسيقية حمص «أقدم أمس (أول من أمس) الشبيحة على دخول حي كرم الزيتون وخطف 34 شخصا من داخله وهم من البدو السنة، واقتيادهم إلى حي النزهة العلوي، حيث أقدموا على تصفيتهم في وقت واحد وألقوا بجثثهم قرب حاويات النفايات، بعد أن كتبوا عليها عبارة تقول: «هذا جزاء كل من يتمرد على النظام». وقال أبو جعفر «حتى الآن ليس لدينا أرقام محددة عن عدد الشهداء في حمص، الذين تجاوزوا الـ200 في الأيام الأربعة الأخيرة، هذا عدا عن المخطوفين والمفقودين الذين لا نعرف مصيرهم». ويعترف المسؤول في التنسيقية، أن «السنة في حمص يحاولون الدفاع عن أنفسهم ولم يعد أمامهم الخيار، ولم يعد بإمكانهم أن يسمحوا للشبيحة أن يستبيحوا بيوتهم ويسوقوا أبناءهم كالنعاج لذبحهم قربانا للنظام المجرم من دون أن يحركوا ساكنا». وأوضح ردا على سؤال أن «كل الناس لديهم أسلحة فردية في منازلهم وباتوا يستعملونها عند الضرورة ليحموا أنفسهم بالحد الأدنى».

وأضاف: «إن جرائم الشبيحة وأذناب النظام لم تقتصر على حمص فحسب، بل توسعت إلى كل مدن وقرى المحافظة، ولا سيما في تلكلخ القريبة من الحدود اللبنانية، وبلدات العقربية والقرنية والبرهانية التي تحول شبابها (العلويون) إلى شبيحة». ولفت إلى أن «قائد المخابرات الجوية اللواء جميل الحسن، جند أحد أقاربه عفيف إدريس من بلدة القرنية وهو تاجر مخدرات وقلده رتبة عقيد، وكلفه قيادة دوريات من المخابرات الجوية ومداهمة القرى والمناطق السنية، وبدأ هذا الشخص بتدمير العشرات من منازل المطلوبين وجرفها وتسويتها بالأرض تماما، وقبل يومين جرف عفيف إدريس وشلته 15 منزلا في منطقة تلبيسة في حمص وبعض هذه المنازل دمرت فوق رؤوس ساكنيها من شيوخ ونساء وأطفال في مجازر وحشية يندى لها جبين الإنسانية».

وقال أبو جعفر إن النظام السوري «لا يأبه لا للمبادرة العربية ولا للقرارات الإقليمية والدولية، إنه يراوغ فقط من أجل كسب الوقت وتنظيم صفوف قواته، والسبب الأساسي لخداعه وإعلانه زورا قبول المبادرة، هو تعزيز انتشار قواته العسكرية بالقرب من الحدود التركية تحسبا لإقامة منطقة عازلة». وقال: «بالأمس (أول من أمس) تجمعت المئات من المدرعات والمدفعية وناقلات الجند في منطقة حسي القريبة من حمص، وانطلقت هذه القافلة باتجاه إدلب للانتشار هناك تحسبا لإعلان المنطقة العازلة». وأضاف أن «هذا النظام يلفظ أنفاسه وهو يحاول إحراق سوريا قبل أن ينتهي، وهو يعلم تماما أنه إذا أقيمت منطقة عازلة وتوفر الغطاء الجوي للثوار، فإن الجيش سينقلب عليه فورا، لأن غياب هذا الغطاء الجوي هو الذي يجعل الضابط يحسب ألف حساب قبل أن ينشق، بحيث يعمد الطيران السوري إلى قصف أي منطقة تشهد انشقاقا، فضلا عن عمليات الانتقام التي يذهب ضحيتها أهالي المنشقين».