موسى دقدوق قيادي حزب الله اللبناني.. الإرث الثقيل الباقي من «مخطط» الانسحاب الأميركي من العراق

وكيل وزارة العدل لـ «الشرق الأوسط»: نسمع عنه في وسائل الإعلام فقط

موسى دقدوق
TT

مثل قصة «المعيدي» في الموروث الشعبي العراقي.. «أن تسمع باللبناني على موسى دقدوق خير من أن تراه». فهذا السجين والقيادي في حزب الله اللبناني هو الإرث الوحيد المتبقي من (مخطط) الانسحاب الأميركي من العراق. فلا الأميركيون يريدون تسليمه للجانب العراقي خشية أن تخضع السلطات العراقية للضغوط الإيرانية وتطلق سراحه، ولا الحكومة العراقية تريد أن تتورط بقصته لأسباب مختلفة ومتباينة معا داخلية وخارجية.

لم يتبق من كل الجيوش الأميركية التي كانت في العراق طوال السنوات التسع الماضية سوى أقل من عشرة آلاف جندي، بينما الأرتال الأميركية تواصل انسحابها جنوبا إلى الكويت من الطريق نفسه الذي سلكته عند دخولها العراق قبل تسع سنوات. الفارق الوحيد بين الزمنين أنها دخلت العراق بوصفها قوات «تحرير». وقد لقيت بالفعل ترحيبا من هنا وهناك ما دامت قد قضت على النظام الشمولي ووعدت العراقيين بالمن والسلوى إلى الحد الذي سرت فيه شائعة عند أول دخولها العراق تفيد بأن البطاقة التموينية سترتفع مفرداتها إلى 40 مفردة تشمل حتى العطور وأمواس الحلاقة.

لكن اليوم وبعد تسع سنوات تبخر كل شيء بما في ذلك أحلام العراقيين الوردية حتى إن مفردات البطاقة التموينية تقلصت إلى أربع مفردات فقط وبصورة متقطعة أحيانا، بينما تجد الجيوش الأميركية المنسحبة نفسها في حالة حرج بالغ من العراقيين. فالعراقيون الذين «شكروها» على إسقاط صدام حسين لم يجدوا - بعد هذه السنوات - سوى تكرار لنموذج صدام في السلطة والتسلط لكن في هيئات وأشكال وصيغ مختلفة.. مرة على هيئة رجال دين، ومرة على هيئة سياسيين يدعون الليبرالية والعلمانية ومرة على هيئة عساكر غامضين يتهيأون للانقضاض على السلطة. الأميركان سلموا العراقيين أخطر رجال العهد السابق. ونجح النظام الجديد في تنفيذ حكم الإعدام بمن كانت تصوره الدعاية الأميركية والغربية بوصفه الأخطر على السلم والأمن العالميين صدام حسين. ثم كرت مسبحة الإعدامات لتشمل مسؤولين كبارا فيما بعد يتقدمهم علي الكيمياوي.

لكن المفارقة اللافتة أن الأميركان وهم ينسحبون بعد أن أخذوا معهم مرحاض صدام وسلموا الجانب العراقي كل السجناء فإنهم حرصوا على الاحتفاظ بسجين واحد هو موسى دقدوق الذي اعتقل في البصرة عام 2006. هذا السجين يختزل قصة علاقة متلبسة بين الأميركيين والإيرانيين طوال سنوات احتلالهم للعراق. هذه السنوات التي جعلت إيران تتمدد على حسابهم بكل بساطة و«عيني عينك»، مثلما يقول المثل العراقي. ومع تبادل عبارات الشكر والتحيات المتبادلة بين الجانبين العراقي والأميركي عند الاحتفال بـ«يوم الوفاء» بحضور نائب الرئيس الأميركي جو بايدن فإن بقاء دقدوق في عهدة الأميركيين يعني أن أزمة الثقة بين الأميركيين وحلفائهم قادة العراق الجدد ما زالت قائمة.

الجهات العراقية التنفيذية تعتبر أن قصة دقدوق سياسية أكثر منها إجرائية. وفي هذا السياق قال وكيل وزارة العدل بوشو إبراهيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجانب العراقي تسلم كل ما بحوزة الأميركيين من سجناء بعد الانتهاء من تدقيق هوياتهم وإكمال أوراقهم وبالنسبة لنا انتهى الأمر»، مشيرا إلى أن «قضية دقدوق لم تطرح خلال المفاوضات الخاصة بيننا وبينهم على صعيد تسليم السجناء ويبدو أنها قضية سياسية لا دخل لنا بها كجهة اختصاص فنية».

وحول الضجة الإعلامية الكبيرة التي ترافق قضية دقدوق ورفض الجانب الأميركي تسليمه إلى الجانب العراقي خشية إطلاق سراحه بسبب الضغوط الإيرانية، قال إبراهيم «إننا نسمع عن دقدوق عبر وسائل الإعلام ولكننا لم نره ولم نطالب به، بل إن الأميركان هم من يقولون لنا تعالوا تسلموا هؤلاء السجناء».

بدوره، دعا التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر إلى «تجزئة» قضية دقدوق عند محاكمته في العراق لو سلم إليها. وقال القيادي في التيار وعضو البرلمان العراقي جواد الشهيلي في تصريح صحافي إن «موضوع المعتقل دقدوق تم التعامل معه بازدواجية، من بعض الجهات». وأضاف «إن ملف اللبناني دقدوق سيخلق أزمة جديدة في الساحة العربية، لكنها ليست بالأزمة الكبيرة، وأي ازدواجية في التعامل مع هذه الملفات خطيرة وغير صحيحة»، مشيرا إلى أن «دقدوق يجب أن يحاسب على ضرب القوات العراقية فقط، ولا يمكن محاسبته على ضرب القوات الأميركية، باعتبارها قوات محتلة».