واشنطن تصف تصريحات الأسد بأنها «تنصل من المسؤولية»

الناطق باسم الخارجية السورية: الأسد لم يقل إنه غير مسؤول عما يجري في البلاد

سوريون يتظاهرون ضد الأسد في الدرباسية بالحسكة أمس
TT

وصفت واشنطن تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد أمس، في المقابلة التي أدلى بها لتلفزيون «إيه بي سي»، والتي نفى فيه إعطاءه الأوامر للجيش لقتل الشعب، بأنها «تنصل من المسؤولية». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، إن الأسد «حاول التنصل من المسؤولية»، مضيفا أنه «أمر مثير للسخرية أن يحاول الأسد الاختباء وراء لعبة كاذبة، ووراء نوع من ادعاء أنه لا يمارس السلطة في وطنه».

وانتقدت تركيا أيضا تنصل الأسد من المسؤولية، وقال إرشاد هورموزلو، كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غل، «إنه في تركيا عندما يحصل حادث تصادم قطارات فإن وزير المواصلات يقدم استقالته». وقال هورموزلو لـ«الشرق الأوسط» إن «المسؤولية متسلسلة، والمسؤول يجب أن يتحمل مسؤوليته في إطار هذا التسلسل».

وردت دمشق بسرعة على واشنطن، واتهم الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي نظيره الأميركي مارك تونر بـ«تحريف» كلام الأسد. ونفى مقدسي أن يكون الأسد قد قال إنه غير مسؤول عن قوات بلاده، واعتبر مقدسي أن «تحريف» تصريحات الأسد «شيء مؤسف وغير صحيح».

وأكد مقدسي خلال مؤتمر مقتضب في وزارة الخارجية عقده أمس أن «التصريحات التي وردت على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية تتعلق بفحوى مقابلة لم تكن قد بثت بعد، أدلى بها رئيس الجمهورية بشار الأسد لمحطة (إيه بي سي) الأميركية مع المذيعة باربرا والترز ونحن نشكرها لقيامها بهذه المقابلة الحصرية، ونحن نأسف ونستهجن ما ورد على لسان الناطق باسم الخارجية الأميركية عندما قام بتحريف والسخرية من كلام لم يصدر بالسياق الذي ذكر وهو غير دقيق وغير مهني على الإطلاق». وأضاف الناطق باسم الخارجية السورية أن «برامج والترز عفوية وأجوبة الأسد كانت جادة صريحة ونحن معتادون على الإدارة الأميركية أن تقوم بالتعليق فورا على تصريح رسمي من الرئيس الأسد ومن وزير الخارجية وليد المعلم والتصريح يقول إن الوقت غير كاف وغير ذلك، وهناك أمور أخرى وأخطاء جسيمة أخرى معتادون عليها من الإدارة الأميركية مثل احتلال العراق وأفغانستان والسجون وغوانتانامو وغير ذلك من المواقف غير الدقيقة». وأشار إلى «وجود ضجة إعلامية غير مبررة حول كلام أخذ من خارج سياقه الطبيعي وهو غير دقيق»، وأشار مقدسي إلى أن سؤال باربرا كان ببساطة «هل قامت قواتك بقمع شديد للسوريين»، والذي فهم بحسب مقدسي وكأنها تتحدث عن «ميليشيا»، فكان رد الرئيس أنها «ليست قواتي»، مقدما شرحا صحافيا، وقال إن «القوات في سوريا مهامها الحفاظ على الأمن واستقرار البلاد وهناك أخطاء حصلت والجميع تحت سقف المساءلة وهنا تكمن مسؤولية القيادة وطالما أن هناك دلائل على ذلك وهذا يتم وفق آلية قضائية وهناك لجنة مشكلة تنظر بهذه الأمور تعاقب وستعاقب إذا كانت هناك أخطاء مثبتة».

وأكد مقدسي أن «هذا كان سياق الحديث ولم يقل الأسد أنا لست مسؤولا أو ما شابه ذلك والرئيس الأسد مسؤول دستوريا عن مهامه كرئيس». وتمنى على الناطق الرسمي الأميركي «توخي الدقة وأن يبقى مهنيا في تعاطيه وأن لا يلجأ إلى تسجيل نقاط في أهداف فارغة». وأضاف مستهزئا «نحن لدينا معهد دبلوماسي ومستعدون لأن نرسل للناطق كتيبات لها علاقة بالمهنية ويمكن أن نرسلها له بالبريد الدبلوماسي».

وحول تسريبات عن رفض الجامعة التعديلات السورية على البروتوكول، قال مقدسي: «الدخان الأبيض لم يظهر بعد من أروقة الجامعة العربية ونحن لا نعتمد في ردودنا على تسريبات، والموقف الرسمي هو أن الأمين العام نبيل العربي قال إنهم يدرسون ما قدمته سوريا من طروحات منطقية بعيدة جدا عن أي شروط، ونحن بانتظار هذا الدخان الأبيض إذا كانت النوايا العربية سليمة، ونأمل أن تكون سليمة حرصا على البيت والحل العربي». وأشار إلى أن هناك «جهودا عربية نأمل أن تكون نبيلة لصالح إجلاء الوضع وأن تكون خطوة نحو طريق الحل والموضوع ليس موضوع مراقبين ولسنا بوارد تدويل أي شيء ولكننا نرحب بأي مساع حميدة من أي طرف». وتعليقا على عودة سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، قال مقدسي: «إذا كان هدفها تحسين العلاقات واحترام السيادة السورية فأهلا وسهلا ونحن نتمنى لهم التوفيق وإذا لم يكن هذا الهدف من العودة فنأمل أن تكون عطلة عيد الشكر للسفير الأميركي فرصة لإعادة قراءة معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية ليعرف ما له وما عليه».

وحول الموقف السوري من اجتماع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالمعارضة السورية، عبر مقدسي عن أمله أن يكون اللقاء «هدفه إقناع المعارضة للقدوم إلى طاولة الحوار». وقال: «نحن مؤمنون بالحوار وأن يكون الحل سوريا بحتا، ونود من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أن تلتزم بميثاق الأمم المتحدة وعدم اللجوء إلى اجتماعات لزعزعة الأمن بل اجتماعات هدفها السلم الأهلي ومشهد ديمقراطي جديد، سوريا تؤمن به قبل أن يسعى إليه الآخر». وكشف المسؤول السوري عن وجود مراسلات بين سوريا وتركيا تتعلق بتسرب مسلحين من الأراضي التركية باتجاه سوريا، وقال: «نحن حريصون على أن تكون علاقاتنا جيدة مع دول الجوار وخصوصا مع تركيا وإذا أراد الجانب التركي أن يجري مراجعة نقدية لهذه المواقف غير المبررة سنرحب بذلك ونحن من الطرف السوري حريصون على أمن واستقرار تركيا ونأمل هذا الحرص متبادل وتم تبادل الرسائل ونأمل الحرص على المحافظة على حسن الجوار».