«الناتو» يرغب في بناء شراكات جديدة مع ليبيا ودول شمال أفريقيا والشرق الأوسط

روسيا تحذر من تداعيات التدخل في المنطقة.. وراسموسن يؤكد: الحلف لا ينوي لعب دور بسوريا ربروكسل: نادية التركي وعبد الله مصطفى

TT

جدد الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي «الناتو»، أندرس فوغ راسموسن، التعبير عن رغبته ورغبة أعضاء حلف «الناتو» في انضمام حلفاء جدد من منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط للحلف، واهتمامهم الكبير بليبيا إذا ما أرادت أن تصبح من بين الشركاء.

وكان هناك اهتمام بملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اجتماعات وزراء خارجية «الناتو». وأكد وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه لـ«الشرق الأوسط» أن فرنسا تسعى لمساعدة ودعم ليبيا. وحول الموقف الفرنسي من صعود الحركات الإسلامية في بلدان شمال أفريقيا ومصر، قال إن فرنسا بلد يدعم الديمقراطية، معتبرا أن الانتخابات التي جرت في المغرب وتونس تمت بطريقة ديمقراطية. وأضاف أن فرنسا مع إرادة الشعوب، لكنه تدارك خلال إجابته أنه مع ذلك لفرنسا «خطوط حمراء» لا يمكن أن تسمح بتجاوزها، وبأنهم سيتعاملون بحذر في علاقاتهم خاصة مع ما يحدث في هذه الدول من تغيرات.

وعن الشأن الإيراني، قال جوبيه في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر المفوضية الفرنسية داخل حلف «الناتو»، إن الدول الأوروبية مستعدة دائما للتحاور مع إيران و«دعواتنا مفتوحة». في الوقت نفسه، أشار إلى أن فرنسا لن تسكت عما يفعله الإيرانيون، خاصة أن الكثير من المعلومات تشير إلى أنهم ماضون في العمل على تطوير المنظومة النووية.

وردا على سؤال حول ما قد تسببه العقوبات الأوروبية على إيران من نقص في النفط وارتفاع في الأسعار، قال وزير الخارجية الفرنسي إن البديل موجود وسيعوضون ما كانت إيران تقدمه من ليبيا ومن دول خليجية أخرى يعمل الاتحاد الأوروبي معهم. وقال جوبيه إن مسؤولين تلك الدول أبدوا استعدادهم للتعاون وتعويض ما قد تسببه العقوبات على إيران من نقص في الفترة المقبلة.

وحول توتر العلاقات بين باكستان والغرب على خلفية قصف طائرات «الناتو» لجنود باكستانيين على الحدود الأفغانية، الذي خلف 25 قتيلا, قال جوبيه إن دول الحلف تسعى لإعادة الثقة إلى العلاقات مع باكستان لما كانت عليه، مؤكدا أنهم مقتنعون أنه لا أمن أو سلام يمكن أن يتحقق في أفغانستان من دون التعاون الباكستاني.

ومن جهتها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنه خلال اجتماعات وزراء الخارجية التي اختتمت، أمس، تمت مناقشة خطط العمل التي سيتم طرحها في قمة «الناتو» المقبلة في شيكاغو. كما أكدت كلينتون أن التجربة الليبية أثبتت أنه «بالتعاون بين الحلفاء نستطيع إنجاز الكثير».

وأخذت العلاقات مع روسيا حيزا مهما من الاجتماعات في بروكسل، أمس. وتحدث راسموسن في أعقاب أعمال مجلس الحلف وروسيا، الذي عقد على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الناتو، معتبرا أن استمرار الحوار بين الطرفين «مؤشر إيجابي»، وأكد أمين العام للحلف، قائلا: «سنواصل حوارنا من أجل تذليل مخاوف الطرف الروسي»، وعبر عن قناعته أن توصل الطرفين الروسي والأطلسي إلى اتفاق بشأن هذا الأمر من شأنه دفع العلاقات الثنائية قدما إلى الأمام، حيث «نعتقد أن التوافق على هذا الأمر، سينقل العلاقات بين روسيا والحلف إلى مستوى أكثر تقدما»، ووصف راسموسن المباحثات مع الطرف الروسي بــ«المثمرة» بشأن تدعيم التعاون في الملف الأفغاني، ومحاربة القرصنة ومحاربة الإرهاب. ويذكر أن حلف شمال الأطلسي فشل، حتى الآن، في دفع روسيا للتعاون في مسألة الدرع الصاروخية، مكررا غير مرة أن المنظومة ليست ضدها.

وحول العلاقات الروسية - الأميركية ونتيجة لقائها مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، قالت كلينتون إنهما راجعا خطط العمل في أفغانستان سويا، وإن هناك نقاط خلاف بين الولايات المتحدة وروسيا ما زالت قائمة حول بعض المواضيع. وأكدت الوزيرة أيضا أن الولايات المتحدة تقدر علاقاتها مع روسيا وقالت: «نعمل معا عبر (الناتو)، وأعتقد أننا حققنا تقدما في التعاون في عدة مجالات، لكن لنا متطلبات في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان». وأضافت: «نحاول التوصل لاتفاق حول الموضوع, سنواصل الضغط لمواصلة العمل في شرحنا للروسيين أن خططنا لن تؤثر على عملنا مع الروسيين».

وشرحت في مؤتمر صحافي أمس أن الطرفين يعلمان بأن الصواريخ البالستية لن تأتي من روسيا، بل من مناطق أخرى، وأوضحت «بصراحة» من إيران، وأكدت أنهم سيواصلون العمل بانفتاح وشفافية.

وعن الموقف الأميركي من الأزمة المالية في أوروبا، قالت كلينتون: «نحن مستعدون لمساعدة أوروبا على تجاوز أزمتها.. ونرى أنفسنا شركاء وداعمين وأصدقاء، ونحن واثقون من أنكم ستنجحون في تجاوز الأزمة».

واستخدم عدد من الوزراء كلمة «الصبر» وضرورة التمسك به في التعامل مع روسيا، وخاصة فيما يتعلق بإنهاء خلافات بشأن الدرع الصاروخي في تصريحاتهم على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي.

وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، جان اسيلبورن: «لا بد أن نضع في قمة الناتو المقررة في شيكاغو مايو (أيار) المقبل إطارا جديدا للعلاقات بين الناتو وروسيا ولا نلتفت لما حدث في السنوات الماضية، ويكفي أن موسكو لم تغلق الباب وتركته مفتوحا، وعلينا الصبر، وأن نقدم حججا منطقية لأصدقائنا في روسيا وإقناعهم بأن النظام الصاروخي ليس ضدهم، وإنما يخدم مصلحة مشتركة للناتو وروسيا وإذا لم يتحقق تفاهم واتفاق بين الجانبين يمكن لأوروبا أن تتضرر كثيرا من ذلك».

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الهولندي، اوري روزنتال: «لا بد أن نستمر في الحوار مع الجانب الروسي، ونستمع لوجهة نظرهم، ويستمعون إلينا حتى نصل إلى توافق في النهاية، ولا يزال الباب مفتوحا، وعلينا استئناف الحوار».

ومن جهته، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، نظراءه في حلف شمال الأطلسي، من أن محاولة التأثير في الاضطرابات في العالم العربي تزيد مخاطر تصاعد التوترات خاصة الطائفية منها، وهي مخاطر يمكن أن «تنسف هذه التركيبة الجغرافية السياسية برمتها». وجاء ذلك في وقت تعبر فيه روسيا عن رفضها لأي تدخل خارجي في الثورة السورية. واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مسودة قرار لمجلس الأمن صاغته دول أوروبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كان سيندد باستخدام النظام السوري العنف ضد احتجاجات حاشدة معارضة للحكومة تستعر منذ مارس (آذار) الماضي.

وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن، الذي تحدث بعد لافروف في مؤتمر صحافي، أن الحلف «ليست لديه أي نية للتدخل في سوريا». وأشار لافروف، الذي كان يتحدث في مقر حلف شمال الأطلسي، إلى عدم رضا موسكو عن الطريقة التي تمت الإشارة بها إلى قرار لمجلس الأمن الدولي هذا العام باعتباره أساس عملية حلف الأطلسي التي ساعدت في الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وقال بعد اجتماع مع نظرائه في حلف الأطلسي «عندما تظهر أزمة ينبغي تشجيع كل القوى السياسية والدينية والقوى الأخرى على المشاركة في حوار»، مضيفا أن أي مجموعات محلية تدعو إلى مساعدة خارجية تسير «في الطريق الخطأ».

وحذر لافروف من أن «عدم رؤية التهديدات التي تنبع من الاتجاهات الحالية سيكون خطأ في رأيي، لأن تلك العمليات المتأصلة بعمق قد تظهر على السطح وتنسف المشهد الجغرافي السياسي برمته». وقال «نحن صراحة نشعر بقلق بالغ لرؤية انقسام متنام داخل العالم الإسلامي بين السنة والشيعة»، مضيفا «إذا لم نساعد في دحر هذا الاتجاه السلبي فربما نشهد أحداثا أليمة للغاية».