جدل بين الحكومة الجزائرية و«شفافية دولية» حول تفشي الفساد

القضاء يحكم على رئيس «سوناطراك» بالسجن النافذ في قضية رشى

TT

قال وزير العدل الجزائري إن بلده «برهن في أكثر من مناسبة عن وجود إرادة سياسية جادة لمكافحة الفساد». وأوضح أن الحكومة «لم تنكر يوما وجود قضايا فساد بل سعت إلى محاربتها بكافة الطرق». وفهم كلام الوزير على أنه موجه إلى منظمة «شفافية دولية» التي وضعت الجزائر في قائمة البلدان التي ينتشر فيها الفساد بقوة.

وذكر وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز، لصحافيين بالبرلمان أمس، أن «السلطات العليا في البلاد عازمة على استجماع كل المعدات والآليات لوضع حد لاستفحال ظاهرة الفساد». ودعا فئات المجتمع إلى «ضرورة التجند للتحذير من مخاطر هذه الآفة.. فالردع والعقاب لا يحققان وحدهما النتائج المرجوة».

وتعقد الحكومة اليوم مؤتمرا، لتقييم نشاط آليات متخصصة في محاربة الفساد والرشوة. ويشارك في المؤتمر، خبراء في مراقبة المال العام ينتمون لهيئات الرقابة، وهي «المفتشية العامة للمالية» و«مجلس المحاسبة» زيادة على الفرق الاقتصادية والمالية لمختلف أجهزة الأمن.

وانتقد مدير الشؤون الجزائية وإجراءات العفو بوزارة العدل، مختار الأخضري تقرير «شفافية دولية» الذي وضع الجزائر في المركز الـ112 (من أصل 183 دولة) من حيث انتشار الفساد فيها. وقال للإذاعة الحكومية أمس، إن «حجم القضايا ذات الصلة بالفساد التي يعالجها القضاء، ليس معيارا لمدى تفشي الآفة». وأوضح الأخضري أن وجود قضايا كثيرة متعلقة بالفساد «يعني أن مصالح الأمن والقضاء تقوم بدورها». وذكر أن التصنيف الذي أعدته «شفافية دولية» الصادر الشهر الماضي، «أغفل قدرات الجزائر الكبيرة في قمع الفساد، والدليل إحالة قضايا فساد على القضاء ووجود متابعات جزائية».

يشار إلى أن القضاء أصدر أول من أمس، أحكاما بالسجن النافذ في أهم قضية فساد تتعلق بعمولات ورشى في إطار صفقات تمت بشركة المحروقات العمومية (سوناطراك). وأدانت المحكمة رئيسها السابق محمد مزيان بسنتين سجنا. وجرت التحقيقات في القضية على أيدي ضباط الشرطة القضائية بالمخابرات العسكرية.

وأوضح مسؤول وزارة العدل أن المنظمة الدولية غير الحكومية، المهتمة بالفساد، «تعتمد على شبهات الفساد وتقاريرها مبنية على مؤشرات إدراك الفساد، خاصة في مجال الأعمال بالقطاع الاقتصادي». وأضاف: «(شفافية دولية) تستعين برجال أعمال ووكالات مهتمة بالشأن الاقتصادي والأعمال، ومن خلالهم تحكم على دولة ما إذا كانت توفر الشفافية اللازمة للنشاط الاقتصادي أو لا توفرها».

وصنفت «شفافية دولية» الجزائر في مركز منخفض جدا بحصولها على تصنيف 2.9 من أصل 10 في سلم الفساد. وقال الأخضري إن المنظمة «تهمل مسألة الغش الجبائي وتضخيم الفواتير الموجودة بكثرة في الدول المتقدمة، وهي تعتمد بالدرجة الأولى على طلب الرشوة وتهمل عرضها، وهذا يضع الدول النامية دائما في ذيل الترتيب». وتابع: «قضايا الفساد الكبيرة تتطلب مهارات خاصة، لأنها مرتبطة بالتجارة الدولية وبصفقات وشركات.. والضالعون في الفساد كثيرا ما يستعينون بخبراء ومحامين حتى تظهر صفقاتهم على أكبر قدر من المطابقة للقانون». يشار إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنشأ مطلع العام الحالي «هيئة للوقاية من الفساد ومكافحته»، وكلفها بإعداد تقرير سنوي عن بؤر الفساد وكيفية محاربتها.