تونس: اتهامات بين «الأغلبية الحاكمة» و«الأقلية المعارضة» بإرباك الحياة السياسية

وسط تخوفات من عدم التوصل السريع إلى اتفاق بين أحزاب الائتلاف الثلاثي

TT

تتواصل مناقشة القانون المنظم للسلطات العمومية (السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية) في تونس، في ظل تخوفات جماعية من عدم التوصل السريع إلى اتفاق بين أحزاب الائتلاف الثلاثي ممثلا في حركة النهضة وحزبي التكتل والمؤتمر، وأحزاب المعارضة.

والى حين يتم تجاوز العديد من النقاط الخلافية بين أعضاء المجلس التأسيسي بمختلف مشاربهم السياسية، فإن أجواء النقاش داخل المجلس لا تزال تحمل الكثير من الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات والأحزاب التي انضمت إلى صف المعارضة بعد الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي.

وقالت قيادات الائتلاف الحكومي الثلاثي إن أطرافا لم تسمها تسعى إلى إرباك الأحزاب الثلاثة وخلق حالة من الشقاق بين حركة النهضة وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات من ناحية، وبين حزب التكتل وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية.

واتهم أحمد نجيب الشابي الأغلبية الحاكمة بالاستقواء، واعتبر عدم الاتفاق على تحديد مدة عمل المجلس التأسيسي بسنة على الأكثر وتصويت 153 عضوا من أعضائه ضد تقييد المجلس بمدة زمنية بمثابة الانقلاب والتراجع عن التعهدات السابقة، وقال إن الأمر يبعث على الانشغال والقلق.

وكانت قيادات الائتلاف الثلاثي الذي سيقود البلاد خلال المرحلة القادمة قد صرحت بأن ائتلافها قوي، وأنه لن يحصل انشقاق بين الأحزاب المكونة له، لكن ذلك لم يمنع قيادات الأحزاب الثلاثة من توجيه أصابع الاتهام إلى أطراف خارج الائتلاف بالعمل على كسره وإضعافه وتضييق الخناق حوله.

وقال حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة ورئيس الحكومة القادمة، إن «بعض الأطراف السياسية المنهزمة في الانتخابات الأخيرة تسعى إلى إشعال وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات في عمل ممنهج ومدروس يهدف إلى إرباك الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية غداة تسلم السلطة الجديدة مهامها». وقال المولدي الرياحي، القيادي في حزب التكتل، إن العديد من الأطراف تراهن على تفتيت الائتلاف الثلاثي ولن يكون ذلك في متناولها. وهذه التصريحات تؤكد مدى الصعوبة التي تعرفها عملية الانتقال السلمي للسلطة بعد الإطاحة بنظام بن علي.

إلى ذلك، قال نور الدين العرباوي، القيادي في حركة النهضة «هناك وحدة وحرارة لم نعهدها في مناقشاتنا داخل المجلس التأسيسي ولا يمكن فض الملفات الخلافية بين جميع الأطراف إلا في إطار الحوار والتوافق. وحول وجود خلافات عميقة بين الأغلبية والأقلية المعارضة، لم ينف العرباوي وجود أطراف قال إن لها «أجندات للتعطيل»، تسعى في كل مرة إلى إطالة النقاش وتمريره لوضع «الطريق المسدود»، ودفع مسارات النقاش إلى «الشلل التام» لكل المرافق العامة والخاصة من خلال التشجيع على الاعتصام والاحتجاج.

وحول دعوة بعض الأحزاب إلى عرض مشروع الدستور الجديد للبلاد على الاستفتاء مباشرة مثلما دعا إلى ذلك المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية القادم، قال العرباوي إن مثل هذه الدعوة لا تقلق حركة النهضة التي تبقى مستعدة لكل الاقتراحات وتسعى إلى تطبيق ما يتماشى ومصلحة تونس على حد تعبيره.

ومن جهته، قال سمير بن عمر، القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، إن سمة التنازل هي الغالبة على العلاقة الرابطة بين أحزاب الائتلاف الثلاثة، وإن الدستور الجديد لا يمكن المصادقة النهائية على فصوله إلا بنسبة 75 في المائة من أعضاء المجلس التأسيسي، وإذا لم يتوصل المجلس لتحقيق هذه النسبة فإن أمر الاستفتاء سيكون ضروريا. وحول إمكانية المرور إلى الاستفتاء من عدمه، قال بن عمر إن المسالة مستبعدة رغم دعوة حزب المؤتمر منذ البداية إلى الاستفتاء من خلال تصريحات رئيسه المنصف المرزوقي، إلا أن التنازلات التي قدمها كل حزب من الأحزاب الثلاثة جعلت المؤتمر يتنازل عن هذا الشرط ويعطي الأولوية للتصويت في مرحلة أولى. واتهم بن عمر بعض الأطراف السياسية التي قال إنها تمارس معارضة سلبية. وحول المرور لانتخاب رئيس للجمهورية، قال بن عمر إن الأمر متوقع خلال بداية الأسبوع القادم بعد ظهور تعطيلات كثيرة في قراءة المجلس التأسيسي للقانون المنظم للسلطات العمومية والقانون المتعلق بالنظام الداخلي للمجلس.