العربي من بغداد: على سوريا أن توقع البروتوكول إذا كانت ترغب في رفع العقوبات

الأسد أكد في مقابلته مع وولترز أنه لن يسمح للمراقبين بالتصرف على هواهم

نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية خلال استقباله نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية في بغداد أمس (رويترز)
TT

قال نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، إنه على سوريا أن توقع بقبول مبادرة الجامعة العربية في أسرع وقت ممكن إذا كانت ترغب في رفع العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها الجامعة العربية ضد سوريا في وقت سابق.

وقال العربي في مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مقر وزارة الخارجية العراقية في بغداد، إن سوريا أرسلت ما يشير إلى قبولها المبادرة من حيث المبدأ، لكنها اشترطت إلغاء جميع العقوبات الاقتصادية التي كانت الجامعة قد أصدرتها ضد سوريا في وقت سابق.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال في مقابلته مع باربرا وولترز من تلفزيون «إيه بي سي نيوز» الأميركي، إنه لن يسمح للمراقبين بالدخول والتصرف على هواهم. وقال ردا على سؤال حول ما إذا كان سيوافق على طلب الجامعة العربية بإدخال مراقبين إلى البلاد «نعم بالطبع.. لكن يجب أن يكون ذلك متماشيا مع سيادتنا.. لا يمكنهم أن يأتوا ويفعلوا ما يشاءون».

وقال العربي إن الحكومة السورية أرسلت «قبول التوقيع على البروتوكول.. والبروتوكول هنا هو الإطار القانوني لبعثة ومهام وفد الجامعة العربية الذي من المفروض أن يذهب إلى سوريا ويشاهد بنفسه ما يجري على الأرض». وأضاف العربي أن السوريين طالبوا باعتبار «جميع القرارات التي أصدرتها الجامعة العربية بحق سوريا لاغية بمجرد التوقيع هذا الموضوع».

ولم يحدد العربي موقف الجامعة بخصوص المطلب السوري بإلغاء العقوبات، لكنه قال إن الجامعة العربية عرضت هذا الموضوع على مجلس وزراء الخارجية العرب «لأنه الجهة التي أصدرت هذه القرارات». ولم يفصح العربي عما إذا كانت الجامعة تضع موعدا نهائيا لتسلم الرد السوري بشكل رسمي أم لا، لكنه قال إنه إذا كان السوريون يسعون إلى رفع العقوبات عنهم فعليهم قبول المبادرة «بأسرع وقت ممكن». وتوقع العربي أن يكون هناك «اجتماع قريب» لمجلس وزراء الخارجية العرب لاتخاذ موقف بشان الرد السوري.

من جهته، جدد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أمس استعداد بلاده وجاهزيتها لعقد القمة العربية في بغداد العام المقبل.

وقال المالكي خلال استقباله الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن العراق مستعد لاستضافة القمة العربية في بغداد، مشيرا إلى أن العراق يقف إلى «جانب حق الشعوب في المطالبة بحريتها وتحقيق كرامتها»، ويؤكد ضرورة اتباع «أساليب تحقق أهداف الشعوب دون اللجوء إلى الحروب والعنف»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت الجامعة العربية قد صوتت يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بفرض عقوبات اقتصادية ضد سوريا بعد أن رفض الرئيس السوري بشار الأسد مبادرة للجامعة تهدف إلى وقف حملة عنف لقمع الانتفاضة المناهضة لحكمه. وقال العربي إن العقوبات اعتبرت «سارية المفعول» منذ يوم السابع والعشرين من الشهر الماضي. وجاء إقرار العقوبات بموافقة 19 عضوا من الأعضاء الاثنين والعشرين في الجامعة. ومن بين العقوبات فرض حظر على سفر كبار المسؤولين السوريين إلى الدول العربية، وتجميد الأموال المرتبطة بالحكومة السورية، وعدم التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف الاستثمارات في سوريا.

ودعت خطة السلام العربية إلى إرسال مراقبين عرب إلى سوريا، وانسحاب القوات الحكومية من المناطق السكنية، والبدء باتخاذ إصلاحات سياسية، وهذا يتطلب محادثات بين الحكومة والمعارضة. وتجاهلت دمشق العديد من المواعيد التي حددتها لها الجامعة العربية لتطبيق خطة السلام.

وقال العربي إن الرد السوري تضمن مقترحا وصفه بأنه غير جوهري، وأنه يدعو أن يكون التوقيع على مبادرة الجامعة في دمشق وليس في مقر الجامعة العربية. وأوضح العربي أن الجامعة العربية قابلت في الفترة الماضية مختلف أطياف المعارضة السورية. وقال إنه يتوقع وبمجرد صدور قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب أن يصار إلى عقد اجتماع تحضيري لأطياف المعارضة السورية. وأشار إلى أن هذا الاجتماع قد يتم «الأسبوع المقبل» لبحث ترتيبات إرسال وفد تقصي الحقائق إلى سوريا، لكنه قال إن هذا الأمر مقرون بقيام الحكومة السورية بتوجيه دعوة لهذا الوفد.

وقال العربي إن الكرة الآن في ملعب السوريين، وعليهم إعلان موافقتهم النهائية إذا كانوا راغبين في رفع العقوبات الاقتصادية عنهم.

وأضاف أن زيارته للعراق هي للبحث في إمكانية أن تقوم الحكومة العراقية باستثمار علاقتها مع سوريا لدعم وإنجاح مبادرة الجامعة العربية.

من جهته، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد أمس، أن الحكومة العراقية ستناقش مع نظيرتها السورية تطبيق المبادرة العربية لوقف العنف في سوريا.

وقال زيباري في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن «الحكومة العراقية ستقوم ببذل جهودها مع الحكومة السورية في سبيل تذليل العقبات أمام هذه المبادرة النبيلة».

وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أعلن قبل أيام أن العراق مستعد للوساطة بين المعارضة والحكومة السورية. وقال علي الموسوي، مستشار رئيس الحكومة، أمس، إن العراق مستعد لاستقبال المعارضة السورية في مسعى لإنهاء العنف وإراقة الدماء في سوريا وتحقيق مطالب الشعب السوري. وقال زيباري «الحكومة العراقية أبدت مؤخرا رغبتها في الانفتاح على المعارضة السورية أيضا، وهذا في سبيل دعم الجهود ودعم مبادرة الجامعة». ووصف زيباري المبادرة بأنها ما زالت «في مراحلها الأولى»، وأن هناك أطرافا عديدة من المعارضة السورية، وأنها تحتاج إلى وقت. وقال «لدينا اتصالات جيدة أيضا مع الحكومة السورية، وبإمكاننا أن نقوم بدور مسؤول في دعم تنفيذ المبادرة العربية حقنا للدماء ولمصلحة الشعب السوري».

من جهتها، قالت فرنسا أمس إن الرئيس السوري بشار الأسد لن يفلت من العدالة، ورفضت إنكاره إصدار أوامر للقوات بقتل المحتجين المناهضين للحكومة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «على غرار كل من هو مسؤول عن القمع، سيضطر لدفع ثمن الجرائم التي ارتكبها في سوريا على مدى أشهر. لن يفلت من العدالة». وكانت فرنسا من أعلى الأصوات التي ضغطت لاستصدار قرار من الأمم المتحدة يهدد سوريا بفرض عقوبات إن هي لم توقف الحملة. وتسعى باريس الآن جاهدة لإنشاء ممرات إنسانية لإمداد السكان بالمساعدات. وقال فاليرو إن باريس لا تعطي مصداقية لتصريحات الأسد «الاستفزازية» لأنها تتناقض بشدة مع الواقع. وقال فاليرو «ما زال نظام دمشق يرفض بعناد مطالب الجامعة العربية والمجتمع الدولي، لكن الشعب السوري والمجتمع الدولي أصدرا الحكم عليه».