البحرين: لقاء تنسيقي يجمع مسؤولي الأجهزة الأمنية والصليب الأحمر خلال يومين

مرصد حقوق الإنسان في المنامة يطالب «الوفاق» بأن تكون على قدر المسؤولية وعدم تضييع الفرصة

مايكل بوسنر
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر أمني بحريني أن مسؤولين في الأجهزة الأمنية البحرينية سيلتقون مسؤولين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، خلال اليومين المقبلين، وذلك في إطار تنفيذ الاتفاقية التي وقعتها وزارة الداخلية البحرينية والصليب الأحمر، وسيخلص الاجتماع لوضع جدول زمني لزيارة السجون وتدريب منسوبي الأجهزة الأمنية على العمل وفق مبادئ ومعايير حقوق الإنسان.

يأتي ذلك بعد نحو أربعة أيام من توقيع الاتفاقية بين وزارة الداخلية البحرينية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفي إطار حقوق الإنسان تستقبل مملكة البحرين وفدا من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وفي ذات الإطار تستقبل البحرين خلال هذه الفترة مايكل بوسنر، مساعد وزيرة الخارجية وأكبر مسؤول في مجال حقوق الإنسان بالوزارة، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن بوسنر سيسافر إلى البحرين خلال الأيام المقبلة، لمواصلة الحوار بشأن حقوق الإنسان.

الجدير ذكره أن هذه الاتفاقيات والزيارات تأتي ضمن توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق البحرينية، المعروفة باسم لجنة بسيوني، نسبة إلى البروفسور محمود شريف بسيوني، الخبير الدولي في التحقيق في جرائم الحرب، التي قدمت تقريرها في 23 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لعاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عن الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين.

وفي إطار إنجاز المصالحة الوطنية، طالب رئيس مرصد حقوق الإنسان في البحرين الجمعيات السياسية المعارضة وخص جمعية «الوفاق» بأن يكونوا على قدر المسؤولية، وأن يغتنموا الفرصة وأن يستجيبوا للخطوات التي تتخذها حكومة البحرين.

وأكد المصدر الأمني إن الاجتماع سيضم مديري التوقيف ولجنة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، وسيتم التنسيق للمرحلة الثانية من الاتفاقية المبرمة بين الوزارة واللجنة الدولية لزيارة السجون ومرافق التوقف، كما سيتم الترتيب للبرامج التدريبية وفق جدول زمني سيتم الاتفاق عليه.

ولفت المصدر الأمني في حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى أن الكل ينظر إلى الاتفاقية بين وزارة الداخلية البحرينية واللجنة الدولية للصليب الأحمر من الزاوية التي يريدها؛ فالمعارضة السياسية تنظر لها وكأنها مخصصة للسجناء السياسيين فقط، موضحا أن الاتفاقية تشمل كل الموقوفين في المراكز والأجهزة الأمنية دون استثناء لأحد، مؤكدا أن وزارة الداخلية اتخذت هذه الخطوة وهي تضع في اعتبارها أن الكاسب الحقيقي من هذا التوجه هي مملكة البحرين لأنها سترتقي بإجراءاتها الأمنية إلى مستوى تطبيق أعلى المعايير العالمية التي تضع مبادئ وحقوق الإنسان في أعلى سلم الأولويات عند أداء العمل الأمني.

وقال إن الاتفاقية تتضمن تقديم الاستشارات والتدريب، وليست رقابية على الأجهزة الأمنية بقدر ما هي مراقبة للمعايير والإجراءات الأمنية وفحصها لكي تتواءم من مبادئ وحقوق الإنسان، وشدد على أن الأجهزة الأمنية في البحرين لن تتراجع عن مستوى المعايير الدولية عند التعامل مع الموقوفين، أو خلال التحقيقات، كما أنها ليست بحاجة إلى من يراقبها لكي تحفظ للسجين إنسانيته، على حد تعبيره.

وفي ذات السياق، أعلنت مملكة البحرين عن استقبال وفد من المفوضية السامية لحقوق الإنسان سيقوم بزيارتها في الفترة من 13 إلى 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بهدف الاطلاع على احتياجات المملكة فيما يتعلق بالتعاون الفني والمساعدة الحقوقية التي يمكن أن تقدمها المفوضية، ولتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وذلك في إطار التعاون بين الجانبين.

وتأتي هذه الزيارة بناء على دعوة من مملكة البحرين، وخاصة أن المفوضة السامية لديها خبرات فنية كثيرة يمكن الاستفادة منها في تنسيق توصيات اللجنة.

وسيلتقي وفد المفوضية بعدد من المسؤولين البحرينيين، كما سيلتقي بعدد من شخصيات المجتمع المدني لتقييم الاحتياجات التي يتطلبها برنامج التعاون الفني بين مملكة البحرين والمفوضية السامية لتعزيز حقوق الإنسان، والتي تأمل وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية أن يتم بعدها التوصل إلى برنامج للتعاون الفني بين مملكة البحرين والمفوضية السامية.

ونقلت وكالة أنباء البحرين (بنا) عن وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، أسفها لقيام عدد من وسائل الإعلام المحلية وبعض التنظيمات والأفراد بالمجتمع لاستغلال الإعلان عن الزيارة لتأويل هدفها من زيارة تقييم لاحتياجات البحرين في إطار التعاون الفني بينها وبين المفوضية إلى زيارة تتعلق بالتحقيق في الانتهاكات لأجل أهداف سياسية ضيقة لا ترتقي إلى الهدف الأسمى، لتعزيز واحترام حقوق الإنسان، الذي تسعى له مملكة البحرين منذ أمد طويل.

وشددت الوزارة على أن الزيارة لا تتضمن أي مهمة تحقيق، وأن حديث المتحدث باسم المفوضية عن الزيارة كان يرتكز على موضوع التعاون الفني، وأن الزيارة تمت بطلب وترتيب من مملكة البحرين، وشددت وزارة حقوق الإنسان مملكة البحرين انتهت من مسألة التحقيق منذ فترة بتقديم تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي عملت بالمملكة لمدة ستة أشهر، وتعاونت معها جميع الجهات الرسمية حيث كان مارست الوزارة التنسيق بين الجهات الرسمية واللجنة.

أمام ذلك، قال حسن الشفيعي، رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان، مؤسسة مستقلة مقرها بريطانيا، إنه كمراقب لحقوق الإنسان يرحب بالخطوات التي اتخذتها وتتخذها حكومة البحرين لجانب تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، كما أشاد بزيارة المفوضية السامية لحقوق الإنسان لمملكة البحرين، وقال إن هذه التطورات جاءت بناء على توصيات لجنة بسيوني، التي أكدت أن الأجهزة المعنية بتطبيق القانون، التي يأتي على رأسها وزارة الداخلية بحاجة إلى تطوير وتدريب دائمين لمنسوبيها، وإجراءاتها الأمنية، وفق معايير ومبادئ حقوق الإنسان.

وأضاف الشفيعي أن لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الكثير من الخبرة التي تحتاجها البحرين في هذا الجانب، خصوصا أنها منظمة دولية تعنى بحقوق الإنسان الأساسية المعترف بها دوليا، وقال الشفيعي أن الصليب الأحمر عرف عنها حياديتها ومهنيتها وبعدها عن الأجندات السياسية.

وقال إن التشكيك في توجه مملكة البحرين لترقية أنظمتها لتتوافق مع معايير ومبادئ حقوق الإنسان، يدحضه الخطوة التي اتخذها الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتشكيل لجنة تقصي حقائق، وقبول الملك في خطوة شجاعة أمام العالم بكل ما ورد في تقرير اللجنة.

وشدد الشفيعي على أن الخطوات التي تتخذها الحكومة تتطلب من جمعيات المعارضة السياسية تقدير ذلك، عبر البناء على التقرير والمساعدة المخلصة في إنجاز مضامينه، وتطبيق توصياته، والمشاركة في البناء الوطني سياسيا عبر مصالحة اجتماعية تعيد الثقة بين الأطراف جميعا، كما بين الطوائف.

وطالب الشفيعي جمعية الوفاق، إحدى جمعيات المعارضة السياسية، بأن تكون على قدر المسؤولية المنتظرة منها، حيث قال إن تضييع هذه الفرصة لا يخدم قوى المعارضة كما لا يخدم أحدا في السلطة والمجتمع.