الأردن: سوريون يحاولون اقتحام سفارة بلادهم احتجاجا على احتجاز 5 منهم داخلها

قالوا إن السفارة احتجزتهم لأنهم يرتدون علم الاستقلال.. والأمن الأردني يعتقل 8 أشخاص ويكثف وجوده

محتجون سوريون غاضبون يرفعون أحذيتهم أمام سفارة بلادهم في عمان أمس احتجاجا على احتجاز مواطن سوري داخلها (أ.ب)
TT

حاول المئات من أبناء الجالية السورية أمس اقتحام سفارة بلادهم في حي عبدون الدبلوماسي في العاصمة الأردنية عمان، احتجاجا على تعرض سوريين للضرب داخل السفارة واحتجاز بعضهم.

وعززت قوات الأمن الأردنية من وجودها في محيط السفارة، وتصدت للمعتصمين الموجودين أمامها بعد أن شهد محيطها توترا يعد الأكثر حدة منذ بدء الاعتصامات أمامها احتجاجا على الأحداث في سوريا. وهتف المعتصمون الغاضبون بشعارات استهدفت النظام السوري وشقيق الرئيس السوري ماهر الأسد والسفير السوري في عمان بهجت سليمان الذي طالبه المحتجون بالرحيل من سفارة «الشعب السوري».

وقابلت السفارة السورية المعتصمين بالطريقة ذاتها التي تتبعها منذ بدء الاعتصامات، وذلك بتشغيل الأغاني الوطنية السورية عبر مكبرات للصوت، كما وضع علم «الاستقلال» السوري على مدخل السفارة ليدوس عليه موظفوها خلال دخولهم وخروجهم في محاولة لاستفزاز المعتصمين.

وأكد رئيس الهيئة الأردنية لنصرة الشعب السوري علي أبو السكر، من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في كلمة ألقاها أمام المعتصمين، أن «هذه السفارة لا تمثل الشعب السوري بل هي امتداد للشبيحة في سوريا ونظام الأسد، وأن الشعب الأردني لن يسمح لشبيحة النظام بأن يعتدوا على أي شخص سوري على الأرض الأردنية». كما طالب أبو السكر الحكومة الأردنية بعدم التزام الصمت تجاه ما فعلته السفارة السورية لما يمثله ذلك من خرق للسيادة الأردنية، حسب تعبيره.

وتمكنت الأجهزة الأمنية من إخراج الناشط السوري أحمد الشريقي من مبنى السفارة وتحويله إلى مركز أمن البيادر غرب عمان بهدف الحصول على إفادته حيال ما جرى. وأوضح والد أحمد الشريقي أنه تمكن من رؤية ولده في المركز الأمني عقب خروجه، مؤكدا وجود آثار ضرب «قاسية» على جسده وأجساد من رافقوه للسفارة، والذين يوجد اثنان منهم بأحد المستشفيات الخاصة لتلقي العلاج.

وقد رهن المعتصمون إنهاء اعتصامهم بالإفراج عن الشريقي من المركز الأمني، كما كانوا رفضوا مسبقا إنهاء الاعتصام قبل الإفراج عنه من قبل السفارة، وصمموا على البقاء مقابل مبناها لحين رويته طليقا. وقابل الأمن العام الأردني مطالب المعتصمين بأن الشريقي لن يخرج من المركز الأمني إلا بعد فض اعتصامهم، الأمر الذي أجبرهم على فض الاعتصام للاطمئنان عليه. واعتذروا قبل فض اعتصامهم لرجال الأمن الأردني، وأبدوا اعتزازهم الشديد بمهنيتهم في التعامل معهم.

وكان 5 أشخاص يحملون الجنسية السورية قد تعرضوا للضرب داخل سفارة بلادهم في عمان صباح أمس لارتدائهم كوفية للرأس عليها علم «الاستقلال السوري»، أثناء مراجعتهم للسفارة. وبين شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» أنه تم نقل شخصين منهم إلى المستشفى نتيجة تعرضهم للضرب بواسطة عصي كهربائية من قبل أمن السفارة، فيما نقل آخرون إلى المركز الأمني، وبقي شخص واحد محتجزا داخل السفارة واسمه أحمد الشريقي، سُلم إلى السلطات الأردنية بعد اعتصام الجالية السورية أمام السفارة.

كما قامت الأجهزة الأمنية باعتقال أحد الأشخاص المشاركين في الاعتصام حال نزوله من المركبة التي كانت تقله أمام مبنى السفارة من دون الإفصاح عن السبب. ووزع المشاركون في الاعتصام الحلوى عقب إعلان الإفراج عن كل المحتجزين ابتهاجا بخروجهم.

من جانبها، قالت السفارة السورية في عمان، في بيان لها، إن «مبنى السفارة تعرض الساعة التاسعة صباحا لاقتحام مجموعات من الأشخاص على شكل مراجعين يرتدون معاطف وجاكيتات شتوية، قاموا فور دخولهم إلى القنصلية بخلعها داخل صالة الانتظار (أكثر من عشرة أشخاص بالداخل)، وكانوا يرتدون تحتها علم (الاحتلال الفرنسي)، ولدى محاولة إخراجهم من قبل عنصر الأمن في السفارة قاموا بمهاجمته وضربه بأدوات كانوا يحملونها فأغمي عليه، ثم قاموا بضرب بعض أعضاء السفارة والعاملين فيها لدى التدخل لمحاولة منعهم، مما أدى إلى إصابة المستشار محمد أبو سرية نائب السفير، والقنصل تمام غانم، والموظف المحلي محمد الأحمد، والموظف المحلي محمد رفاعي، والموظف المحلي محمد هنيدي، من العاملين في السفارة، وعدد آخر من الدبلوماسيين والعاملين فيها. وعرف من المهاجمين (أحمد بن مصطفى الشريقي وشقيقه حسين وغالب بن صفوان دركوش وصفوان غالب وشخص يدعى يمان تربطه علاقة قرابة بصفوان)، وتم احتجاز أحد المهاجمين ويدعى أحمد بن مصطفى الشريقي وسيتم تسليمه إلى السلطات الأردنية عبر القنوات الدبلوماسية».

وأضاف البيان أن «الشرطة الأردنية قامت باعتقال عدد من المهاجمين (8 أشخاص تقريبا) ممن كانوا داخل السفارة، وهربت مجموعتا الإسناد اللتان كانتا بالقرب من باب السفارة بعد أن حاول أفرادهما اقتحامها أثناء إغلاق الباب لتأمين خروج من كانوا بالداخل». وأشار البيان إلى «قيام مجموعة من الأشخاص بالتعرض للسادة الدبلوماسيين وسبهم وملاحقتهم بالسيارات خلال الأيام الماضية». واعتبر البيان هذا الأمر يشكل اعتداء سافرا على حرمة السفارة السورية لدى الأردن، وتطاولا على سوريا وعلى العاملين فيها، والعاملين الدبلوماسيين، ويتنافى مع أحكام القانون الأردني واتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والعلاقات القنصلية لعام 1963. واستنكرت السفارة في بيانها هذه الأعمال الرعناء، وحذرت من مغبة الإقدام عليها مرة أخرى.

يشار إلى أن قوات الأمن الأردنية تشدد الحراسة على السفارة السورية في عمان منذ اندلاع الأحداث في سوريا ومحاولة عدد من أفراد المعارضة السورية اقتحامها الشهر الماضي.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين الذي وصلوا إلى الأردن بلغ أكثر من 5 آلاف لاجئ يعيشون في مدن الرمثا والمقرف وعمان الزرقاء، إضافة إلى وجود أكثر من 30 ألفا معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين السوريين من الذين فروا من سوريا بعد عام 1980 على خلفية مجزرة حماه ويعيشون في أحياء الذراع والنزهة وصويلح بعمان والزرقاء ومدن أخرى.