حزب التقدم والاشتراكية يقرر المشاركة في حكومة بن كيران المغربية

عقب اجتماع عاصف وصلت فيه الأمور إلى حد التشابك بالأيدي

TT

حسم حزب التقدم والاشتراكية موقفه من المشاركة في الحكومة المقبلة التي يرأسها عبد الإله بن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية خلال اجتماع عاصف للجنة المركزية للحزب في الليلة قبل الماضية، حيث وافقت بأغلبية أعضائها على قرار المشاركة.

وقالت مصادر الحزب إن اللجنة المركزية خلال اجتماعها في سلا المجاورة للرباط «وافقت بالأغلبية على مبدأ المشاركة». وكان كل من حزبي الاستقلال والحركة الشعبية وافقا كذلك على المشاركة في حكومة بن كيران، وهو ما يعني أن الحكومة ستحظى بتأييد 217 نائبا من نواب مجلس النواب، وهم العدد الإجمالي لنواب العدالة والتنمية، والاستقلال، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية. يشار إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المكون لتحالف الكتلة الديمقراطية إلى جانب حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية، اختار عدم المشاركة في الحكومة وقرر الانتقال إلى المعارضة.

وعرف اجتماع اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية الذي بدأ في التاسعة والنصف من صباح السبت واستمر حتى الليل في سلا، نقاشا حادا بين أعضاء اللجنة وتدخلات قوية تطورت في بعض الأحيان إلى شجار بالأيادي وتوجيه اتهامات إلى المكتب السياسي من طرف أعضاء من شباب الحزب، حيث اتهموه بتوجيه الاجتماع من أجل إقناع الأعضاء بمبدأ المشاركة في الحكومة، وفي غضون ذلك وزع معارضون للمشاركة (نحو 50 عضوا) بيانا يعبرون فيه عن رفضهم للمشاركة في الحكومة، وقالوا إن توجه نبيل بن عبد الله الأمين العام يتناقض مع مبادئ الحزب الذي دخل في صراعات وخلافات عميقة مع حزب العدالة والتنمية، مؤكدين أن ذلك يتعارض مع هوية الحزب التي تتعارض مع توجهات حزب العدالة والتنمية.

وقال نبيل بن عبد الله، ردا على معارضي حزبه، إن قرار المشاركة في الحكومة لا يتناقض مع حجم الحزب وهويته، وإنه لن يترك ذلك يحدث لأن المشاركة في الحكومة ستستند على شروط كفيلة بأن تحفظ للحزب مكانته وتخدم مشروعه وبرنامجه الذي تعاقد فيه مع الشعب المغربي بتمثيل إيجابي ومساهمة وازنة وقوية. وقال بن عبد الله إثر التصويت بالأغلبية على قرار المشاركة في الحكومة إن التصويت جاء ثمرة نقاش ديمقراطي مسؤول وحاد، عبّر فيه بعض الأعضاء عن تخوفهم من فقدان الحزب لهويته ومشروعه التقدمي، موضحا أن المشاركة في حكومة بن كيران لا تعني أن حزبه «سيفقد هويته ومواقفه التقدمية، ودفاعه عن الحريات الفردية»، على حد تعبيره. وعبر أنس الدكالي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وهو نائب برلماني، عن ارتياحه لقرار اللجنة المركزية، وقال إنه اتخذ «بعد نقاش عميق وصريح عرف أربع جولات وشهد آراء مضادة». وأوضح الدكالي لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة المقبلة هي استمرار للإصلاح الذي انخرط فيه المغرب وانتقال من إصلاحات دستورية إلى إصلاحات سياسية تضمن تنزيل الدستور الجديد، مشيرا إلى أنه على الرغم من خلافات حزبه مع حزب العدالة والتنمية على مستوى الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، فإن التعاقد معه سيكون على أساس حكومي وبرنامج واضح المعالم والأولويات، تكون فيه ضمانات التقدم وتحقيق المكتسبات في مجال حقوق الإنسان والحريات الفردية والمساواة بين الرجل والمرأة، إضافة إلى الاتفاق على هندسة حكومية متقدمة.

وقال الدكالي إن الحزب من خلال مشاركته في الحكومة سيكون في مكان أقوى مقارنة مع مشاركته في الحكومات السابقة، وأوضح أنه إذا تبين للحزب أن هناك تهديدا للحريات والمكتسبات التي حققها المغرب على المستوى الديمقراطي، فإن الحزب مستعد لمغادرة الحكومة والحفاظ على مبادئه ومكانته، ومضى يقول الدكالي إن «الشعب المغربي عندما صوت لحزب العدالة والتنمية لم يصوت له من أجل أغراض دينية، بل كان التصويت إشارة ضد المفسدين الذين يريدون السيطرة على المشهد السياسي والتحكم فيه، وهذه هي الإشارات التي التقطها حزبنا ودفعت به إلى المشاركة في حكومة بن كيران».