أوباما يلتقي المالكي اليوم في واشنطن.. والأربعاء يعلن لقواته نهاية حرب العراق

مقرب من رئيس الوزراء العراقي لـ «الشرق الأوسط» : المالكي حريص على تأكيد الثوابت الوطنية

جنود عراقيون يحملون رفاة جنود عراقيون قتلوا في الحرب العراقية – الإيرانية سلمتها إيران أمس (ا.ب)
TT

بدأ رئيس الوزراء العراقي أمس، زيارة وصفت بأنها «تاريخية»، لأنها تتزامن مع رحيل الجيش الأميركي من العراق، ولحسم كثير من الخلافات، ورسم طبيعة العلاقات المستقبلية التي تربط البلدين، في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة.

وسيلتقي المالكي اليوم الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبعد غد سيذهب أوباما إلى قاعدة فورت براق (ولاية نورث كارولينا) ليستقبل فوجا جديدا من القوات العائدة إلى العراق، وليعلن للقوات نهاية حرب العراق، على الرغم من بقاء الآلاف من القوات لمساعدة العراقيين في تدريب قواتهم المسلحة.

وقال بيان أصدره البيت الأبيض عن زيارة أوباما لقاعدة فورت براق: «نحن نضع نهاية مؤكدة للحرب الأميركية في العراق هذا الشهر، فإن الرئيس يريد الحديث مباشرة إلى أفراد القوات المسلحة وعائلاتهم، متمثلين في الذين سوف يلتقي بهم في قاعدة فورت براق». وأضاف البيان: «الرئيس سوف يتحدث عن التضحيات الهائلة والإنجازات الكبيرة للأميركيين الشجعان الذين اشتركوا في الحرب في العراق.. سوف يتحدث عن حدث غير عادي وهو إنهاء تلك الحرب».

وقال البيان إن القاعدة اختيرت كرمز للانسحاب لأنها «لعبت دورا رئيسيا أثناء الحرب في العراق، وقدم أعضاء القوات المسلحة فيها وأسرهم خدمات رائعة لبلدنا».

ومن المقرر أن يجري رئيس الوزراء العراقي محادثات مع أوباما ونائب الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، إضافة إلى أعضاء في الكونغرس ورجال أعمال أميركيين، حيث ستتطرق المحادثات إلى مسائل عدة تشمل الأمن والطاقة والتربية والعدل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، إن المالكي وأوباما «سيناقشان مغادرة القوات الأميركية للعراق وجهودنا لفتح صفحة جديدة في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق». وأضاف أن «الرئيس يحيي تضحيات كل الذين خدموا في العراق والشعب العراقي للوصول إلى تحقيق الوعد الذي قطعناه بترسيخ صداقة أميركية - عراقية في وقت ننهي الحرب في العراق». وهذه ثالث زيارة لنوري المالكي إلى الولايات المتحدة كرئيس للوزراء، وكانت الزيارة الأولى للمالكي إلى واشنطن جرت في يوليو (تموز) 2006 بينما كانت البلاد غارقة في أعمال عنف طائفية دامية، قتل فيها عشرات الآلاف، تلتها زيارة في يوليو 2009 بعد انسحاب القوات الأميركية من مراكز المدن.

وقال مراقبون في واشنطن إن البيت الأبيض تعمد وضع اجتماع أوباما مع المالكي قبيل زيارة أوباما للقاعدة العسكرية ليقول أوباما للقوات، وللشعب الأميركي، إن العراقيين راضون بما يحدث. وذلك بسبب انتقادات لأوباما بأنه استعجل الانسحاب، خاصة بسبب توتر العلاقات الأميركية - الإيرانية، واتهامات أميركية لإيران بأنها تريد السيطرة على العراق بعد الانسحاب الأميركي.وأضاف المراقبون أن أوباما سيلقي خطابات أخرى قبل نهاية العام، ليركز على أنه وفى بوعد كان قطعه خلال الحملة الانتخابية سنة 2008 بسحب هذه القوات. كما أن أوباما سيركز على ذلك خلال الحملة الانتخابية في السنة المقبلة عندما يعيد ترشيح نفسه.

وعلى الرغم من أن اجتماع أوباما والمالكي سوف يتطرق إلى الموضوع الإيراني بعد أن فرضت واشنطن عقوبات جديدة ضد إيران، وأيضا الموضوع السوري بسبب رغبة الولايات المتحدة في انضمام العراق إلى قرارات الجامعة العربية بفرض عقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، فإن المراقبين يتوقعون أن يكون مستقبل العلاقات الأميركية - العراقية هو الموضوع الرئيسي. وقال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، علي الموسوي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ستكون هذه زيارته الأولى، وهو زعيم دولة لا قوات أجنبية فيها وتستطيع الاتكال على نفسها بشكل كامل». وأضاف: «سنناقش كل أوجه التعاون ونفتح أفقا جديدا للعلاقات بين بغداد وواشنطن بعدما كانت تحكمها المسائل العسكرية». ويرافق المالكي في زيارته هذه وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، وكبير مستشاريه، ثامر الغضبان، ومستشار الأمن القومي، فلاح الفياض. وكان البيت الأبيض أعلن، قبل عشرة أيام، مسودة الاتفاقية التي اتفق عليها الطرفان لمرحلة ما بعد الانسحاب. وتقول المسودة إن البلدين «ملتزمان بإقامة شراكة قوية على أساس المصالح المتبادلة التي ستواصل النمو خلال السنوات المقبلة. بلدانا الآن يدخلان مرحلة جديدة في علاقاتنا، ولدينا فرصة تاريخية لتعزيز علاقاتنا لتتجاوز الجانب الأمني، بهدف بناء علاقات متعددة الأوجه من خلال التجارة والتعليم والثقافة وتطبيق القانون ونظافة البيئة والطاقة ومجالات هامة أخرى».

وأشار المراقبون في واشنطن إلى أن هذه الاتفاقية التي سيوقع عليها الرئيس أوباما تأتي بعد ثلاث سنوات من اتفاقية وقع عليها الرئيس السابق بوش الابن، وهي «اتفاقية الإطار الاستراتيجي». في تلك الاتفاقية اتفق الجانبان على «تأسيس علاقات قوية طويلة الأمد من التعاون والصداقة».

ووصفت الاتفاقية بأنها «أساس علاقة دائمة ومتبادلة المنافع، وتعتمد على مبادئ التعاون، والسيادة، والاحترام المتبادل».

وقبل أسبوعين، خلال زيارة نائب الرئيس، جو بايدن، للعراق، واجتماعه مع المالكي، نوقشت مسودة الاتفاقية النهائية. واتفق الجانبان على العمل معا لتنفيذ بنودها. ومن بنودها، بالإضافة إلى الثقافية، والاقتصادية، والنفطية، بند عن «التعاون الدبلوماسي». وفيه أن الولايات المتحدة سوف تواصل التعاون الوثيق مع العراق في المحافل الدولية من أجل تحقيق المصالح المشتركة. والولايات المتحدة تؤكد من جديد أيضا دعمها للجهود الرامية إلى حل جميع القضايا المتبقية من الفصل السابع (إشارة إلى عقوبات مجلس الأمن التي فرضت على العراق في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين).

من جانبه قال عدنان السراج، عضو ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «إن هناك الكثير من الملفات المهمة التي سيبحثها رئيس الوزراء مع الإدارة الأميركية، من منطلق أن الولايات المتحدة تركت بصماتها على الواقع السياسي والعسكري العراقي، وبالتالي فإنه لا بد من تحديد أسس هذه العلاقة في ضوء هذه المعطيات، لا سيما أن الأميركيين الآن على وشك أن يتموا انسحابهم من العراق نهاية هذا العام».

وحول العلاقة الإيرانية - الأميركية - العراقية وما إذا كان سيتم بحثها في هذه الزيارة، أوضح السراج أن «هذه من القضايا الهامة وطبقا لمعلوماتي فإن المالكي سيوضح للمسؤولين الأميركيين أنه يريد أن ينأى بنفسه عن أي صراع أميركي - إيراني في المنطقة، وأنه حين يريد أن يقيم علاقة صداقة مع الولايات المتحدة فلن تكون على حساب إيران أو بالعكس».