السويس «سيدي بوزيد مصر» قد تعيد التوازن بين الإسلاميين والليبراليين

تشكل بؤرة ساخنة في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية

TT

«يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي، استشهد تحتك وتعيشي انتي»، لا يزال صدى هذه الأغنية، التي رافقت نضال السوايسة إبان نضالهم ضد هزيمة 67، يتردد في أركان المدينة التي شاء قدرها أن تكون أحد المتاريس الرئيسة في حرب مصر ضد الغزاة. وبعد سنوات، سيتذكر معها الكثير من المصريين لقطة فيديو لميدان الأربعين بمدينة السويس وهو مكتظ بالمحتجين، بينما تنطلق مركبة أمن مركزي مدرعة بسرعة فتدهس بعضهم في محاولة لتفريقهم خلال الأيام الأولى من ثورة 25 يناير من هذا العام.. ومع قرب الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية، تقفز مدينة السويس، كنقطة ساخنة على سطح الواقع السياسي المصري، خاصة أنها تخوض تلك الجولة بروح المقاومة التي لم تفتر بعد في وجدانها.

وقبل يوم واحد من انطلاق الانتخابات في هذه المرحلة، غطت الملصقات واللافتات الدعائية شوارع وميادين المدينة الباسلة، كما طمست اللافتات قسم شرطة الأربعين الأشهر بالمدينة أو «بيت الظلم»، كما وصفه أحد المواطنين، والذي أحرقه المتظاهرون في يناير انتقاما من التعامل الأمني العنيف مع الاحتجاجات التي أكسبت شدتها المدينة لقب «سيدي بوزيد مصر»، في إشارة إلى المدينة التونسية التي بدأت فيها الاحتجاجات التي أطاحت في النهاية بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل أيام من ثورة مصر.

ويأمل أبناء السويس أن ينهي نجاح الانتخابات البرلمانية تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر، مما جعلهم يبدون حماسة كبيرة للمشاركة في الانتخابات التي تذهب في اتجاه فوز التيار الإسلامي بها، وفاز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بأغلب المقاعد الفردية في المرحلة الأولى التي أجريت في تسع محافظات أيضا. كما تصدر نتائج القوائم وتلاه حزب النور السلفي، ويتنافس 109 مرشحين على مقعدي الفردي بالسويس، كما تتنافس 12 قائمة حزبية تضم 48 مرشحا على أربعة مقاعد للقوائم، أبرزها قوائم أحزاب وتحالفات «الحرية والعدالة» و«النور» و«الوفد» و«الوسط» و«الكتلة المصرية» و«الناصري» و«العدل».

ويرى الكثيرون أن أسباب غلبة التيار الإسلامي في هذه الانتخابات هي تلك الوعود التي أطلقوها حول تطبيق الشريعة الإسلامية، ورغبة العديدين في منح هذا التيار الذي تعرض للتهميش طويلا إبان عهد مبارك الفرصة في أن يقدموا ما لديهم حتى يحكم عليهم الجميع في النهاية، ويقول عصام عبد العزيز، (37 عاما)، وهو قائد سيارة أجرة: «عشم السوايسة في السلفيين والإخوان. هي وعودهم بالعمل والسكن وهو ده كل أملهم (الأهالي)»، إلا أن بعض أبناء السويس كان لهم رأي آخر وتحدثوا عن نيتهم التصويت لأحزاب وتكتلات ليبرالية لإحداث توازن داخل البرلمان، لكن عددهم كان أقل بكثير من مؤيدي الإسلاميين. كما عبرت نساء عن مخاوف من أن يجبرهن الإسلاميون على ارتداء النقاب ويمنعوهن من قيادة السيارات.

ورغم أن السويس كانت معقلا احتجاجيا بارزا، فإن هذا لم يردع الكثير من أعضاء الحزب الوطني الحاكم قبل الثورة والمنحل حاليا عن الترشح، لكن جميع من تحدثت إليهم «رويترز» تقريبا قالوا إنه لم يعد لهم مكان في السويس بعدما انتهى عصر تزوير الانتخابات، وتنتشر صور ولقطات فيديو على الإنترنت لمحتجين يمزقون لافتات لهؤلاء المرشحين المعروفين إعلاميا بلقب «الفلول»، أما الشباب الذين أطلقوا شرارة الثورة الأولى فعدد مرشحيهم قليل جدا مقارنة بالقوى الأخرى وحجبت الدعاية الضخمة للإخوان المسلمين والسلفيين الضوء عنهم، وعلى الرغم من أن السويس محافظة صناعية تشتهر بالنفط والحديد والصلب والشحن البحري، فضلا عن أنها تطل على قناة السويس وهي مصدر رئيسي من مصادر الدخل القومي المصري.