أوباما: التاريخ سيحكم على قرار الغزو.. والمالكي يتصرف بما فيه مصلحة العراق

رئيس الوزراء العراقي: لسنا ضد تطلعات الشعب السوري لكننا لن نطلب من الأسد التنحي

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح رئيس الوزراء العراقي، لدى لقائهما في البيت الأبيض بواشنطن، أمس (أ.ب)
TT

بعد لقاءات ومفاوضات في البيت الأبيض استمرت ثلاث ساعات بين الرئيس باراك أوباما ورئيس وزراء العراق نوري المالكي، كان أول سؤال في المؤتمر الصحافي الذي عقداه أمس عن سوريا، إن كان العراق «يدعم» نظام الرئيس السوري بشار الأسد «بسبب ضغوط من إيران».

ورد أوباما بأن الزعيمين ناقشا موضوع سوريا خلال المفاوضات، وأن «هناك اختلافات تكتيكية، لكننا نتفق اتفاقا كاملا على أهمية تحقيق مبادئ الحرية والديمقراطية». وقال أوباما إن العراق «في منطقة متوترة»، وإن المالكي «يتصرف بما فيه مصلحة العراق»، وإن العراق الجديد لا يريد من الدول أن تتدخل في شؤونه، ولا يريد أن يتدخل في شؤون الدول الأخرى.

ومن دون الإشارة إلى موقف العراق من سوريا، قال أوباما إنه متأكد أن المالكي «يضع مصلحة العراق وسيادة العراق في المكان الأول». ورد المالكي على السؤال بقوله: «نحن لسنا ضد تطلعات الشعب السوري، لكني لا أملك حق طلب الرئيس (بشار) الأسد أن يتنحى»، وأضاف أن العراق وسوريا جاران، «ولا بد من الحكمة في هذه الظروف الصعبة». وقال إن العراق عارض قرارات المقاطعة «لأننا تعرضنا للمقاطعة، وعرفنا أن الشعب هو الذي يتضرر منها أكثر من الحكام»، وقال إن العراق يخشى «مخاطر حروب طائفية في العراق، وفي وسوريا وفي غيرها. نخشى من أن تكون مثل كرة الثلج التي سوف تكبر وتكبر».

وأضاف أن العراق قدم مبادرة حل وسط لجامعة الدول العربية, وأن بعض المعارضين السوريين وافق عليها. لكنه لم يقدم تفاصيل لها. وقبل فترة الأسئلة، تحدث الزعيمان عن انسحاب القوات الأميركية من العراق نهائيا. وأشاد أوباما بتضحيات القوات الأميركية، وأكثر من مليون جندي أميركي عملوا في العراق، و«تضحيات عدد كبير من العراقيين». وقال: «ونحن ننهي هذه الحرب، أؤكد للعراقيين أننا سنظل نقف معهم؛ ستكون بيننا شراكة كاملة».

وقال المالكي في خطابه التمهيدي إن «كل الأمور انتهت بنجاح»، وانتقد الذين عارضوا الانسحاب، أو قالوا إن الفوضى ستعم العراق بعد الانسحاب الأميركي، وأشاد بالرئيس أوباما لأنه «وفّى بوعده».

وأشاد المالكي بتعاون الولايات المتحدة مع العراق «في الحرب ضد الإرهاب وضد (القاعدة)». وفي إجابة عن سؤال إذا كانت حرب العراق «سخيفة»، قال أوباما إن التاريخ سيحكم على قرار غزو العراق في 2003، وقال إن العراق صار دولة حرة وديمقراطية، وفيها قضاء مستقل وشفافية، وإن العراق الجديد لن يتدخل في شؤون الدول الأخرى، ولا يريد من الدول الأخرى أن تتدخل في شؤونه.

وتوقع أوباما أن سنوات الحرب ستكون سبب أخطار أمنية من جانب بعض العراقيين على الأميركيين في العراق، لكنه قال إن الولايات المتحدة ستبذل كل ما تستطيع لحماية هؤلاء، وبمساعدة الحكومة العراقية.

وكان المالكي وصل إلى البيت الأبيض في التاسعة والنصف من صباح أمس، وعقد اجتماعا مع الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن، ثم انفرد أوباما والمالكي في المكتب البيضاوي لمدة ساعة تقريبا، وبعد المؤتمر الصحافي المشترك، غادر أوباما وبايدن والمالكي البيت الأبيض إلى مقابر ارلنغتون (ولاية فرجينيا، عبر نهر بوتوماك من واشنطن العاصمة)، حيث وضعوا أكاليل زهور على مقابر جنود أميركيين قتلوا في حرب العراق.

وغدا الأربعاء، يزور أوباما قاعدة فورت براق العسكرية (ولاية نورث كارولينا)، واحدة من القواعد العسكرية الأميركية التي لعبت دورا كبيرا في حرب العراق، ويحيي الجنود الأميركيين العائدين من هناك.

إلى ذلك، أعلن أوباما أن بلاده طالبت إيران باستعادة طائرة الاستطلاع الأميركية من دون طيار التي أسقطتها طهران الأسبوع الفائت. وإذ رفض التعليق على ما اعتبره «قضايا استخباراتية»، قال أوباما في شأن هذه الطائرة: «لقد طالبنا باستعادتها. وسنرى كيف سيرد الإيرانيون» على هذا الطلب.

وكان لافتا أنه عندما خرج أوباما والمالكي من البيت الأبيض للمؤتمر الصحافي في الساحة الجنوبية، كاد يغطي على كلامهما صوت ميكرفون منظمة تدعو إلى إنقاذ السجناء في معسكر «أشرف» العراقي، الذي كان معسكرا ضد إيران خلال سنوات الرئيس العراقي صدام حسين. وبعد سقوط صدام، حرست القوات الأميركية المعسكر، غير أن أنصار المعسكر في واشنطن ومدن أميركية أخرى يريدون من الرئيس أوباما ضمان سلامة الذين في المعسكر بعد انسحاب القوات الأميركية.

وخلال الأيام القليلة التي سبقت لقاء أوباما والمالكي، نظم أنصار المعسكر حملة علاقات عامة كلفت ملايين الدولارات، وخاصة إعلانات صفحات كاملة في الصحف، وإعلانات طويلة في قنوات تلفزيونية رئيسية, وكانت مظاهرة البيت الأبيض من أكثر المظاهرات تنظيما وتنسيقا.

خرج أوباما والمالكي لمقابلة الصحافيين بعد اجتماع قرابة ساعة، وفي بداية الاجتماع، تندر أوباما للمالكي بأن المصورين الذين دخلوا لالتقاط صور وفيديوهات «يعانون من بقايا حفل الكريسماس ليلة أمس»، إشارة إلى حفل كان حضره أوباما وزوجته. ثم قال أوباما للصحافيين: «سأجيب عن أسئلتكم في وقت لاحق»، وذلك لأن صحافيين كانوا سألوه أسئلة خلال التقاط الصور والفيديوهات.

وبينما جلس أوباما والمالكي بالقرب من المدفأة، ووسطهما مترجمة، جلس سبعة عراقيين على الجانب الأيسر. وحسب بيان عراقي رسمي، فإن هؤلاء هم: وزير النقل هادي فرحان العامري، ووزير التجارة بابكر خير الله، ووزير الثقافة سعدون الدليمي، ومستشار الأمن القومي فالح الفياض، ورئيس لجنة الاستثمار الوطني سامي رؤوف الأعرجي، وكبير المستشارين ثامر عباس غضبان، والمستشار الإعلامي لرئيس الوزراء على هادي الموسوي.

وقال صحافي أميركي تحدث إلى بعضهم داخل البيت الأبيض إنهم «قالوا كلاما عراقيا رسميا تعودنا عليه. وهو أن بغداد تغيرت. وإن الأمن أفضل بالمقارنة مع ما كان عليه قبل سنتين، وتمنوا أن يستمر هكذا. لكنهم قالوا إن العراق يحتاج إلى وقت أكثر ليستقر أكثر».

وأشاد واحد منهم بما قال إنه «روعة البيت الأبيض»، وأشاد حتى بالحمام الذي ذهب إليه، وقال: «هذا مثل حلم بالنسبة لي أن أكون هنا. هنا يوجد نظام جميل؛ كل شيء منظم ومرتب، ولكن الحراسة الأمنية ضخمة، إنها تشبه المنطقة الخضراء في بغداد».

وقال عراقي آخر إن أغلبية العراقيين يؤيدون ترتيبات الانسحاب الأميركي، لكن جماعة الصدر وآخرين «يقولون إنها مجرد مسرحية، وإن الاحتلال سيستمر عن طريق السفارة الأميركية العملاقة، وتساءلوا؛ لماذا هي أكبر سفارة في العالم».

وقال الصحافي الأميركي من داخل البيت الأبيض إن صحافيين اثنين رافقا المالكي في الطائرة التي أقلته إلى واشنطن، لكنهما قالا إن المالكي لم يتحدث إليهما خلال الرحلة. وإن واحدا منهما من وكالة الصحافة الفرنسية، والثاني من التلفزيون الحكومي، وإن الثاني، عمار كريم، قال له: «كان حلما بالنسبة لي أن أغادر العراق. لكنى أريد العودة لأن هناك زوجتي، ولأني أحبها»، وقال إن زوجته كانت لجأت إلى سوريا سنة 2006 بسبب الخلافات الطائفية. وعادت مؤخرا إلى بغداد «ولا تريد أن تترك العراق، وتتمنى أن يتحسن الوضع»، وعندما سأله الصحافي الأميركي: «ما رأيها في الرئيس أوباما؟»، أجاب: «إنها لا تشارك في الحياة السياسية. إنها فقط تحب وطنها».

إلى ذلك، قال البيت الأبيض أمس إن إدارة أوباما أخطرت الكونغرس بنيتها بيع العراق دفعة ثانية من الطائرات «إف - 16» المقاتلة، عددها 18 طائرة. وجاء الإعلان في بيان أصدره تومي فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، عقب المؤتمر الصحافي المشترك بين أوباما والمالكي.