مهندسون أردنيون يفحصون وضع جسر المغاربة المؤدي إلى الأقصى

تزايد المخاوف من مخطط إسرائيلي لهدم المدخل التاريخي

جسر المغاربة الذي يقود إلى المسجد الأقصى كما يبدو في مشهد عام للقدس القديمة (أ.ب)
TT

ذكرت مصادر إسرائيلية، أمس، أن حكومة بنيامين نتنياهو والحكومة الأردنية ودائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشرقية المحتلة، توصلت إلى تفاهم يقضي بقدوم وفد مهني أردني لفحص أوضاع جسر المغاربة، أحد مداخل باحة المسجد الأقصى المبارك، والبت في صحة الادعاءات الإسرائيلية بأنه آيل للسقوط.

وقد أعربت هذه المصادر عن أملها في أن تنتهي الأزمة الناجمة عن المخطط الإسرائيلي لهدم الجسر وبناء جسر دائم مكانه، وتصفية أجواء التوتر الناشئة حول هذه القضية.

والجسر، كما هو معروف، يصل ما بين باحة البراق، التي تعتبر أقدس مقدسات اليهود، ويصلون فيها باعتبارها باحة أحد جدران الهيكل «حائط المبكى»، وبين باب المغاربة، وهو المدخل الغربي الجنوبي لباحة الأقصى، أقرب البوابات لمسجد الصخرة المشرفة. ومنذ الاحتلال سنة 1967، هدم حي المغاربة كله، وشرد سكانه، ومنع دخول الفلسطينيين منه إلى الحرم. وقبل ست سنوات، هدم قسم من الجسر خلال الشتاء. فاستغلت أجهزة الأمن الإسرائيلية ذلك لوضع مخطط بناء جسر جديد قوي. وقد تبين أن الهدف من ذلك هو بناء جسر من الباطون المسلح والحديد، بحيث يصلح لاستخدام كمية كبيرة من قوات الأمن الإسرائيلية مع معداتها الثقيلة، في حال أرادت اجتياح باحة الحرم.

وقد أثار هذا القرار موجة احتجاج واسعة في البلاد وخارجها، فتوقف المشروع وتم بناء جسر خشبي مؤقت مكانه. لكن بلدية القدس الغربية ظلت تتحين الفرص لتعود لمشروعها القديم. فأعلنت في الشهر الماضي، أن الجسر الخشبي بات يشكل خطرا على العابرين فوقه، وكذلك على منطقة صلاة المصليات اليهوديات في باحة البراق، ويجب هدمه فورا. لكن هذه الحجة لم تقنع المواطنين الفلسطينيين ولا السلطات الفلسطينية والأردنية. وبدأت الأجواء تغلي في الشارع، وتوجهت السلطات الأردنية إلى الحكومة الإسرائيلية بالاحتجاج، وأضيف سبب آخر لتأزم العلاقات بينهما.

على أثر ذلك، أوعزت الحكومة الإسرائيلية إلى بلدية القدس أن تغلق الجسر مؤقتا إلى حين إيجاد تسوية للموضوع مع الأردن ودائرة الأوقاف.

ويوحي التوجه الجديد بأن إسرائيل ستوافق على أن يفحص الأردنيون هذا الجسر ويقرروا، بناء على ذلك، إن كان خطرا أم لا، وعندها يبدأ حوار حول مصيره.

والمعروف أن إسرائيل تريد لهذا الجسر أن يظل بأيديها، حتى تستخدمه لدخول مصلين يهود إلى باحة الأقصى لأداء الصلاة، ودخول السياح، وكذلك لاستخدام قوات الشرطة والجيش والمخابرات، بينما الأردن والفلسطينيون يطالبون بأن يعود كما كان في الماضي (قبل الاحتلال)، مدخلا مفتوحا أيضا للمصلين المسلمين. ويؤكدون رفضهم لأي تغييرات تجريها إسرائيل على المعالم التاريخية والأماكن المقدسة في القدس عموما وفي منطقة الحرم بشكل خاص.

وقد أثار الترتيب الجديد مع الأردن والأوقاف، سخط المستوطنين اليهود من قوى اليمين. فهاجموا رئيس الوزراء نتنياهو على ما وصفوه بـ«رضوخه للضغوط الإسلامية». وهاجموا الأردن، واتهموه بالموقف المتلون، ونقلوا على لسان «مسؤول كبير» في بلدية القدس قوله، إن «حقيقة الموقف الأردني هي عرقلة المشاريع الإسرائيلية وإبقاء باب المغاربة مغلقا، لكي لا يدخل غير المسلمين إلى باحة الأقصى، ومنع إسرائيل من القيام بأي عمل يخدم المؤمنين اليهود، الذين لا يوجد لهم وفرة من الأماكن المقدسة، وباحة الهيكل هي المكان الأكثر قدسية لهم». وطالب عضو الكنيست، داني دنون، رئيس الكنيست، روبي رفلين، بإجراء بحث عاجل في هذه القضية حتى تضطر الحكومة إلى ضمان دخول المصلين اليهود إلى باحة الأقصى.

من جهته، حذر الشيخ عزام الخطيب، مدير دائرة الأوقاف في القدس، من «كارثة تعد لها إسرائيل في الأقصى وبواباته وباحاته». وقال إنه لا توجد لدى إسرائيل أي نوايا طيبة تجاه الحرم الشريف، «فلو كانوا صادقين، لكانوا وافقوا على المشروع الأردني القديم لترميم جسر المغاربة، بدلا من هدمه». وأضاف أن اليونيسكو كانت قد صادقت على الخطة الأردنية باعتبارها الأكثر مهنية وضمانا للحفاظ على الشكل والمضمون التراثي، وكذلك على المصلين والعابرين. لكن إسرائيل أصرت على وضع خطة تلائم حساباتها الأمنية والعسكرية. وأعرب الخطيب عن أمله في أن يوجد حل معقول للقضية، حتى لا تتدهور المنطقة إلى مسلسل عنف جديد.

من جهتها، اعتبرت حماس قرار الشرطة الإسرائيلية إغلاق جسر باب المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى في البلدة القديمة في القدس بمثابة «حرب دينية». وقالت حماس في بيان لها، إن الإغلاق «خطة مقررة من جانب إسرائيل تهدف إلى تهويد القدس وطرد مواطنيها الفلسطينيين». ودعا البيان «شعبنا إلى الوحدة، كما ندعو قوى المقاومة في الضفة الغربية والقدس إلى القيام بدورها في الدفاع عن المدينة المقدسة والقضاء على هذه العقلية الإسرائيلية الإرهابية».