آلاف الروس ينتقدون ميدفيديف على موقع «فيس بوك».. ومظاهرة غضب يوم 24 ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعتزم طرح قضية الانتخابات الروسية خلال القمة المقبلة

TT

قالت كاثرين أشتون منسقة السياسية الخارجية الأوروبية أمس إن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف سوف يواجه أسئلة من قبل قادة الاتحاد الأوروبي بشأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي تزعم المعارضة أنه شابتها أعمال تزوير. وقالت أشتون قبل القمة الأوروبية - الروسية المقرر عقدها الأربعاء والخميس المقبلين في بروكسل: «نعم، أتوقع أن يتم طرح القضية». وأضافت أشتون أن الاتحاد الأوروبي «رحّب» بقرار ميدفيديف بفتح تحقيق حول ما يزعم من أعمال تزوير في الانتخابات. تعتبر السلطات الروسية أن عمليات التزوير التي نددت بها المعارضة خلال الانتخابات التشريعية لا تتعلق سوى بنسبة ضئيلة من الأصوات ولا يمكن «في مطلق الأحوال» أن تغير النتائج، وفق ما أعلنه المتحدث باسم رئيس الوزراء فلاديمير بوتين.

وقال المتحدث ديمتري بيسكوف إنه «حتى لو جمعتم كل هذه الإفادات المزعومة، فإنها تتعلق بنحو 0.5% من إجمالي عدد الأصوات. وحتى لو افترضنا بالتالي أنه يمكن تقديم طعون بشأنها أمام القضاء، فهذا لا يمكن في مطلق الأحوال أن يعيد النظر في مسالة قانونية الاقتراع أو النتائج النهائية».

وكان المتحدث يجيب عبر الهاتف على أسئلة لوكالة الصحاف الفرنسية حول حصول عمليات تزوير غالبا ما تدعم بأشرطة فيديو نشرت على الإنترنت الروسي منذ انتخابات الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

وتدين المعارضة التي نظمت السبت مظاهرات غير مسبوقة في البلاد منذ وصول بوتين إلى السلطة في لعام 2000 مع مشاركة 50 إلى 80 ألف شخص في موسكو، عمليات تزوير على نطاق واسع وتطالب بإلغاء الاقتراع.

وبوتين الذي يعتبر الرجل القوي في روسيا لم يدل حتى الآن بأي تصريح بعد هذه المظاهرات التي كانت معادية له.

من جهته أعلن ميدفيديف في رسالة على صفحته على موقع «فيس بوك» أنه يرفض مطالب المتظاهرين، لكنه «أمر بالتحقق من المعلومات الواردة من مكاتب الاقتراع المتعلقة باحترام القانون الانتخابي». وقبل الانتخابات التشريعية أعلن بوتين الذي تولى الرئاسة حتى عام 2008 ثم رئاسة الوزراء لأن الدستور لا يخول له الترشح لولاية ثالثة على التوالي، أنه ينوي العودة إلى الكرملين خلال الانتخابات الرئاسية في مارس (آذار) المقبل.

وكان روس غاضبون نشروا آلاف التعليقات على صفحة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بموقع «فيس بوك» الإلكتروني للتواصل الاجتماعي. وكتب أكثر من 11 ألف شخص تعليقات على صفحة ميدفيديف، الذي يصف نفسه بأنه مستخدم نشيط للشبكات الاجتماعية، التي ينتقدونه فيها بشدة لسماحه باعتماد نتائج الانتخابات البرلمانية، التي تردد أنها مزورة.

ومن بين التعليقات التي نشرت على صفحة ميدفيديف «يا للعار»، و«يا للأسف»، و«يا له من كلام فارغ»، والتي جاءت ردا على تعليق نشره الرئيس الروسي وقال فيه إنه لم يوافق «على الشعارات أو البيانات التي أطلقت أثناء المظاهرات الحاشدة» التي نظمت مؤخرا.

وكتب أحد الأشخاص: «كان من بين تلك الشعارات (انتخابات نزيهة). فلترحل يا ميدفيديف!».

وجاء التعليق الذي نشره ميدفيديف الأحد ردا على الاحتجاجات الحاشدة التي نظمت في البلاد احتجاجا على ما تردد حول تزوير الأصوات أثناء الانتخابات البرلمانية.

وذكر مسؤولون معنيون بالانتخابات أن حزب «روسيا الموحدة» الحاكم، الذي يتزعمه ميدفيديف، فاز في الانتخابات وسيحتفظ بالأغلبية في البرلمان.

وانتقد مراقبون دوليون الانتخابات بدعوى حدوث انتهاكات واسعة لقانون الانتخابات. وتظهر آلاف المقاطع المصورة المنشورة على الإنترنت مشاهد لحشو صناديق الاقتراع وناخبون يدلون بعدة أصوات، بل وإعطاء الناخبين أقلاما مليئة بحبر قابل للمسح لاستخدامه في وضع العلامات بأوراق الاقتراع، مما زاد من غضب الشعب.

كان أكثر من مائة ألف روسي نظموا أكبر احتجاجات مناوئة للحكومة في روسيا منذ عقدين تقريبا، وتمركزوا في العاصمة موسكو ومدينة سانت بطرسبرغ الساحلية المطلة على بحر البلطيق.

إلى ذلك، يعتزم المحتجون تنظيم اليوم الضخم المقبل للاحتجاجات في الـ24 من ديسمبر عندما يكون اليكسي نافالني، وهو أحد زعماء الاحتجاج، قد قضى فترة حبس لمدة 15 يوما بسبب دوره في احتجاج جرى الأسبوع الماضي، حسب «رويترز».

ومثل الاحتجاجات التي وقعت السبت والتي أعقبت تجمعات ضخمة للمعارضة في موسكو وسان بطرسبرغ الأسبوع الماضي أكدت الردود التي تلقاها ميدفيديف مدى تراجع ثقة الروس في زعمائهم وأنهم لم يعودوا خائفين من إظهار ذلك. وانتقد مراقبون دوليون والولايات المتحدة الانتخابات. وأطلق الغضب بشأن الانتخابات سنوات من الإحباط المكبوت من بوتين وقيوده السياسية الصارمة.

وتزايد الإحباط منذ سبتمبر (أيلول) عندما أعلن بوتين خططا لاستعادة الرئاسة العام المقبل ليفتح الطريق بذلك أمام احتمال أن يحكم البلاد حتى عام 2024.

وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إنه يتعين على زعماء روسيا السماح للمظاهرات بالمضي قدما وتعلم الدروس من هذه الانتخابات من أجل انتخابات الرئاسة في العام المقبل.

وقال جوبيه لمحطة «آر إف آيز» الإذاعية: «الناس لا يقبلون عندما يتلاعب أحد بالعملية الديمقراطية. إنني رئيس وزراء وسأترك لك الرئاسة، ثم العكس.. هذا أمر ينتهي بإصابة الناس بصدمة. ندعو السلطات الروسية إلى إجراء حوار ومنع العنف والسماح للمعارضة بالتظاهر وتعلم الدروس من أجل تنظيم انتخابات الرئاسة المقبلة».

وفي علامة على أن السلطات بدأت تشعر بتغير الجو العام سمحت سلطات المدن في شتى أنحاء روسيا للاحتجاجات السلمية بالمضي قدما ونادرا ما تدخلت شرطة مكافحة الشغب.

وتبث التلفزيون الرسمي وقنوات أخرى مشاهد لاحتجاج السبت الضخم في موسكو، الذي حضره عشرات الآلاف في خرق لسياسة عدم عرض أي تغطية سلبية للسلطات على الرغم من أنها لم تتضمن انتقادا لبوتين.

ولكن لم ترد إشارة إلى أن بوتين على وشك الرضوخ لطلبات المحتجين، وما زال معظم الخبراء السياسيين يتوقعون أن يفوز في انتخابات الرئاسة في مارس المقبل وتبادل المناصب مع ميدفيديف.

ومن المرجح أن يبحث بوتين الآن عن سبل لإثبات أنه سجل مخاوفهم ولكنه يحاول الخروج من هذه الاحتجاجات أملا في أن تنتهي بسرعة مثلما بدأت بسرعة. ولم يشِر بيان لديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين إلى أي تنازلات. وقال بيسكوف: «نحترم وجهة نظر المحتجين، وإننا نستمع لما يقال وسنواصل الاستماع لهم».