اشتباكات مع الجيش الحر تلهب محافظة إدلب مع ارتفاع عدد الانشقاقات

مقتل 19 شخصا بينهم مواطن سعودي تركي في إدلب والأمن يفتح النار على المشيعين في المدينة.. وانفجار أنبوب غاز ثان في حمص

صورة مأخوذة من أحد مواقع المعارضة السورية لمتظاهرين في شوارع مدينة حمص (رويترز)
TT

hشتدت الاشتباكات في محافظة إدلب بين منشقين والجيش السوري النظامي أمس، في وقت تفاقمت الأزمة في مدينة حمص مع وقوع انفجار ثان في خط أنابيب للغاز، مما أدى إلى اشتعال النار به، ليصبح ثاني خط للأنابيب يتعرض لانفجار في المنطقة في غضون أسبوع واحد.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 19 شخصا قتلوا أمس برصاص قوات الأمن السورية غالبيتهم في محافظة إدلب، إثر تزايد الانشقاقات داخل الجيش السوري. وقد سجل هذا اليوم الدموي انشقاقات واسعة في مختلفة مناطق إدلب وريفها وصل إلى 60 عنصرا، بينهم 5 ضباط، أحدهم برتبة عقيد اسمه أحمد الشيخ، واثنان برتبة رائد ونقيب واحد وملازم واحد، بحسب ما أكد أحد الضباط المنشقين لـ«الشرق الأوسط».

كذلك، أكد الضابط قيام قوات الأمن والمخابرات بتنفيذ مجزرة في منطقة كفر يحمول في إدلب، وقتلت 12 شخصا من عائلة واحدة وهم يقومون بقطف الزيتون في الحقل. وعن وضع منطقة إدلب الميداني في ظل تزايد العمليات العسكرية على أراضيها في الفترة الأخيرة، لفت الضابط إلى أن حمص «هي المنطقة الأخطر، بينما تبقى إدلب عصية على جيش الأسد نظرا إلى طبيعة أرضها التي لا يمكن اقتحامها إلا بالطائرات».

من جهتها، قالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن خط الأنابيب الواقع قرب بلدة الرستن يزود محطة للكهرباء بالغاز. وأضافت الوكالة أن حراسا حدوديين أحبطوا محاولة من «جماعة إرهابية مسلحة» لدخول سوريا عبر تركيا أمس في ثاني واقعة من نوعها خلال أسبوع. وذكرت أنهم قتلوا بالرصاص اثنين من بين مجموعة مكونة من 15 شخصا.

واستمر تأزم الأوضاع الأمنية في محافظة حمص، وقال ناشطون إن تعزيزات عسكرية كبيرة جدا شوهدت تتحشد في منطقة كفرعايا، وفي حي باب السباع حيث جرى إطلاق نار عشوائي على المارة، وقتل أحد السكان الذي كان يعبر شارع الوادي مع طفلته التي أصيبت إصابة بالغة في رقبتها. وسمع في شارع القاهرة في الخالدية، بعد ظهر أمس، دوي انفجارات مترافق مع إطلاق رصاص كثيف وأيضا عند حاجز دوار الزير في باب السباع. كما هز انفجار شديد حي البياضة تبعه إطلاق نار من أغلب الحواجز. وفي مدينة القصير، جرى إطلاق نار عشوائي في الشوارع بعد ظهر يوم أمس.

وقال مصدر في المعارضة السورية لوكالة الصحافة الفرنسية، تم الاتصال به من أسطنبول، إن مواطنا تركيا سعوديا قتل أمس برصاص قوات الأمن السورية شمال غرب سوريا خلال قمع مظاهرة مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن منير محمد دولار كان يقود سيارته في بلدة كفريحمول في محافظة إدلب المجاورة لتركيا عندما أصيب برصاص عناصر قوات الأمن السورية التي كانت تطلق النار على متظاهرين. وأكد المصدر أن الرجل لم يكن مشاركا في المظاهرة. ولم يتسن لوزارة الخارجية التركية بعد تأكيد الخبر، إلا أن السفارة التركية في دمشق تسعى للحصول على معلومات من السلطات السورية حول هذه الحادثة، حسب ما نقل دبلوسي تركي. وأضاف هذا الدبلوماسي أن شاحنة تركية تعرضت لإطلاق نار الاثنين داخل الأراضي السورية، مما أجبر سائقها التركي على العودة أدراجه إلى تركيا.

وتأتي هذه الحادثة وسط توتر شديد في العلاقات بين سوريا وتركيا التي تنتقد شبه يوميا ممارسات النظام السوري بحق معارضيه.

إلى ذلك، قال دبلوماسي تركي الثلاثاء لوكالة الصحافة الفرنسية إنه من غير الوارد أن تجيز تركيا شن هجمات على دول مجاورة انطلاقا من أراضيها، بعد معلومات سورية عن عمليات تسلل جديدة انطلاقا من الحدود بين البلدين. وقال المصدر، طالبا عدم كشف اسمه، إن «تركيا لا تجيز أبدا أي هجوم على دول أخرى مجاورة انطلاقا من أراضيها».

وفي إدلب، شهدت الأوضاع الأمنية هناك توترا كبيرا منذ أول من أمس، لدى قيام قوات الأمن والشبيحة بإطلاق النار على أعضاء في تنسيقيات الثورة وبعض الشباب المؤثرين على الحراك في الشارع في مدينة معرة مصرين،أسفرت عن مقتل الدكتور محمد عادل نذير وأحمد حمدو فلفلة. وقال ناشطون إه بعد انسحاب قوات الأمن والجيش من المدينة إلى محيطها، دخل ليلا الجيش الحر وقام بتطويق المنطقة وحصلت اشتباكات استمرت حتى صباح يوم أمس.

وبحسب الناشطين، قام أهالي المنطقة بقطع الطرقات لمنع وصول إمدادات لحماية الشبيحة فقامت قوات الأمن بالتوجه إلى طريق التفافي بين بلدتي حزانو وكفريحمول، وجراء الضباب الكثيف فوجئت قوات الأمن بوجود الأهالي هناك وتشكيلهم حاجزا بشريا، فقامت قوات الأمن بفتح النار بشكل عشوائي على الأهالي وإلقاء القنابل، مما أسفر عن إصابة العشرات ومقتل نحو تسع أشخاص على الفور من بلدة كفريحمول.

وأضاف الناشطون أنه بعدها انسحبت قوات الأمن باتجاه مدينة إدلب وقام الجيش الحر بنصب كمين لهم عند مدخل مدينة إدلب وكبدوهم خسائر كبيرة. وعند الساعة العاشرة صباحا، تجمعت البلدات لتشييع القتلى التسعة، وأثناء الصلاة على الجنازة وصلت سيارات عليها رشاشات وفتحت النار على المصلين وقتلت اثنين صلاح طاهر حسين، ومنير محمد دولار. بعدها خرج أهالي مدينة معرة مصرين للمشاركة في التشييع، وجرى إطلاق نار على المشيعين، أسفر عن مقتل محمد البرغي والجندي المنشق من الجيش الحر مازن قاضي، بالإضافة إلى خمسة قتلى من مدينة إدلب. والخمسة سقطوا خلال محاولتهم قطع طريق مدينة معرة مصرين أمام الشبيحة.

من جانبها، أعلنت السلطات الرسمية أن «المجموعات الإرهابية» قادمة من بلدات معرة مصرين وكفريحمول وحزانو «اعتدت على الممتلكات العامة والخاصة وروعت المواطنين في البلدة المذكورة والطرق المؤدية إليها». وأضافت أن (مجموعة إرهابية مسلحة) قامت يوم أمس بـ«حرق بولمان تابع لشركة (سومر للنقل والسياحة) بالقرب من بلدة محمبل التابعة لمنطقة أريحا».

ونقلت وكالة «سانا» عن مصادر في قيادة شرطة محافظة قولها «إن الإرهابيين اعترضوا البولمان أمام مكتب الشركة المخصص لقطع التذاكر في الموقع المذكور وأنزلوا الركاب منه وعددهم 10، وسلبوا بطاقاتهم الشخصية، وأضرموا النار بالبولمان وأحرقوه بشكل كامل، ليقتحموا بعد ذلك المكتب ويسطوا عليه ويسلبوا من داخله مبلغ 15 ألف ليرة». كما سبق أن قالت «سانا» إن «مجموعات إرهابية مسلحة» قامت يوم أول من أمس باغتيال ضابط برتبة عميد في محافظة إدلب. وبحسب مصدر رسمي، فإن «العميد الركن المجاز غانم إبراهيم الحسن الذي يخدم في أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية بصفة مدرس، تعرض لإطلاق نار من مجموعة إرهابية مسلحة بالقرب من مدينة سراقب بريف إدلب، أثناء قدومه من مكان عمله في حلب إلى دمشق».