رئيس باكستان المريض يلقي بورقته الرابحة.. ابنه من بوتو

رسالة لخصومه.. عائلة زرداري وبوتو لا تزال موجودة ولم يتم تنحيتها بسهولة

الرئيس الباكستاني يدفع بابنه بيلاوال بوتو زرداري للعب دور سياسي أكبر (رويترز)
TT

قرر الرئيس الباكستاني المريض وغير المحبوب، آصف علي زرداري، ألا يعلن خسارته في الوقت الراهن. فأمام الضغوط السياسية المتزايدة من كل الأطراف، سافر زرداري إلى دبي لتلقي العلاج، ومع انتشار شائعات بفراره أو إقصائه من قبل الجيش، ألقى زرداري سريعا بورقته الرابحة - بأنه لا يزال والد أطفال بي نظير بوتو، وأنه الوصي على ذلك الإرث في الوقت الراهن.

ولم يكد زرداري يغادر البلاد حتى اندفع الابن الوحيد لبوتو وزرداري، بيلاوال، البالغ من العمر 23 عاما إلى دائرة الضوء، واقفا أمام الكاميرات للمشاركة في رئاسة اجتماع القيادة العليا لحزب الشعب الباكستاني إلى جانب رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني.

ويرى المحللون أن الهدف من هذه الخطوة استقطاب القاعدة الحزبية المؤيدة لأبيه وإعادة التأكيد لمؤيديه على أن عائلة زرداري وبوتو لم تكن ليتم تنحيتها بسهولة، سواء من قبل الجيش أو المنشقين داخل الحزب.

ويقول رئيس تحرير «سيرال ألميدا»: «كان الهدف منها إيصال رسالة إلى الحزب بأن زرداري ربما يكون مريضا لكنه لا يزال مهيمنا على الحزب من خلال ابنه. وربما كانت أيضا خطوة استباقية لمنع أي انشقاقات في الحزب من الظهور. كما تبعث برسالة قوية بأن عائلة بوتو لا تزال موجودة، وأن زعيم الحزب القادم ها هو أمامكم، لذا من يحاول إحداث المشكلات داخل الحزب، فسيتحمل وحده عواقبها».

وكان اغتيال بوتو، رئيسة الوزراء ورئيسة حزب الشعب الباكستاني السابقة عام 2007 قد مهد الطريق أمام انتخاب زرداري كرئيس للبلاد، وترشيح بيلاوال للمشاركة في رئاسة الحزب، لكن الابن عاد إلى بريطانيا لإنهاء دراسته في جامعة أكسفورد.

ولا يزال بيلاوال أصغر من أن ينافس في الانتخابات - السن الأدنى في باكستان 25 عاما - ولذا فإن دوره سيظل محدودا إلى حد. ويشير المحللون إلى أن والده والحلقة الداخلية المؤيدة له ستظل حتى الوقت الراهن المتصدرة للساحة.

لكن الشكوك بشأن مشكلات القلب واعتلال صحة زرداري منذ زمن طويل قد أثارت فكرة خلافة مبكرة عما كان مخططا له.

ويقول المتحدث باسم الحزب، فرحة الله بابار: «انتهى بيلاوال بوتو زرداري من تعليمه الأكاديمي وهو الآن يتلقى تعليمه السياسي».

وعلى الرغم من الصمت الرسمي حول مرض الرئيس فإن مسؤولين في الحزب يشيرون إلى أن زرداري البالغ من العمر 56 عاما، ربما يعاني من أزمة دماغية عابرة، والتي يمكن أن تسفر عن أعراض شبيهة بالجلطة، لكنها لا تتسبب في أضرار دائمة للمخ.

وأوضح بابار أن حالة الرئيس «مستقرة ويتعافى»، وسوف يعود في أقرب وقت ممكن ما إن يسمح له الأطباء بذلك. لكن غيلاني قال لهيئة «بي بي سي» يوم الأحد إن زرداري بحاجة إلى مزيد من الراحة وقد يغيب عن البلاد لأكثر من أسبوعين.

لكن زرداري يصر على أنه لا يخطط للتخلي عن الحكم في الوقت الراهن.

ونقلت تقارير قول زرداري لمذيع إخباري في محادثة هاتفية يوم الجمعة: «من يفرون من البلاد، يفرون بأطفالهم. ابني في باكستان، لقد تركته هناك، وسيخيب أمل أعدائي».

على المدى البعيد، يبدو زرداري الشاب خيارا أكثر ترجيحا لحزب الشعب لعدة أسباب، من بينها التعاطف الذي ناله إثر مصرع والدته وكونه شابا - في بلد يعاني من زيادة في أعداد الشباب في مثل سنه الانتخابية. وعلى الرغم من طلاقته في اللغة الإنجليزية، كوالدته وجده حيث برزا في السياسة، فإنه لا يزال يعمل على تجويد لغتي الأوردو والسند، بحسب إحدى الصحف.

غير أنه لا يوجد إجماع في الحزب على أن الشاب مستعد بعد لدور أبرز أو أن حزب الشعب من الحكمة ليدفعه إلى مصاف القيادة بهذه السرعة. فيقال إن بيلاوال زرداري خجول وهناك تساؤلات بشأن مدى شغفه بالسياسة في المستقبل.

ويقول صافدار عباسي، مسؤول الحزب والذي كان مقربا من بي نظير بوتو، والذي همشه زرداري: «من السابق لأوانه دفعه إلى عالم السياسة الضبابي الباكستاني في وقت تعاني فيه الحكومة من مشكلات كبيرة».

وأضاف: «بصراحة، لا أعتقد أن ذلك من الحصافة السياسية، فقد خافوا ووضعوه في موقف صعب سياسيا».

ويعاني الاقتصاد الباكستاني حالة من الفوضى حيث يشهد نقصا في إمدادات الغاز والكهرباء، وقد تعرضت الحكومة لانتقادات واسعة في مواجهتها للفيضانات العام الماضي والعام الحالي.

وكانت أحدث الفضائح تتعلق بالمذكرة غير الموقعة التي طلبت مساعدة واشنطن في كبح جماح الجيش الباكستاني القوي ومنع انقلاب محتمل في الأيام التي تلت الغارة التي قتل فيها أسامة بن لادن في مايو (أيار). ووسط اتهامات بأن المذكرة كانت تحظى بدعم من زرداري، تجري المحكمة العليا تحقيقات في القضية. وطالبت المحكمة برسائل مكتوبة من الرئيس وقادة الجيش والاستخبارات في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول).

وقد كانت الأسباب وراء غياب زرداري المطول نتيجة حالته الصحية، إلا أنه في جزء منه خدعة مريحة ليرى كيف سيجري التحقيق في المحكمة العليا الذي يعتبر مثار نقاشات علنية هنا في باكستان. ولكن لم يكن هناك أي إشارة إلى أن زرداري يميل إلى البقاء بعيدا حفاظا على سلامته.

يميل بيلاوال زرداري إلى تحاشي ارتداء البذلات الغربية التي يفضلها والده، وعوضا عن ذلك يرتدي الزي الباكستاني الفضفاض والقبعة المستديرة السائدة في إقليم السند مسقط رأسه ومعقل حزبه. ويرى محللون أن ظهوره في قبعة السندية هذا الأسبوع كان تذكيرا للجيش، بالدعم الشعبي للأسرة في الإقليم الجنوبي الضخم.

لكن بيلاوال زرداري لا يزال غير معروف سياسيا، وحتى الآن لا يزال يرفض التحدث إلى وسائل الإعلام. وقد ذكرت إحدى الصحف المحلية الأسبوع الماضي غضبه من ردة فعل والده المتهاونة إزاء اغتيال السياسي ورجل الأعمال سلمان تاسير على يد متطرف ديني في يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يقدم وجهات نظره على نطاق واسع للجمهور.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»