لافروف ينتقد تعاطي الغرب مع الملف السوري ويدعو الجامعة العربية لتجنب توجيه الإنذارات

قمة أوروبية - روسية في بروكسل غدا تناقش الملف السوري

مظاهرة صباحية في إنخل حوران في صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت»
TT

انتقدت روسيا، أمس، تعاطي الدول الغربية مع الملف السوري، وأكدت أنها تدعو النظام السوري يوميا للتجاوب مع مبادرة الجامعة العربية، إلا أنها دعت العرب لعدم تحويل المبادرة إلى إنذار. ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتهام الغرب لبلاده بعرقلة قرار في مجلس الأمن يدين النظام السوري، بأنه «لا أخلاقي»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، معتبرا أن الغربيين يرفضون الضغط على «المتطرفين» السوريين. وقال لافروف في تصريحات نقلها التلفزيون الروسي «إن أولئك الذين يرفضون ممارسة الضغط على الجانب المتطرف والمسلح في المعارضة (في سوريا) هم أنفسهم الذين يتهموننا بعرقلة عمل مجلس الأمن الدولي. أعتبر أن هذا الموقف لا أخلاقي».

وكرر لافروف الموقف الروسي بشأن الملف السوري، لافتا إلى أن على مجلس الأمن ألا ينتقد فقط نظام بشار الأسد. وأضاف «إن شركاءنا (...) لا يريدون إدانة أعمال العنف التي تقوم بها المجموعات المسلحة المتطرفة ضد السلطات الشرعية في سوريا». ورأى الوزير الروسي أن هدف هؤلاء المعارضين هو «التسبب بكارثة إنسانية دفعا لتدخل أجنبي في النزاع». واعتبر أيضا قرار الولايات المتحدة ودول أوروبية فرض عقوبات على دمشق «سيئا»؛ لأن «عواقبه سلبية على الشعب».

وتعتبر فرنسا أن مجلس الأمن «يتحمل مسؤولية معنوية عما يحصل اليوم في سوريا»، وأن «صمته فضيحة». أما ألمانيا فترى من جهتها أنه «من الضروري على دول مجلس الأمن المترددة حتى الآن أن تغير موقفها».

واتهم لافروف قادة المعارضة السورية بتعريض حياة أنصارهم للخطر من أجل تحريض القوات الحكومية على إبداء رد عنيف من أجل الدفع بالتدخل الأجنبي ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن لافروف القول «أعتقد بما لا يدع مجالا للشك أن هدفهم (المعارضة السورية) هو التحريض على كارثة بشرية لإيجاد أسباب لطلب التدخل الأجنبي».

وأشار لافروف إلى أن الهجمات التي تشنها العناصر المسلحة من المعارضة السورية على نقاط تفتيش الشرطة والمباني الحكومية، تأتي في إطار حملة من نشر العنف المقصود، مضيفا أنه يقوضون مزاعم المعارضة بأنهم يريدون الديمقراطية والسلام.

والتقى لافروف في موسكو أمس نظيره الجزائري مراد مدلسي، وقال في مؤتمر صحافي مشترك معه، إن الوضع في مدينة حمص يجذب «اهتماما خاصا»، بحسب موقع «روسيا اليوم». وأضاف أن المجموعات المسلحة تخرج إلى الشوارع ليلا من أجل قصف نقاط تابعة للجيش ومبان إدارية ومستشفيات ومنشآت أخرى في البنية الاجتماعية للمدينة. وتابع قائلا «لا شك في أن هدفهم يكمن في إثارة كارثة إنسانية كي تكون لهم ذريعة للمطالبة بالتدخل الخارجي».

وذكر لافروف أن موسكو تدعو القيادة السورية يوميا إلى التوقيع على البروتوكول الذي اقترحته الجامعة العربية لإرسال بعثة مراقبيها إلى سوريا، مضيفا أنه إذا كانت دمشق مهتمة بهذا الأمر، فإن روسيا وشركاءها في مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) قد يرسلون مراقبيهم إلى سوريا لينضموا للبعثة العربية.

وشدد لافروف على ضرورة تجاوز الأزمة في سوريا في إطار جهود جامعة الدول العربية ودون توجيه إنذارات. وقال إنه ونظيره الجزائري أكدا خلال مباحثاتهما في موسكو على تطابق وجهتي نظر البلدين إزاء الوضع في سوريا. وقال: «نحن نتمسك بمواقفنا التي تكمن في ضرورة احترام سيادة القانون في الشؤون الدولية واحترام حق الشعوب في تحديد مصيرها دون تدخل خارجي». وحول مباحثاته مع مدلسي قال لافروف: «إننا بحثنا مبادرة الجامعة العربية وإننا نؤيدها. ونحن واثقون من أنه لا يجوز تحويلها إلى إنذار. إن مواقف روسيا والجزائر تتطابق في هذا الموضوع».

وسيحضر الملف السوري بقوة في المحادثات بين الأوروبية - الروسية خلال القمة المقرر عقدها غدا في بروكسل. ويحاول الأوروبيون إقناع موسكو بالانضمام إليهم في اتخاذ موقف أقوى من النظام السوري. وقالت مايا كوسيانتيش، المتحدثة باسم كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أن الاتصالات بين بروكسل وموسكو خلال الأيام القليلة الماضية، للتحضير للقمة الأوروبية الروسية المقررة الخميس في بروكسل، تركزت حول العمل على أن تشمل أجندة القمة كافة المواضيع «ذات الاهتمام المشترك». وأشارت المتحدثة بشكل غير مباشر إلى وجود نقاط خلافية ستكون على بساط البحث خلال القمة، وقالت: «نعمل على دفع النقاش مع الروس حتى بخصوص المواضيع محل الخلاف فيما بيننا».

ومن وجهة نظر مصادر أوروبية في بروكسل وكثير من المراقبين، يعتبر التعامل مع ملف إيران النووي والأوضاع في سوريا، والحريات وحقوق الإنسان في روسيا، وخصوصا التطورات التي صاحبت الانتخابات الأخيرة في البلاد، أبرز النقاط الشائكة على طاولة التفاوض، بالإضافة إلى التطرق إلى تعاون الطرفين في حل قضية الشرق الأوسط عبر عضويتهما في اللجنة الرباعية الدولية.

وفيما يتعلق بالملف السوري قالت مصادر المجلس الوزاري الأوروبي إن التعارض بين موسكو وبروكسل في التعامل مع هذا الملف، ظهر واضحا في الموقف الروسي الصيني المشترك واستخدام الفيتو مؤخرا في مجلس الأمن الدولي وإسقاط مشروع قرار إدانة سوريا. وأشارت تلك المصادر إلى تصريحات سابقة، أعلنت فيها أشتون أن الاتحاد الأوروبي، سيحاول إقناع موسكو بتقديم موافقتها على إعادة الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي. وقالت أشتون إنه «يجب إرسال إشارة واضحة بأننا معا نعمل من أجل مصالح الشعب السوري. وسأبلغ الروس بأن الوقت لإعادة هذا الملف إلى مجلس الأمن الدولي قد حان في سياق القرار الأخير للجامعة العربية (بتعليق عضوية سوريا)».

ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لملف إيران من وجهة نظر المراقبين، إذ أكدت الدول الغربية إصرارها على اعتماد إجراءات اقتصادية عقابية جديدة، في حال عدم التزام إيران بما جاء في تقرير الوكالة الدولية للطاقة، وحاولت تفسيره بأنه يمثل موقفا دوليا ضاغطا على طهران.