الإيرانيون العاديون قلقون من حدوث حرب ويخزنون السلع الأساسية

البعض يحول نقوده إلى عملات أجنبية وآخرون يلجأون إلى طلب فيزات للسفر إلى الخارج

TT

عادة ما يرد المسؤولون الإيرانيون بتحد وتهديدات مضادة على الرسائل الإسرائيلية التي تحذر بشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية.

وفي إطار الاستعداد لهذه المواجهة المحتملة أثنت القيادة الدينية لإيران على قدرة القوات المسلحة الإيرانية، وتباهى قادة الجيش بقدرة إيران على إطلاق «150.000 صاروخ على إسرائيل» إذا ما أصابت إحدى القنابل الإسرائيلية الأراضي الإيرانية.

وبدلا من أن يتقاسم الشعب الإيراني هذا الإحساس بالتحدي، تزايدت مخاوف العديد منهم بأن تكون الحرب مفجعة.

وتدور مناقشات بين الإيرانيين في المترو والشوارع وفي التجمعات الخاصة حول احتمالية حدوث حرب وكيفية حماية أسرهم إذا ما حدثت تلك الحرب.

وبدأ العديد من الإيرانيين في اتخاذ تدابير وقائية، حيث قام البعض بتخزين السلع الأساسية، بينما قام آخرون بتحويل نقودهم إلى عملات أجنبية أو حصلوا على تأشيرات للسفر للخارج. فقد قرر أراش، مصمم داخلي، مؤخرا، أن يشتري أكياسا من الأرز وأن يملأ ثلاجته الجديدة بالدجاج واللحوم، تحسبا حتى لاندلاع الحرب. وقال أراش، الذي رفض كغيره من الأشخاص أن يذكر لقبه الثاني خوفا على سلامته: «أعتقد أننا سنشهد حالة هائلة من عدم الاستقرار إذا ما اندلعت حرب أو انهارت السلطة، لذا فأنا أهيئ نفسي لهذا الأمر».

ويقوم أراش، مثل العديد من الأشخاص في العاصمة، باتخاذ تدابير السلامة الأساسية البسيطة. إلا أنه اتخذ خطوة أخرى أبعد من ذلك حيث قدم طلبا للحصول على البطاقة الخضراء الأميركية. وقال: «بعد 30 عاما من التعايش مع الضغوط الأجنبية، اعتاد الإيرانيون على اتخاذ كافة الاحتياطات. أيا كان ما سيحدث، أريد أن أكون مستعدا».

وقد ازدادت مؤخرا مشاعر الخوف لدى الإيرانيين من أن ثمة شيئا سيحدث قريبا. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد أشار هذا الشهر إلى أنه قد لا يكون هناك أي خيار آخر أمام بلاده سوى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران لوقف برنامجها النووي الوليد. كذلك أكدت إدارة أوباما أن جميع الخيارات مطروحة في التعامل مع إيران.

وبينما يذكر القادة الإيرانيون أن مشاريعهم النووية سلمية بحتة، يعتقد أغلب زعماء الغرب أن إيران تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية.

وقد تزايدت مخاوف الإيرانيين نتيجة للأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد.

وكان قد حدث انفجار غامض في قاعدة صواريخ بالقرب من طهران الشهر الماضي هز العاصمة ودفع العديد إلى الاعتقاد بأن هناك هجوما جاريا. وبعد أسابيع، غادر جميع الدبلوماسيين البريطانيين إيران بعد هجوم على سفارتهم. وفي الأيام الأخيرة، أدى القبض على طائرة دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية ذكرت إيران أنها كانت تحوم حول أراضيها إلى تقوية الشعور بأن البلاد تتجه إلى حرب.

وقال مهرداد، مهندس كومبيوتر: «من الممكن أن يصبح الإيرانيون مثل الدجاج الذي قطعت رؤوسه؛ فلن يستغرق الأمر الكثير حتى ندرك ما حدث. فالإيرانيون بدأوا يعتقدون أن الحرب باتت أمرا حتميا».

كذلك تزايدت المخاوف نتيجة للجولات الأخيرة بشأن العقوبات ضد إيران. وعلى الرغم من تشدق المسؤولين الإيرانيين بقدرة بلادهم على التعايش مع القيود المتزايدة، يواجه الشعب الإيراني ارتفاعا في الأسعار وهبوط سعر صرف عملتهم، الريال، الذي فقد 48 في المائة من قيمته أمام الدولار منذ عام 2008.

وحتى الآن، لا يزال الاقتصاد الإيراني متماسكا بسبب قوة عوائد النفط الإيرانية. إلا أن أغلب الأشخاص يشعرون أن العقوبات ستتزايد وستؤثر حتميا، وإن كان هذا سيحدث ببطء، على قدرة إيران على بيع النفط. يقول مسعود نيكتاب، 31 عاما، بائع كتب بالقرب من جامعة طهران: «إذا ما فرض حظر تجاري على النفط الإيراني، سيتحطم الاقتصاد الإيراني كله. وعند هذه المرحلة، سيواجه الشعب الإيراني أشد الصعاب».

وذكر أفراد الطبقة المتوسطة في إيران، بدءا من سائقي الحافلات وحتى المحامين والفنانين، أنهم يشعرون بالحيرة المتزايدة بين السلوك المتمرد لقادتهم والضغوط التي يمارسها الغرب، لا سيما الولايات المتحدة.

كذلك ذكر العديد من الأشخاص أنهم يشعرون باليأس ولا يرون أي حلول لمشاكلهم. حتى أن بعضهم ذكر أنه سيرحب بأي شيء من الممكن أن يؤدي إلى حدوث تغيير في إيران، حتى إذا ما كان هذا التغيير عاصفا.

وقال نيلوفار، رسام: «من ناحية تجعلني بعض هذه الأحداث، العقوبات والتهديدات، أشعر بالسعادة، لأنني أشعر أن الأمور هنا بحاجة إلى حدوث تغيير، بغض النظر عن كيفية حدوث هذا التغيير».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»