مصدر بالخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: جاء دور الجامعة العربية للضغط على روسيا والصين

اقترح إرسال وفد وزاري أو ربما رئاسي عربي إلى بكين وموسكو.. وعقوبات الجامعة تدخل حيز التنفيذ اليوم.. ولكن

مظاهرة ضد نظام الأسد في مارع بحلب (موقع «أوغاريت» السوري المعارض)
TT

مع استمرار التعنت الروسي والصيني في مجلس الأمن لإصدار قرار يدين حكومة الرئيس بشار الأسد، وبعد تطور الاتهامات بين واشنطن وموسكو عن أخلاقيات كل جانب، قال مصدر في الخارجية الأميركية إن «هذا وقت ضغوط عربية كبيرة وهائلة» على روسيا والصين. واقترح إرسال وفد من جامعة الدول العربية إلى موسكو وبكين، «على مستوى الوزراء، وربما حتى الرؤساء».

ويفترض أن تدخل عقوبات الجامعة العربية الاقتصادية حيز التنفيذ اليوم، الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول)، ولكن شيئا من هذا القبيل يبدو أنه لن يتحقق في انتظار اجتماعي الجامعة بعد غد (السبت).

وقال المصدر الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «يتهمنا الروس بأننا غير أخلاقيين، ونحن، طبعا، نعرف من هو الأخلاقي ومن هو غير الأخلاقي. في مثل هذه الظروف، صار واجبا أخلاقيا على الدول العربية أن تتحرك إلى الأمام في خطوات فعالة». وأضاف: «ليس سرا أننا (الإدارة الأميركية) لا نعرف ماذا سنفعل، بالتأكيد وبصورة فعالة، أمام التعنت من جانب كل من روسيا والصين. وليس سرا أن هناك عوامل أخرى تعقد اتصالاتنا مع الدولتين. أي مع كل التقدير للوضع في سوريا، هناك مواضيع معقدة في علاقاتنا مع الدولتين. وربما هذه تقيد أيادينا بعض الشيء».

وأشار إلى توترات مؤخرا بسبب تصريحات هيلاري كلينتون عن فساد في الانتخابات الروسية، مما أغضب فلاديمير بوتين، رئيس وزراء روسيا، الذي هاجم كلينتون شخصيا، بالإضافة إلى عراقيل روسية أمام تأسيس شبكة مضادة للصواريخ في شرق أوروبا. وبالنسبة للصين، أشار إلى التوترات البحرية بسبب تحركات الأسطول الصيني، وحاملات الطائرات الصينية الجديدة، مع «التعقيدات في علاقتنا الاقتصادية».

وأضاف: «جامعة الدول العربية تستطيع فعل شيئين، على الأقل؛ الشيء الأول، أن تفعل مثلما فعلت في ليبيا، عندما أعطتنا الضوء الأخضر للتدخل. كما تعرف، هذا دفعنا لنتحرك عن طريق قوات الناتو، وأبطلنا بالتالي اعتراضات روسيا والصين. الشيء الثاني، أن تواجه الدول العربية اعتراضات روسيا وسوريا مواجهة مباشرة». وقال إن الجامعة العربية يمكن أن ترسل وفدا «على أعلى المستويات» إلى موسكو وبكين.. «على مستوى وزراء الخارجية، وربما حتى الرؤساء». وبينما رفض الحديث عما سماها «مصالح روسيا والصين في المنطقة»، ومن دون استعمال كلمة «ضغط»، استعمل كلمة «إقناع» الدولتين. وأضاف: «الجامعة العربية هي التي تقرر ذلك، ولسنا نحن».

وأبدى المصدر غضبا في الرد على قول سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، أول من أمس، بأن الغرب «غير أخلاقي» لأنه ينتقد عنف الحكومة، وليس عنف المعارضة، في سوريا. وقال المصدر ما معناه إن الروس «آخر من يتحدث عن الأخلاقيات». وأشار إلى تصريحات، أول من أمس، أدلت بها فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية. وكانت نولاند علقت على تصريحات وزير خارجية روسيا، قائلة: «نظام الأسد هو غير الأخلاقي، بسبب العنف الذي يرتكبه ضد شعبه».

ومثل المصدر في الخارجية، أبدت نولاند لهجة عدم ارتياح لإدخال الروس الجانب الأخلاقي في الجدل. وقالت: «بصراحة، نحن نعتقد أن مجلس الأمن تأخر كثيرا في التعبير عن موقفه. بصراحة، موقف مجلس الأمن غير أخلاقي (استعملت كلمة انكونشينابل) في مواجهة نظام الأسد العنيف».

وفي إجابة عن سؤال عن «توسع الشقة بين روسيا والغرب حول سوريا»، قالت نولاند: «لا أقدر على الحديث عن روسيا، ولا أقدر على الحديث عن دوافع روسيا. ونحن أجرينا محادثة صريحة جدا مع روسيا. ونعتقد أنه حان الوقت للأمم المتحدة للتصرف. كان هذا رأينا عندما استعلمت روسيا الفيتو، وهو الآن رأينا الأكثر قوة». وأشارت إلى أن إلى بعض الدول الأخرى في مجلس الأمن، ودول الجامعة العربية، ودول أخرى، زادت دعواتها لروسيا والصين لتغيير موقفيهما. وقالت: «بصراحة، صعب جدا علينا أن نفهم لماذا لا تريد أي دولة في مجلس الأمن عدم دعم نداء المعارضة السورية. وهو أيضا نداء جامعة الدول العربية».

وفي إجابة عن سؤال عن الخطوة التالية في مجلس الأمن، قالت نولاند: «كما قلنا مرات ومرات، من هذه المنصبة ومن غيرها من المنصات، يجب على مجلس الأمن أن يعلن موقفه ضد العنف، وأن يؤيد دعوات السوريين وغير السوريين بأهمية إرسال مراقبين، والسماح للصحافة لتقييم الوضع، حتى يقدر المجلس أن يقف إلى جانب الأبرياء في سوريا».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن التوتر والغضب على روسيا والصين لا يقتصران على واشنطن. وأن جيرار ارو، السفير الفرنسي لدى مجلس الأمن، قال، أول من أمس: «إنه لأمر مخز» أن مجلس الأمن لا يقدر على التحرك، خاصة على ضوء تقرير لجنة حقوق الإنسان.

وعلى صعيد الأوضاع في الجامعة العربية في القاهرة، علمت «الشرق الأوسط» أن الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية العرب المقرر انعقاده بعد غد (السبت) سيبحث في كل المستجدات الخاصة بسوريا، والتي تتعلق برد الخارجية السورية على القرار النهائي من حزمة الحل العربي والبروتوكول، والمبادرة العراقية للخروج بحل وسط يؤدي إلى إنهاء الاقتتال وإجراء التغيير الذي يناسب المرحلة ويلبي طموح الشعب السوري. وفيما يتعلق بفرض العقوبات التي من المفترض أن تبدأ اليوم (الخميس)، لم تتضح الرؤية بشأنها، وهو ما دفع الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي إلى نفي ما نسب إليه حول احتمال فرض الحظر الجوي العربي على سوريا، بعد ما تناقلت بعض الأنباء تصريحات منسوبة إليه حول توقعاته بأن عقوبات الحظر الجوي ضد سوريا سوف تدخل حيز التنفيذ قريبا، وبأن النظام السوري في النهاية لن يستجيب للمبادرة العربية.

وقال الأمين العام: «أستغرب نقل مثل هذه التصريحات والأحاديث غير الدقيقة، في الوقت الذي ما زالت فيه الجهود والاتصالات جارية من أجل تذليل العقبات التي تعترض مهمة بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا وإنجاح خطوات الحل العربي». وأكد الأمين العام أن اجتماعي اللجنة الوزارية العربية ومجلس الجامعة الوزاري المقرر عقدهما يوم السبت المقبل سوف يبحثان هذا الموضوع من كافة جوانبه في ضوء ما استجد من مواقف عربية ودولية، وما أسفرت عنه الاتصالات والمراسلات الجارية مع الحكومة السورية من نتائج.

وأعرب الأمين العام عن قلقه البالغ من استمرار وتصاعد أعمال العنف في أنحاء مختلفة من سوريا، خاصة في مدينتي حمص وإدلب، والتي أدت خلال الأيام القليلة الماضية إلى سقوط العشرات من الضحايا، داعيا إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف وسحب المسلحين والآليات العسكرية تنفيذا لمقررات مجلس الجامعة في هذا الشأن وبنود خطة الحل العربية.