المعركة الساخنة وسط الجمهوريين تحول المشهد السياسي لصالح أوباما

الرئيس الأميركي متفائل رغم انخفاض شعبيته بسبب الخلافات بين خصومه

TT

في حفل كبير لجمع تبرعات لحملة الرئيس باراك أوباما لإعادة انتخابه في السنة المقبلة، ليلة أول من أمس، في فندق «حياة ريجنسي» بالقرب من مبنى الكونغرس في واشنطن، بدأ أوباما خطابه قائلا «لا أريد أن ألقي خطابا طويلا. رقم واحد: شكرا لكم. رقم اثنين: أعتقد أنكم تأتون إلى هنا وتجمعون تبرعات لحملتي الانتخابية لأنكم تؤمنون بأنني رجل جيد جدا. (ضحك). ولأنكم تحبون زوجتي ميشيل، وأنا أعتقد أنها واحدة من أفضل السيدات الأوليات اللائي دخلن البيت الأبيض في تاريخ الولايات المتحدة (تصفيق). ولكن السبب الرئيسي الذي جمعنا هنا هو أن الحزب الديمقراطي، قبلي وقبل ميشيل، يمر بمرحلة صعبة بسبب هذا التحدي الكبير لأهم قيمنا وعاداتنا»، (إشارة إلى سياسات الحزب الجمهوري، وخاصة الجناح اليميني فيه، حزب الشاي).

وقال مراقبون في واشنطن إن حفل أول من أمس يرمز لحفلات كثيرة قادمة ينظمها الحزب الديمقراطي لجمع تبرعات، ليس فقط لصالح أوباما، ولكن، أيضا، لصالح مرشحي الحزب في انتخابات الكونغرس القادمة. وذلك لأن الحزب لا يريد فقط إعادة فوز أوباما، ولكن، أيضا، إعادة سيطرة الحزب على مجلس النواب، والتي كان فقدها في انتخابات سنة 2010.

ويتساءل المراقبون عما إذا كان أوباما سيستفيد، أو سيتضرر، من أكثر من عشر مناظرات تلفزيونية لمرشحي الحزب الجمهوري، تبادلوا فيها الاتهامات السياسية والشخصية. وسقط واحد منهم على الطريق (الأسود هيرمان كين). واتهم واحد منهم (نيوت غنغرتش) بأنه طلق زوجته الثانية وهي مريضة في مستشفى.

وأكد عدد من الخبراء الاستراتيجيين للرئيس أوباما أن المعركة الساخنة وسط الجمهوريين، وخاصة بين ميت رومني وغنغرتش، تساعد على تحول المشهد السياسي الوطني لصالح أوباما، كما قال واحد من الخبراء.

وتعكس تعليقات هؤلاء الخبراء الثقة المتنامية وسط الديمقراطيين الذين، قبل أشهر قليلة فقط، كانوا قلقين بأن المشكلة الاقتصادية، ونقص الحماس وسط الناخبين للسياسة والسياسيين، سوف يعرقلان إعادة انتخاب أوباما. لكن، بعد ثلاثة شهور من مناظرات الجمهوريين الحادة، بدا أن بعض الجمهوريين يعلنون قلقهم بأن الاتهامات المتبادلة بين الجمهوريين سوف تفيد أوباما. رغم أن شعبية أوباما في الوقت الحاضر أقل من خمسين في المائة.

ويزيد قلق هؤلاء الجمهوريين بسبب صعود غنغرتش، الذي يكاد كل الاستراتيجيين يتفقون على أنه أقل خطرا على أوباما بالمقارنة مع رومني. ورغم أن استفتاءات كثيرة أوضحت أن رومني، إذا فاز على أوباما، سيكون رئيسا أفضل من غنغرتش الذي يتمتع بتأييد الجناح اليميني في الحزب الجمهوري (حزب الشاي).

وقال جيرالد ماكانتري، رئيس اتحاد موظفي وعمال الولايات والمقاطعات والمدن الذي ظل من دعامات الحزب الديمقراطي: «قبل بضعة أشهر، كنا نعتقد أن السباق أكثر صعوبة مما نراه الآن». وقال إن الاتحاد سينفق 25 مليون دولار لدعم حملة إعادة انتخاب أوباما. وأضاف: «قبل بضعة شهور، لم يدرك كثير من الناس صورة تشكيلة الفريق الجمهوري الذي سينافس أوباما. وماذا ستكون آراؤهم، وما هي فرص فوزهم على أوباما. لكن، مؤخرا، مع زيادة المناقشات وسط الجمهوريين، بدا كثير من الناس يفهمون».

في الجانب الآخر، اعترف المخطط الاستراتيجي الجمهوري المشهور مايك ميرفي بأن «الديناميكية السياسية المتغيرة جعلت فريق أوباما يتفاءل». ووصف ميرفي ترشيح غنغرتش بأنه «قطار سيتحطم» بالنسبة للجمهوريين. وأضاف ميرفي: «كحد أدنى، قدمت المناظرات وسط الجمهوريين دفعة نفسية لفريق أوباما. كحد أدنى، يمكن لمستشاري أوباما الانتخابيين أن يغلقوا أعينهم ويتصوروا فرصة قوية لأوباما ليفوز، خاصة بسبب توقع ترشيح غنغرتش. صارت الحياة أسهل بكثير بالنسبة لهم».

غير أن مساعدي أوباما ليسوا متأكدين مما ستحمل الشهور المقبلة حتى الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني). لكنهم، كانوا متفائلين يوم الثلاثاء الماضي عندما دعوا الصحافيين إلى مقر اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وأدلوا لهم بتصريحات تفاؤلية، خاصة مع احتمال معركة طويلة ودامية بين رومني وغنغرتش.

وقالوا إن انخفاض شعبية رومني، رغم أنه يمكن أن يكون رئيسا أفضل من غنغرتش، إذا فاز، سببها ما يعتقد كثير من الجمهوريين بأنه مصاب بمرض «الاستعلاء»، وذلك بسبب ثروته الكبيرة، وبسبب تصرفات تبدو «أرستقراطية». ربما لأن والده كان سياسيا كبيرا (كان حاكما لولاية ميتشيغان قبل ثلاثين سنة تقريبا).

وبرز هذا «الاستعلاء» في آخر مناظرة تلفزيونية عندما تندر رومني بأنه مستعد ليراهن ضد رأي مضاد بمبلغ 10.000 دولار، وكان يمكن أن يقول 100 دولار. يحدث هذا رغم أن رومني فطن إلى نقطة الضعف هذه، وبدا يزور المستشفيات ومنازل الفقراء، ويحاول أن يثبت أنه «واحد من الناس».

وقال ديفيد إكسلرود، كبير مخططي أوباما الاستراتيجيين: «كلما يستمر هذا السباق الجمهوري العنيف، كلما سوف نشاهد المرشحين الجمهوريين وكأنهم لا يهتمون بحملة الانتخابات العامة في سبيل الفوز بالترشيح باسم الحزب الجمهوري».