«الإخوان» يوزعون الشاي والسلفيون يحشدون «الغلابة» في حافلات خاصة

سيدة مسنة لـ«الشرق الأوسط»: لأول مرة أشعر أن صوتي له معنى ويمكن له أن يغير الحال

TT

بصوت ضعيف وبعفوية المصريين المعهودة، قالت نبيلة فضول (70 عاما): «جيت أدلي بصوتي علشان حال الناس ينصلح»، وأضافت فضول وهي تدلي بصوتها في لجنة مدرسة جمال عبد الناصر بضاحية الدقي بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة): «أول مرة أشعر أن صوتي له معنى ويمكن أن يغير الحال»، وتابعت: «شفت طوابير كبيرة أمام اللجان في التلفزيون خلال المرحلة الأولى.. ولقيت المشهد هوا هوا أمس»، وقالت فضول لـ«الشرق الأوسط»: «ناس قالوا لي انتظرنا 7 ساعات حتى فتحت اللجان أبوبها».

وفتحت مراكز الاقتراع في مصر أبوابها في الثامنة صباح أمس بتوقيت القاهرة، في بداية اليوم الأول من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان)، لاستقبال 18.7 مليون ناخب في 9 محافظات هي: الجيزة، والبحيرة، والمنوفية، والشرقية، والإسماعيلية، والسويس، وبني سويف، وسوهاج، وأسوان.

وفي حين شهدت عملية الاقتراع التي تتواصل اليوم، إقبالا جماهيريا كبيرا في المحافظات التسعة عبر طوابير انتخابية امتدت مئات الأمتار، شهدت القرى والمناطق الريفية ومناطق أخرى تابعة للمدن إقبالا متوسطا، أرجعه البعض لانشغال الناخبين بأوقات العمل، وامتداد فترة التصويت إلى يومين.

وتكرر مشهد الانتهاكات والأخطاء التي شابت المرحلة الأولى أمام المقار الانتخابية التي جرت يوم 28 نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي؛ أبرزها ممارسة الدعاية الانتخابية أمام اللجان، وتأخر التصويت في 39 لجنة بـ6 محافظات بسبب تأخر وصول القضاة والمشرفين، وعدم توافر الحبر الفسفوري، وتأخر أوراق الاقتراع، وغياب مندوبي المرشحين.

فأمام لجنة مجمع مدارس كرداسة في الدائرة الثانية بمحافظة الجيزة، امتد اصطفاف الناخبين في طوابير لمسافة قاربت على الألف متر، فضلا عن استمرار أنصار المرشحين في توزيع الدعاية على الناخبين أمام اللجان، وخصص حزب «النور» ذو التوجه السلفي حافلات أجرة (ميكروباص) لنقل الناخبين إلى اللجان، ونصبوا خياما لاستقبال الناخبين وتوجيههم إلى اللجان وتوزيع دعاية لمرشحي الحزب، ودعوة الناخبين للتصويت لهم.

واستخدم حزب «النور» صور الداعية الشيخ محمد حسان أمام أبواب عدد من اللجان وانتشرت لافتات عليها صورة حسان تحمل عبارة «هناك بفضل الله منهج لحزب النور والأحزاب المجتمعة تحت قائمته ويستطيع شبابنا بفضل الله تعالى أن يعملوا من خلال هذا الحزب فيما لا يزعزع أصول وثوابت المنهج السلفي.. ونسأل الله أن يوفقهم لما يحبه ويرضاه».

كما قام حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بتوزيع أكواب الشاي على الناخبين في الطوابير التي امتدت لأمتار كثيرة، مما دعا بعضهم إلى الجلوس على الأرصفة من طول مدة الانتظار.

من جهته، عبر سيد عبد التواب (40 عاما) عن استيائه من دخول أنصار حزب الحرية والعدالة ومندوبيهم إلى اللجان في حي إمبابة الشعبي، وهم يرتدون ما يدل على انتمائهم الحزبي، قائلا: «الحزب استغل السيدات الأميات والمتقدمات في السن للتصويت لصالح مرشحيه». وقالت إحدى الناخبات وتدعى سيدة عبدون (55 عاما): «لا أعرف أحدا من المرشحين؛ لكني أتيت للإدلاء بصوتي حتى لا تفرض على غرامة عدم الذهاب للتصويت وقدرها 500 جنيه (نحو 83 دولارا)»، لافتة إلى أن أحد أعضاء حزب الإسلاميين (على حد وصفها) منحها ورقة، وقال لها: «صوتي هنا» (في إشارة لمرشحي «الإخوان»).

ورصدت «الشرق الأوسط» خلال جولتها أمس، على عدد من المقار الانتخابية، اختلاف وجهات نظر المواطنين على التصويت لصالح الإسلاميين والبحث عن بديل في تحالفي «الثورة مستمرة»، و«الكتلة المصرية» والأحزاب الليبرالية، وهو ما فسره ثلاثة أصدقاء هم: محمد وصلاح وحسين، يقفون في طابور كبير أمام لجنة مدرسة خالد بن الوليد في ضاحية الدقي بمحافظة الجيزة، بأن قرارهم «بعدم التصويت للإسلاميين، جاء نتيجة ما قام به بعض أعضاء التيار الإسلامي من تصريحات عقب فوزهم بالأغلبية في الجولة الأولي من الانتخابات». وقال أحدهم: «حرصنا على الحضور والوقوف لساعات طويلة، لاختيار من يمثل الشباب في البرلمان»، موضحا: «قمت بدراسة البرامج المختلفة للأحزاب والتحالفات وتناقشت مع كثيرين، وفضلت اختيار تحالف (الثورة مستمرة)».

وفي طابور آخر أمام أحد اللجان في حي فيصل بضاحية الهرم، قال أحمد بندق، طالب في جامعة القاهرة: «أقف منذ 6 ساعات، وفضلت اختيار مرشحي (الكتلة المصرية) في القوائم والفردي، لأنني أرى أنهم الأفضل بالنسبة لي، كما أنني لا أكتفي فقط بالمشاركة، لكنى أحاول إقناع الكثيرين أمام المقر الانتخابي بالتصويت لهم أيضا، وإثناؤهم عن التصويت لصالح مرشحي التيار الإسلامي، الذي يحشد أنصاره كل جهودهم لجذب الناخبين لصالحهم، خاصة أمام المقار الانتخابية».

لكن في مقابل ذلك، قال محمود عز الدين، محام، وهو يقف أمام مدرسة الجلاء الابتدائية بمركز إدفو بمحافظة أسوان بصعيد مصر، «ذهبت لأنتخب لأن صوتي أمانة»، وأضاف في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «صوت للإخوان المسلمين، لأن الكثير من مرشحي الحزب الوطني (المنحل) في صعيد مصر ترشحوا على قوائم أحزاب جديدة وأحزاب قديمة، فضلا عن أنني أريد أن أرى ماذا سيقدم (الإخوان)، خاصة أنه كان لهم نشاط واضح في الشارع خلال الفترة الماضية، كما أنني أرى أن (الإخوان) أكثر مصداقية من السلفيين والمستقلين