صحافيو الجزائر يحتجون على قانون إعلام جديد يتنكر لوعود بوتفليقة بالإصلاح السياسي

الإسلاميون يعارضونه بشدة والغالبية الموالية للسلطة تصادق عليه بالبرلمان

TT

صادق البرلمان الجزائري أمس على قانون إعلام جديد، أثار جدلا كبيرا في الأوساط الإعلامية بسبب العقوبات المالية الثقيلة التي ينص عليها والتي يتحملها الصحافي بمفرده. وفيما نظم الصحافيون اعتصاما للتنديد بالقانون، قال وزير الاتصال (الإعلام) إنه «يمثل إضافة في الصرح الديمقراطي التي تبنيه الجزائر حاليا».

وعرف التصويت على القانون معارضة شديدة من طرف برلمانيي حزبين إسلاميين، هما «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة». بينما زكاه حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، اللذان يدوران في فلك النظام، ويمثلان معا الغالبية في البرلمان.

وتتضمن مسودة قانون الإعلام 7 مواد مثيرة للاحتجاج. بعضها متصل بحرية الوصول إلى مصادر الأخبار المشروطة، بالابتعاد عن المعلومات التي تحمل طابع «الدفاع الوطني» و«أمن الدولة وسيادة الوطن». والبعض الآخر يتناول عقوبات ضد الصحافي في حال «ألحق ضررا بواسطة كتاباته برؤساء الدول الأجانب والبعثات الدبلوماسية بالجزائر». وتصل العقوبة إلى أداء غرامة مالية قيمتها 10 آلاف يورو، بالعملة المحلية.

وتنص المواد أيضا على عقوبات مالية في حال قدرت السلطات، أن ما كتبه الصحافي يكشف مرافعات محامين بخصوص قضايا شخصية مثل الإجهاض. وعلى عقوبات أيضا في حال تعاطي الصحافي مع مضمون قضية لا تزال قيد التحقيق القضائي، أو كتب ما يفهم بأنه «إضرار بالسياسة الخارجية ومصالح البلاد الاقتصادية».

وتعبيرا عن رفض القانون، نظم نشطاء ما يعرف بـ«المبادرة من أجل كرامة الصحافي الجزائري»، أمس اعتصاما أمام مبنى البرلمان قبل انطلاق جلسة التصويت. ويرى المتذمرون من مضمون القانون، المدرج في إطار حزمة «الإصلاحات السياسية»، أنه «يمثل تراجعا عن مكاسب حرية التعبير ويهين الصحافيين».

ويأخذ مهنيو قطاع الإعلام بالجزائر على القانون «تنكر واضعيه لهوامش الحرية التي جاء بها قانون الإعلام الصادر في 1990». وذكر أصحاب المبادرة أن الاعتصام «نريده رسالة تلفت الانتباه إلى الانشغالات الحقيقية لمهنيي الإعلام، ودعوة ملحة للتعجيل بتنظيم المهنة بما لا يمس بالمكتسبات المحققة، لا سيما التي جاءت في القانون القديم».

وأوضح نشطاء المبادرة، أن وزير الاتصال ناصر أمهل «يحاول، بكل أسف، التملص من تكفل حقيقي وفعال بمشاكل الصحافيين»، وذلك في إشارة إلى تدني أجور غالبية الصحافيين وفقدانهم لحماية اجتماعية، بسبب عدم التصريح بالكثير منهم لدى الضمان الاجتماعي. وتفيد أرقام النقابة المركزية، بأن عدد الصحافيين يفوق ألفين، 25% منهم يعانون من أزمة السكن ومن تدني الأجور.

ورفض المحتجون «أي إصلاحات سياسية، لا يتضمن جوهرها ترقية المهنة وحماية الصحافي مهنيا واجتماعيا». ويحتج قطاع من الصحافيين على «ديكتاتورية مسؤولي أجهزة الإعلام»، الذين يمارسون، في نظرهم، الرقابة على مقالاتهم، ويرفضون مراجعة الأجور إلا نادرا. وأعلنت السلطات في إطار القانون الجديد، عزمها كسر احتكار الدولة على الإعلام المسموع والمرئي. ويشكك الصحافيون في جدية هذا التعهد.

وعبر أصحاب المبادرة عن رفضهم «سياسة تشطير القطاع والتمييز بين صحافيي الإعلام العمومي والإعلام الخاص، وبين الصحافيين المعربين والمفرنسين». وحملوا البرلمانيين «مسؤولية حماية حرية الصحافة وصون كرامة الصحافي». يشار إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قرر تعديل قانون الإعلام ضمن مجموعة قوانين جديدة تتعلق بالأحزاب والانتخابات والجمعيات و«توسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة». وقال قبل 7 أشهر إن ذلك «يترجم إرادته في ترقية ممارسة الديمقراطية».

وصرح وزير الاتصال الجزائري بعد المصادقة على القانون، بأنه «سيضيف الكثير للمشهد الإعلامي الوطني لا سيما من خلال فتح مجال المسموع والمرئي على القطاع الخاص الوطني». وقال: إن القانون «يندرج في إطار ديناميكية أضفتها إصلاحات تكرس التزام الدولة الصارم للارتقاء ببلدنا إلى مصاف الدول الديمقراطية».