مناوشات الانتخابات البرلمانية تدخل بيوت المصريين

الأب اختار «الفلول» و«الإخوان».. والابنة الكبرى «الثورة مستمرة» والصغرى «النور» السلفي

القائد السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل الذي يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر يتحدث للصحافيين بعد الإدلاء بصوته أمس (رويترز)
TT

لأول مرة في تاريخ الانتخابات المصرية، تشهد معظم البيوت جدلا حول أسماء المرشحين والأحزاب والتحالفات السياسية التي يتم التصويت لها في أول انتخابات تشهدها البلاد عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك.

وقبل يناير الماضي، اعتادت معظم العائلات والأسر على عدم الذهاب للاقتراع، لأن نتائج الانتخابات كانت محسومة مسبقا لصالح الحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا).

ومنذ بدأت الجولة الأولى لانتخابات البرلمان، حرصت الأسر المصرية باختلاف توجهاتها على المشاركة في الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، في مشهد لفت نظر الكثير من المراقبين ووسائل الإعلام، وهو ما يعكس رغبة الشعب المصري في التغيير وتأسيس حياة جديدة يصنعون فيها ديمقراطية حقيقية خالية من التزوير.

«الشرق الأوسط» عاشت مع أسرة مصرية لحظة جدالها حول المرشحين والأحزاب والتيارات السياسية قبيل قيامها بالاقتراع؛ حيث حرص الوالد، ويدعى عبد الرحمن مرسي، على مناقشة أبنائه حول المرشحين، فيما لم تستطع الأم الإدلاء بصوتها.

مرسي ذهب في الصباح الباكر أمس، للإدلاء بصوته متكئا على عصاه، وممسكا في يده بدعاية لمرشحين وأحزاب، وفي اليد الأخرى أمسك بحفيدته نورهان محمود (طالبة).

ودخل مرسي الذي يبلغ من العمر 70 عاما، في جدل طويل مع أسرته قبيل الإدلاء بصوته، حيث أخذ يقلب باهتمام في مجموعة من أوراق الدعاية الانتخابية التي جمعها طيلة الأيام التي سبقت الانتخابات، ثم دخل في حوار صاخب مع بناته حول لمن يصوتن.

وقال مرسي الذي يسكن في مركز إدفو بمحافظة أسوان بصعيد مصر: «ذهبت للإدلاء بصوتي لأول مرة منذ 30 عاما»، مضيفا: «في عهد مبارك كانت النتائج معروفة مسبقا»، وتابع: «صوت لمرشح مستقل (نائب سابق في مجلس الشعب) لأنني أعجبت ببرنامجه وبشخصيته، حيث رفض عقب نجاحه في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 الانضمام للحزب المنحل مثل باقي أقرانه، واخترت مرشحا آخر مستقلا؛ لكنه كان نائبا للحزب المنحل؛ إلا أن خدماته وما قدمه للدائرة شفع له عندي». وأضاف مرسي: «أما القائمة، فمنحتها لحزب (الحرية والعدالة)»، الزراع الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين.

زوجة مرسي الحاجة فاطمة، 65 عاما، على الرغم من عزوفها عن المشاركة في التصويت، رغم التهديد بالغرامة المالية التي تقدر بنحو 500 جنيه (نحو 83 دولارا)؛ فإنها لم تمتنع عن المشاركة برأيها في اختيار المرشحين، قائلة: «الإسلاميون أفضل من غيرهم في التعامل.. ولم نر منهم إلا الخير»، مضيفة: «لو كنت قادرة لذهبت للإدلاء؛ لكن المرض وصعوبة المشي تمنعني»، حيث تعاني فاطمة من صعوبة الحركة.

أما الابنة الكبرى عبير، فتقول لأمها: «أستطيع أن أسندك للذهاب للإدلاء بصوتك.. دا منظر الطوابير يفرح». علقت عليها الأم قائلة: «البركة فيكم وفي الشباب.. انتوا هتغيروا مصر». وقالت عبير (43 عاما): «منحت صوتي لمرشح مستقل بعد جدل كبير مع أبي وأختي، مضيفة: «اختلفنا على أسماء المرشحين في الأسرة واتفقنا على ضرورة صناعة المستقبل»، معللة اختيارها، بأن أخيها الذي يقيم خارج مصر أوصاها أن تمنح صوتها للمرشح المستقل، وتابعت: «انشققت عن توجه الأسرة وصوت لصالح حزب الوفد الليبرالي، وتحالف (الثورة مستمرة) في القائمة لأنهم مستقبل مصر».

لكن ابنة مرسي الصغرى تغريد، وهي في أوائل الأربعينات، قالت بعد أن وقفت في صفوف الناخبين لساعات طويلة: «انتخبت حزب النور ذا التوجه السلفي في القائمة والفردي»، وتابعت تغريد: «السلفيون هم الأكثر صدقا في التيارات الإسلامية»، إلا أن زوجها محمود المرينابي قال: «صوت لمرشحي (الإخوان) وحزب (الحرية والعدالة)».

وأسرة مرسي لم تكن هي الوحيدة من الأسر المصرية التي حدث فيها جدل في التوجهات السياسية واختيار المرشحين؛ حيث شهدت أسرة عبد الحميد صبرة التي تقطن منطقة بشتيل الشعبية بإمبابة في محافظة الجيزة القريبة من القاهرة، خلافا كبيرا حول اختيار المرشحين.. وفي حين اختار ابنه الأكبر نور الدين (35 عاما) جماعة الإخوان المسلمين في القائمة والفردي، معلقا على اختياره بقوله: «جلست معهم واستمعت لبرامجهم.. وقررت منحهم فرصة السنوات الأربع»، فإن أخته الصغيرة أمينة (30 عاما) قررت منح صوتها لتحالف «الثورة مستمرة»، على الرغم من أن أخيها «نور» ضغط عليها للتصويت لصالح «الإخوان»؛ لكنها رفضت ذلك، وقالت: «لن أمكن الإسلاميين من حكمنا»، لافته إلى أن «تصريحات شيوخهم في الفضائيات مخيفة».