بوتين يسخر من معارضيه في الخارج ممن يخشون العودة

اعتبر إثارة المعارضة لظاهرة التزوير في الانتخابات تعكس تردي الثقافة السياسية

فلاديمير بوتين
TT

على مدى ما يزيد على أربع ساعات ونصف الساعة، قدم فلاديمير بوتين، رئيس الحكومة الروسية، خلال حديثه التلفزيوني التقليدي المباشر مع مواطنيه، مما يبدو أقرب إلى كشف الحساب عن الفترة الماضية، على ضوء تصاعد موجة التذمر الشعبي، الذي أعربت عنه مختلف قوى المعارضة في روسيا، خلال مظاهرات السبت الماضي، على مقربة غير مباشرة من الكرملين.

وأجاب بوتين على أسئلة الحاضرين من أبرز نجوم السياسة والثقافة والاقتصاد وممثلي الأوساط الاجتماعية الروسية حول مواقفه تجاه سلبيات المرحلة الراهنة، من ضمنها قصور السلطة التنفيذية، وتزوير الانتخابات، وتفشي الفساد والرشوة.

وقال بوتين إن ما شهدته روسيا من أحداث في أعقاب الانتخابات الأخيرة ظاهرة يراها طبيعية، طالما كانت محكومة بالقانون، مشيرا إلى أن ما أسفرت عنه الانتخابات من نتائج يعكس توازن القوى القائم في الساحة السياسية، وإن أشار إلى أن المعارضة، وليس فقط في روسيا، طالما أثارت ظاهرة التزوير في إطار الصراع من أجل السلطة، مؤكدا أن ذلك يعكس ضمنا تردي الثقافة السياسية للمجتمع.

وكشف بوتين عن تعليماته إلى اللجنة المركزية للانتخابات حول تزويد كل مراكز الاقتراع التي يقترب عددها من المائة ألف مركز بكاميرات تعمل على مدى 24 ساعة في اليوم لتسجيل كل ما قد يشوب الانتخابات المرتقبة من انتهاكات أو سلبيات، فيما أشار إلى عدم صحة ما قيل حول عزمه على إقالة قيادات المحافظات التي سجلت أدنى معدل لتأييد الحزب الحاكم.

وسخر بوتين من محاولة تصوير الشرائط البيضاء التي استخدمها المتظاهرون في محاولة للإيحاء بأوجه الشبه مع الثورات الملونة في الفضاء السوفياتي السابق، مشيرا إلى أنه تصورها حركة مناهضة لانتشار «الإيدز». ولمح بوتين إلى أن هناك من زعماء المعارضة الروسية الحالية من سبق وعمل مستشارا لزعماء الثورة البرتقالية، في إشارة إلى بوريس نيمتسوف، نائب رئيس الحكومة الروسية الأسبق، الذي عمل مستشارا للرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يوشينكو، إبان سنوات الثورة البرتقالية في أوكرانيا. وردا على سؤال لأحد المعلقين الفرنسيين حول احتمالات أن يكرر ما سبق وقاله الجنرال شارل ديغول إبان مظاهرات الطلبة في باريس في نهاية عقد الستينات من القرن الماضي: «أنا فهمتكم»، قال بوتين إن ذلك أمر طبيعي في حال الفشل في مواجهة تحديات العصر، وإنه على يقين من ضرورة العمل حتى لا يضطر إلى الاعتراف بالفشل، مؤكدا ضرورة مراعاة وجهات نظر ومصالح الأقلية. وسخر بوتين من معارضيه في الخارج ممن يخشون العودة ويحلمون برحيله، مؤكدا أن ما سجله الناخبون من تعبيرات خارجية كان في أحد مراكز الاقتراع في بريطانيا من جانب أحد الفارين من العدالة، وممن يخشون العودة إلى الوطن بسبب ما ارتكبوه من جرائم. أما عن احتمالات مواجهة مصير العقيد معمر القذافي، حسبما تنبأ السيناتور الأميركي جورج ماكين، سخر بوتين من هذه التوقعات قائلا إن ماكين الذي تلطخت يداه بدماء المدنيين الأبرياء إبان الحرب الفيتنامية سبق وواجه محنة أسره، التي يبدو أنها أثرت على رجاحة تفكيره وسلامة عقله، وهو الذي قضى أعوام الأسر التي طالت لبضعة أعوام في «حفرة»، وليس في سجن عادي، فيما اتهم الغرب بمسؤولية التمثيل بجثة القذافي بعد قصف موكبه.

وحمل بوتين على الأوليغارشية الروسية، التي تبذر أموال الشعب الروسي في تمويل الأندية الرياضية الأجنبية، في إشارة لا تخلو من مغزى إلى ما يفعله المليارديرات الروس من أمثال رومان أبراموفيتش، صاحب نادي «تشيلسي» الإنجليزي، وميخائيل بروخوروف، الذي اشترى أحد فرق كرة السلة الأميركية، فيما رشح نفسه مؤخرا لانتخابات الرئاسة الروسية المرتقبة في مارس (آذار) المقبل.