المالكي: وفد إلى دمشق يحمل مبادرة لفتح حوار بين المعارضة والحكومة

عاد من واشنطن للعب دور في الأزمة السورية

نوري المالكي
TT

أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمس، أن العراق سيرسل وفدا إلى سوريا لطرح مبادرة عراقية تهدف إلى فتح حوار بين المعارضة والحكومة السورية.

وقال المالكي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية على متن الطائرة التي أقلته من الولايات المتحدة إلى العراق قبيل وصولها إلى بغداد: «فور وصولي سأعقد اجتماعا لإعداد الخطط لإرسال الوفد إلى سوريا لتنفيذ مبادرة العراق». وأوضح أن المبادرة تهدف إلى فتح حوار بين أطراف المعارضة السورية من جهة والحكومة السورية من جهة أخرى للوصول إلى نتائج مرضية للجانبين. وتابع المالكي: «الولايات المتحدة وأوروبا متخوفتان من مرحلة ما بعد نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد لذا تفهموا المبادرة العراقية».

وكان علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء العراقي أكد في وقت سابق لوكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات العراقية دعت المعارضة السورية لزيارة بغداد بهدف القيام بوساطة بينها وبين النظام السوري، موضحا أن المعارضة ردت إيجابا على هذا الاقتراح.

وجاء ذلك بعدما أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مؤتمر صحافي مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في بغداد بداية الأسبوع أن الحكومة العراقية ستناقش مع نظيرتها السورية تطبيق المبادرة العربية لوقف العنف في سوريا. ولزمت السلطات العراقية حتى الآن موقفا حذرا حيال الأزمة في سوريا، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن أعمال قمع الحركة الاحتجاجية من جانب النظام أسفرت عن أكثر من خمسة آلاف قتيل منذ مارس (آذار). ولم يوافق العراق على العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا الشهر الماضي، كما امتنع عن التنديد بالنظام السوري ومواجهته مع المعارضين في سوريا. ويخشى مراقبون أن يؤثر تدهور الأوضاع في سوريا التي تشترك مع العراق بحدود طولها 605 كيلومترات، على الوضع في بلد يستعد لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من البلاد بحلول نهاية العام الحالي.

من جهة أخرى، أعلن المالكي أنه التقى خلال زيارته إلى الولايات المتحدة بداية الأسبوع ممثلين عن شركة «إكسون موبيل» الأميركية لمناقشة عقود نفطية وقعتها الشركة مع إقليم كردستان وترفضها حكومة بغداد. وقال المالكي «عقدنا معهم لقاء (في واشنطن) وأطلعناهم على وضع هذه العقود، والتي يقع بعضها في مناطق متنازع عليها». وأضاف «هم وعدوا بأن يراجعوا قرارهم».

وكان مسؤول في وزارة النفط العراقية أكد أن بغداد تدرس خياراتها في ما يتعلق بـ«إكسون موبيل» التي وقعت اتفاقا مع حكومة كردستان العراق لاستكشاف النفط في ست من مناطق الإقليم. وقال المسؤول في وزارة النفط العراقية إن اثنتين من تلك المناطق وهما القوش وبردراش تقعان ضمن محافظة نينوى التي تريد كردستان ضمها إلى منطقتها المتمتعة بالحكم شبه الذاتي، وهو ما ترفضه بغداد. وتعتبر بغداد كل عقد موقع من دون موافقتها عقدا باطلا. وقد حذرت الولايات المتحدة الشركات الأميركية، وبينها شركة «إكسون موبيل» النفطية العملاقة، من المخاطر القانونية لتلك العقود الموقعة بخلاف رغبة بغداد.

وعن الوضع الداخلي، انتقد المالكي الدعوات لإنشاء أقاليم مستقلة، معتبرا أن «هذه الممارسات مدعاة لتقسيم العراق»، في إشارة إلى إعلان أعضاء في مجالس محفظات ديالي وصلاح الدين والأنبار التي تسكنها كلها غالبيات سنية، عن بدء إجراءات التحول إلى أقاليم. وقال إن «الذين صوتوا ضد الدستور لأن فيه فيدرالية، هم الذين يطالبون الآن بالفيدرالية». وتابع «لا يمكن تطبيق الفيدرالية لأن رأي المحكمة الاتحادية كان واضحا بعدم تطبيق أي فيدرالية في منطقة متنازع عليها»، في إشارة خصوصا إلى ديالي التي تقع فيها مناطق متنازع عليها بينها الأكراد والعرب.

وعاد المالكي إلى بغداد مع الوفد المرافق له صباح أمس من الولايات المتحدة، تزامنا مع انعقاد الحفل الأميركي الرسمي للانسحاب من العراق. وعلق المالكي على الاحتفالات التي يقيمها سكان مدينة الفلوجة لمناسبة الانسحاب الأميركي من البلاد، قائلا إن «المقاومة أوقعت نفسها في ما لا حق لها فيه والمقاومة انزلقت من عملية المقاومة إلى قتل واقتتال طائفي». وأضاف: «لا أمانع أن يفرح العراقيون في الفلوجة وغيرها من المناطق، ولا أمانع أن يشعر أي طرف بأنه شريك في خروج الأميركيين، لكن الواقع هو أن الدبلوماسية العراقية وطبيعة التفاوض هي التي رسمت خريطة الانسحاب بشكل كامل». وكانت تداعيات الانسحاب الأميركي من العراق من على رأس مناقشات المالكي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما وعدد من المسؤولين الأميركيين في زيارة استغرقت 3 أيام.

ومن جهة أخرى، أكد رئيس الوزراء العراقي أن قرار إبعاد منظمة مجاهدين خلق الإيرانية المعارضة عن العراق «لا رجعة فيه». وقال «لقد رفضوا خطة الأمم المتحدة وهذا يعني أنها عصابة إجرامية، ولا يسمح بإبقاء عصابة إجرامية في العراق». وقررت السلطات العراقية إغلاق المعسكر الذي يسيطر عليه منذ نحو ثلاثين سنة المعارضون الإيرانيون في محافظة ديالي شمال شرقي بغداد، قبل نهاية السنة الحالية. ويضم هذا المعسكر نحو 3400 شخص، قدم العراق لهم خيار الرحيل إلى دولة ثالثة وكان الغالبية رفضوا هذا الخيار