اشتباكات عنيفة بين الجيش ومعتصمي مجلس الوزراء توقع عشرات الجرحى وقتيل

المشير يأمر بعلاج المصابين في المستشفيات العسكرية

TT

تفجر الوضع الميداني في مصر مجددا، حيث اشتبكت قوات من الشرطة العسكرية (التابعة للجيش) مع النشطاء المعتصمين أمام مجلس الوزراء في شارع قصر العيني أمس، وهو ما أسفر عن سقوط عشرات المصابين بعضهم في حالة خطيرة وقتيل، وذلك بعد أن تسبب دخول كرة قدم كان يلعب بها المعتصمون إلى سور البرلمان، في اشتعال المواجهات.

وقالت الرواية الرسمية، بحسب التلفزيون المصري الرسمي، إن المعتصمين حاولوا اقتحام مبنى مجلس الوزراء، بعد رفض أفراد حراسة المجلس إعادة الكرة للمعتصمين، فيما ذهب المعتصمون إلى أن عناصر الجيش استدرجت أحدهم إلى الداخل وقامت بالاعتداء عليه، وهو ما فجر موجة من الغضب بينهم، تحولت لاشتباكات استمرت منذ فجر أمس وحتى كتابة هذا التقرير.

وأعلن الدكتور خالد الخطيب، رئيس الإدارة المركزية لرعاية الحالات الحرجة والعاجلة في وزارة الصحة مقتل شخص بين المصابين في أحداث الاشتباكات أمام مجلس الوزراء أثناء تلقيه العلاج بمستشفى القصر العيني، وارتفاع عدد المصابين إلى 133 حالة تم إسعاف 60 منها في مكان الأحداث. بينما قالت مصادر طبية أخرى إن حالات القتلى تصل إلى 3 أشخاص.

وبدأ الاعتصام أمام مجلس الوزراء قبل نحو ثلاثة أسابيع احتجاجا على تكليف الدكتور كمال الجنزوري برئاسة وزراء حكومة إنقاذ وطني. وتعرض المعتصمون قبل ثلاثة أيام لحادث تسمم جماعي أحاطه الغموض. لكن الجنزوري قال في وقت سابق إنه لا نية لدى الحكومة فض الاعتصام بالعنف. وقال شهود عيان إن عناصر الجيش اعتلت سطح مبنى البرلمان المطل على شارع قصر العيني المجاور لمبنى مجلس الوزراء، ورشقت المعتصمين بالحجارة، والزجاجات الفارغة، كما لاحقت المعتصمين واعتدت عليهم بالضرب، واحتجزت عددا منهم لساعات، قبل إطلاق سراحهم، من دون تحقيق.

وحاول الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم الملقب بخطيب الثورة، التفاوض مع ضباط الجيش لوقف التراشق، لكن المعتصمين رفضوا مبادرته، وقال شاهين لـ«الشرق الأوسط»: «جئت لأقف بنفسي على حقيقة الوضع.. ولا بد من محاكمة المخطئين فورا».

وارتفعت حصيلة الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين أمام مجلس الوزراء إلى 99 مصابا بحسب بيان وزارة الصحة المصرية، فيما أمر المشير حسين طنطاوي، القائد العام، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعلاج جميع المصابين من المدنيين في مستشفيات القوات المسلحة. وقالت الوزارة، في بيان لها أمس، إنه تم إسعاف 51 من المصابين في موقع الاشتباكات، في حين تم نقل 48 إلى المستشفيات القريبة من محيط الأحداث.

وقال الطبيب أحمد عمارة، وهو مسؤول المستشفى الميداني، لـ«الشرق الأوسط»: «أعداد المصابين الذين قمنا بإجراء الإسعافات الأولية لهم تتجاوز المائة، وهناك حالات فشلنا في إيقاف نزيفها فنقلناها مباشرة إلى سيارات الإسعاف». وأضاف بقوله «معظم الإصابات عبارة عن كدمات في مناطق متفرقة من الجسم خاصة الوجه، ناتجة عن اصطدام أجسام صلبة بالجسد، إضافة إلى إصابة البعض بطلقات خرطوش في أماكن متفرقة من الجسد».

وتوالت ردود الفعل تعليقا على الأحداث، واستنكر الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل للرئاسة، فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة، معتبرا استخدام القوة المفرطة مخالفة لكل القوانين الإنسانية، واصفا ما جرى بـ«الهمجية» و«الوحشية». وقال البرادعي، على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه «حتى إذا كان الاعتصام مخالفا للقانون، فهل يتم فضه بهمجية ووحشية، هي في ذاتها مخالفة أعظم لكل القوانين الإنسانية؟». وتساءل البرادعي «إذا كان رئيس الوزراء له الصلاحيات التنفيذية لرئيس الجمهورية، بما فيها الأمن، فبأي سلطة تتدخل الشرطة العسكرية؟». وكانت القوى الثورية في مصر قد طالبت البرادعي الشهر الماضي بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وأعلن البرادعي قبوله المنصب، وتنازله عن الترشح للرئاسة، لكن المجلس العسكري قام بتكليف الجنزوري الذي سبق له رئاسة الحكومة في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وأصدر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بيانا أدان فيه حادث الاعتداء على المتظاهرين. كما دعا الحزب المجلس العسكري والجهات المعنية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الاعتداءات «خاصة من أولئك الذين يلقون بالحجارة على المعتصمين من أعلى البنايات الحكومية المحيطة بشارع مجلس الوزراء، وإجراء تحقيق عاجل حول هذا الموضوع وإعلان نتائجه على الرأي العام».

وبدوره، أصدر حزب المصريين الأحرار بيانا أمس أدان فيه الاعتداء على المعتصمين، ومحاولة فض الاعتصام بالقوة، وقال الدكتور أحمد سعيد، عضو المجلس الرئاسي للحزب «على المجلس العسكري أن يحافظ على مكتسبات الثورة، وأن يعمل على حمايتها بدلا من التصعيد واستخدام العنف وقمع الحريات». كما حذر «الإخوان» من محاولات ما وصفوه بـ«جر الوطن إلى أزمات مفتعلة تحيد به عن الطريق الذي اختاره للانتقال السلمي للسلطة من خلال الانتخابات التشريعية التي وصلت إلى منتصف الطريق، وتحتاج إلى دعمها لمواصلة طريقها».

وفي شارع قصر العيني، حيث موقع الاشتباكات، تحدثت «الشرق الأوسط» للناشط في حركة 6 أبريل وائل محمد، الذي شهد تفجر الاشتباكات عند فجر أمس، حيث قال «احتجز الجيش صديقنا عبودي (ناشط في حركة 6 أبريل) الذي دخل بعد أن استأذن جنود الحراسة لإعادة الكرة، وبدأ الضرب من داخل المبنى بالحجارة والمياه الكبريتية وأسلحة صوت، وقمنا بالرد عليهم.. واستمر الأمر لساعات».