تصدع جدار الإسلاميين يهدد تماسكهم في البرلمان المصري

صراعهم أشعل الانتخابات.. واتهامات بـ«اللعب غير النظيف»

موظفون يقومون بعد الأصوات في أحد مراكز الفرز بالجيزة أمس (أ.ب)
TT

شهدت المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية في مصر تنافسا انتخابيا عنيفا بين الأحزاب الإسلامية، وصل إلى إطلاق أعيرة نارية وإتلاف دعاية المرشحين وتراشق بالألسنة، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، وحزب النور (ذو التوجه السلفي)، وحزب الوسط (الإسلامي المعتدل).. وهذا التنافس خلق صدعا في علاقة الإسلاميين قبل 4 أشهر من عقد أول جلسة لمجلس الشعب (الغرفة الأولي من البرلمان).

وبينما يتوقع مراقبون أن ينتقل خلاف الأحزاب الإسلامية للبرلمان المقبل. يرى آخرون أن حجم التشابك الحالي يتضاءل، أمام القضايا المهمة التي من المتوقع مناقشتها في البرلمان، والتي سيحتشد الإسلاميون خلفها لتمريرها.

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت التيارات الإسلامية على موقف واحد تمثل في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، حيث حشدت أنصارها للتصويت لصالح التعديلات الدستورية، وهو ما تكرر لاحقا حين توافقت الأحزاب الإسلامية المختلفة على مبدأ الانتخابات أولا، مقابل الدعاوي التي طالبت بالدستور أولا.

لكن مع الإعلان عن الانتخابات البرلمانية، تغير الوضع بين الأحزاب الإسلامية إلى حد كبير، فقبيل الجولة الأولى للبرلمان، برزت الخلافات بين أنصار أحزاب «الحرية والعدالة»، و«النور»، و«الوسط» حول تعليق اللافتات الانتخابية، وهو ما أدى في كثير من الأحيان لاشتباكات بين أنصار تلك الأحزاب، كالاشتباك بين مؤيدي حزبي الحرية والعدالة والوسط بالأسلحة البيضاء في محافظة المنيا بصعيد مصر، وهو ما تكرر بين أنصار «الحرية والعدالة» و«النور» في عدة محافظات أخرى. وتطور الأمر مع بدء المرحلة الثانية من انتخابات البرلمان، حيث وقعت اشتباكات بالرصاص الحي بين أنصار لمرشحين من حزب «الحرية والعدالة» و«النور» أسفرت عن إصابة 15 في مدينتي الصف والعياط بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة).

من جانبه، قال محمد فرحات، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن «المرحلة الحالية لها حدود للاختلاف والتباعد بين الأحزاب الإسلامية تختلف عن بقية المراحل»، لافتا إلى أن «الهدف الأساسي للإسلاميين حاليا، الحصول على أكبر عدد من مقاعد البرلمان حتى لو أدى ذلك للدخول في صراعات، فالمصالح الحزبية الضيقة هي الأهم بالنسبة لهم الآن». واستدرك فرحات قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لكن الوضع سيختلف تماما بعد الانتخابات، حيث ستزداد مساحة التوافق والتعاون».

ولفت فرحات إلى أن القضايا المقبلة بداية من تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وصياغة الدستور، سوف تشهد توافقا بين الأحزاب الإسلامية، بقوله: «رؤية معظمهم للهوية الإسلامية، ستجعلهم يتكتلون ضد التيارات الليبرالية واليسارية، حتى لو تفاوتوا في التشدد».

على النقيض، تعتقد حبيبة محسن، الباحثة في مركز البدائل العربي للأبحاث بالقاهرة، أن صراع الأحزاب الإسلامية سينتقل معها إلى داخل البرلمان، وقالت حبيبة لـ«الشرق الأوسط»: «المسألة تحولت إلى صراع بين القوى الإسلامية على كعكة السلطة، وهو صراع يحكمه حسابات القوى في المقام الأول»، وتابعت: أن «الأحزاب الإسلامية ستتصارع على نسب تمثيلها في الجمعية التأسيسية»، مستبعدة أن يحدث أي تحالف أو توافق بين تلك الأحزاب بسبب الخوف من هيمنة «الإخوان». وبينما شهدت بعض اللجان الانتخابية أول من أمس ملاسنات حادة على خلفية اتهامات متبادلة بين حزبي «الحرية والعدالة» و«النور» بارتكاب مخالفات انتخابية في دوائر الجيزة وأسيوط والشرقية، نقلت جريدة «المصري اليوم» عن يسري حماد، المتحدث باسم حزب النور، اتهامه لحزب الحرية والعدالة بالقيام بعمليات تزوير بمعرفة موظفين داخل اللجان، وهو ما علق عليه أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، بأن ما ادعاه النور «شماعة لتعليق فشلهم الانتخابي».

ووفقا لنتائج المرحلة الأولى من الانتخابات التي جرت في يومي 28، 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حصلت قائمة حزب «الحرية والعدالة» على 45 في المائة من الأصوات، تلتها قائمة «النور» بنحو 24 في المائة، والوسط بـ5 في المائة. كما فاز «الحرية والعدالة» بأغلبية المقاعد الفردية وجاء بعده «النور». وهو مشهد يرجح خبراء تكراره في المرحلة الثانية، حسب المؤشرات الأولية.

وأرجع محمد يسري، القيادي بحزب النور، عدم التنسيق بين الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية منذ بداية الانتخابات البرلمانية، جاء بثماره الآن من وقوع خلافات بينهم، وقائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الانتخابات لعبة سياسية لها قواعد، وأحيانا يكون اللعب نظيفا وأخرى غير نظيف.. ونحن نقبل بهذا».