الرئاسة الفلسطينية تصف «الرباعية» بالضعيفة وجهودها بالروتينية.. وتمهلها حتى نهاية يناير

غياب عريقات عن الاجتماع الأخير يشير إلى فقدان الثقة بدورها وقدراتها

محتج فلسطيني يقذف بالحجارة الجنود الإسرائيليين خلال احتجاجات ضد الجدار، في قرية النبي صالح، أمس (أ.ب)
TT

وصفت الرئاسة الفلسطينية اجتماعات اللجنة الرباعية الدولية مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بالروتينية، متهمة إياها بالضعف، وعدم القدرة على خلق مناخات تؤسس لإعادة إطلاق المفاوضات. وقال أمين عام الرئاسة، الطيب عبد الرحيم، في مؤتمر للشرطة في أريحا: «إن اجتماعات الرباعية أصبحت اجتماعات روتينية.. ولا نتجنى ولا نتحامل على الرباعية إذا قلنا إنها ضعيفة، وقد بدأ الكثيرون يفقدون الأمل في أن تضع الرباعية حدا لانتهاكات الاحتلال على الرغم من أنها قادرة لو أرادت».

وجاء حديث عبد الرحيم بعد ساعات من انتهاء اجتماع ثالث ضم الرباعية ومفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين، كلا على حده، من دون أي نتائج، وقد «أكدت الرباعية من جديد على ما جاء في بيانها الصادر في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي»، وجددت الدعوة للطرفين بتوفير أجواء مناسبة لاستئناف المفاوضات، والامتناع عن الأعمال «الاستفزازية». وكان ممثلو الرباعية قد التقوا بمفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين مرتين قبل ذلك، دون جدوى، وقالوا إنهم «شجعوا الطرفين على استئناف المفاوضات الثنائية المباشرة دون إرجاء أو شروط مسبقة».

ويتضح من حديث عبد الرحيم إلى أي مدى ملت السلطة وفقدت الثقة بدور الرباعية كوسيط في عملية السلام، وأكد ذلك غياب رئيس الوفد الفلسطيني صائب عريقات عن اجتماعات يوم الأربعاء، وهو الأمر الذي انتقدته إسرائيل، قائلة إن إيفاد الجانب الفلسطيني ممثلا «على مستوى منخفض»، يدل على عدم رغبته في التوصل إلى السلام. وكان قد قاد الفريق الفلسطيني محمد أشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح.

وقال عبد الرحيم: «نسمع من المبررات الكثير، لعجز الرباعية عن تنفيذ المهام المنوطة بها، ولا داعي لذكرها، أو حتى لإعلان موقف واضح ضد انتهاكات الاحتلال، لكنها مبررات أشبه بباب للهرب، ثم يطالبنا بعضهم بالعودة للمفاوضات المباشرة، قلناها ونقولها.. إننا لسنا ضد المفاوضات، ولكن لا تضعوا العربة قبل الحصان؛ فلا بد أولا وقبل كل شيء من وقف الاستيطان والقبول بلا مواربة أو لف ودوران بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 67».

وعلى الرغم من خيبة الأمل التي تنتاب الفلسطينيين من دور الرباعية الدولية، فإنهم لا ينوون مقاطعتها. وقال عبد الرحيم: «سنظل نتعامل معها حتى انقضاء مهلة الثلاثة أشهر، وبعد ذلك لكل حادث حديث».

ويدرس الفلسطينيون خياراتهم في حال فشلت جهود قبولهم دولة عضو في مجلس الأمن، وإطلاق المفاوضات من جديد، وهي خيارات متنوعة، تقوم على إعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل.

وكانت الرباعية قد اقترحت في اجتماعها في نيويورك في 23 سبتمبر، وبعد ساعات قليلة من تقديم طلب انضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة، تحريك مفاوضات السلام المتعثرة منذ أكثر من سنة، على أن تنتهي مفاوضات الاتفاق على الحدود والأمن خلال 3 شهور.

وقال عبد الرحيم: «تجاوبنا معها منذ الاجتماع الأول وقدمنا أوراقنا ورؤيتنا بلا لبس، وسنظل نتعامل معها حتى انقضاء مهلة الأشهر الثلاثة التي وضعتها وتنتهي في 26 - 1 - 2012، وبعد ذلك لكل حادث حديث. لكن قبل اجتماعها الأخير، وكالعادة قبل كل اجتماع لها، وجهت الحكومة الإسرائيلية صفعات قاسية، مضمونها أنها لن نتجاوب معكم، ولن نحترم الشرعية الدولية التي تمثلون، وستظل إسرائيل فوق القانون».

وأردف قائلا إن «العطاءات الاستيطانية تكثفت، في (مستوطنة) أفرات وأضعافها في أرئيل، هذا إلى جانب العطاءات السابقة في القدس، والخطر الذي يتهدد باب المغاربة على الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وتحويل حاجز شعفاط إلى معبر يعزل الآن حتى المقدسيين عن العاصمة، إضافة إلى حرق المساجد، والاعتداء على الكنائس، وهدم البيوت وطرد وإبعاد المواطنين من القدس، وقتل الأبرياء وقطع الأشجار، والتنكيل بأسرانا البواسل وغير ذلك، وكله موثق لدى الرباعية».

وجدد عبد الرحيم الموقف الفلسطيني من أنه لا عودة إلى مفاوضات مباشرة الآن، مؤكدا أن «المشروع الفلسطيني ليس اقتصاديا ولا أمنيا وإنما هدفه إنهاء الاحتلال». وقال: «إذا كنا نثمن الدعم الذي تلقيناه ونتلقاه لبناء سلطتنا الوطنية من الدول العربية والصديقة المانحة لما كان لهذا الدعم من أثر فيما حققناه من بناء مؤسسي ومنجزات، لكننا في نفس الوقت نؤكد أن مشروعنا ليس اقتصاديا، كما أنه ليس أمنيا، بل هو مشروع وطني كفلته لنا جميع القرارات والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، فالبناء المؤسسي دون تقدم في الأفق السياسي سيكون في مهب الريح، وسنظل رهائن لمزاجيات الحكومة الإسرائيلية اليمينية، وبإزاحة الاحتلال الإسرائيلي عن صدورنا وإنجاز مشروعنا الوطني بإقامة دولتنا المستقلة فإننا قادرون على الاعتماد على أنفسنا، لكن حصيلة المواقف والجهود التي تبذل، مع احترامنا لبعضها، لا ترقى لتحقيق هذا الهدف المنشود الذي تحدث ويتحدث عنه الجميع».