الجزائر تعبر عن استيائها من تحضيرات فرنسية لـ«الاحتفال بتمجيد الاستعمار»

بعد مرور نصف قرن على استقلالها

TT

هاجم وزير الدولة الجزائري عبد العزيز بلخادم، الحكومة الفرنسية «بسبب الإساءة إلى رموز ثورة التحرير وتقديم صورة مزيفة للاستعمار»، في الاحتفالات بمرور 50 سنة على خروج الفرنسيين من الجزائر، المرتقبة في يوليو (تموز) من العام المقبل. واستنكر تكريم جزائريين تعاونوا مع الاستعمار الفرنسي، في سياق التحضيرات للاحتفالات.

يثير الإعداد للاحتفال بمرور نصف قرن من جلاء القوات الفرنسية من الجزائر، (5 يوليو «تموز» 1962)، حفيظة المسؤولين الجزائريين الذين أطلقوا برنامجا للاحتفال بنفس المناسبة، لكن بطريقة تبرز فظاعة ما لحق بالجزائريين خلال 132 عاما من الاحتلال. وقال عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس بالعاصمة، في اجتماع بكوادر حزبه «جبهة التحرير الوطني»، إن «مؤسسة ذاكرة حرب الجزائر»، التي أنشأتها الحكومة الفرنسية وكلفتها الإعداد للاحتفال، «تعتبر تمجيدا للاستعمار يدعونا إلى الرد على تزييف التاريخ وتزوير الحقيقة، وإلى إعطاء عيد الاستقلال ما يستحقه من الاهتمام تاريخيا وسياسيا وثقافيا وجماهيريا.. ذلك هو الرد على الاقتحام الفرنسي العنصري لتاريخ الثورة (1954-1962) ورموزها بالجزائر، وفي ساحات المهجر».

ويشبه الظرف الذي جاء فيه خطاب بلخادم، الذي يقود التيار المعادي للتطبيع مع فرنسا، إلى حد ما الأجواء التي أعقبت مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون مطلع 2005، تحدث عن «الدور الإيجابي للوجود الفرنسي وراء البحر خاصة في شمال أفريقيا»، وتضمنت بنوده تدريس هذا المفهوم في المؤسسات التعليمية الفرنسية. وثارت حفيظة الجزائر بسبب هذا القانون الموصوف محليا بـ«الممجد للاستعمار»، وتسبب في فشل «معاهدة صداقة»، تم التحضير لها من الجانبين.

ورد بلخادم على دعوة وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إلى «عدم النظر في المرآة العاكسة»، بخصوص مستقبل العلاقات الثنائية، إذ قال: «إننا نتساءل حول دوافع تلك الطروحات المشبوهة التي تنادي بالقطيعة، وأي قطيعة؟ إنهم يدعون إلى القطيعة مع أمجاد الجزائر وعزتها وتاريخها وعنوان انتصارها». وأضاف: «إنهم يريدون أن تقطع الأجيال صلتها مع رسالة نوفمبر (تشرين الثاني) وجيل الثورة، ومع قيم الشعب ومقدساته وثوابته». والشائع أن كلام بلخادم في الشق المتعلق بالسياسة والتاريخ في العلاقات مع فرنسا، يعكس وجهة نظر الرئيس بوتفليقة شخصيا. لذلك، فهجوماته على الفرنسيين هي بالوكالة عنه. ويرجح متتبعون أن يزداد الخطاب المعادي لفرنسا حدة، كلما اقترب موعد خمسينية الثورة (بالمفهوم الجزائري)، أو مرور نصف قرن على ذكرى انتهاء حرب الجزائر (بالمفهوم الفرنسي). والفرق بين المقاربتين لنفس الحادثة التاريخية، شاسع جدا.

وقد عبر بلخادم عن وجهة نظر بلاده للقضية قائلا: «إن فرنسا تعمل على إعطاء هذه الذكرى لونا آخر يكتمل به مخططها الهادف إلى تشويه ثورة التحرير، واعتبار ثورة الأحرار عملا إرهابيا يجب إدانته وإخراجه من دائرة الثورات المحررة للإنسان إلى ما يسمى اليوم إرهابا، وعلى أساسه تنتهك كل القيم ويتم التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب والدول، وتسجل المجازر من خلال الاحتلال المباشر أو المقنع». في إشارة إلى الدور الذي قامت به فرنسا في الإطاحة بنظام العقيد القذافي في ليبيا. يشار إلى أن حربا صامتة قامت منذ أن وصل بوتفليقة إلى الحكم قبل قرابة 13 سنة. فالجزائريون مصرون على أن تعتذر فرنسا على جريمة الاحتلال وتدفع التعويض المادي عنها. أما الفرنسيون فينظرون إلى الأمر على أنه «توبة»، غير واردة أبدا في تفكيرهم. وقال الرئيس نيكولا ساركوزي عندما زار الجزائر نهاية 2007: «لا ينبغي أن تطلبوا من الأبناء عن أفعال قام بها آباؤهم».