لبنان: بلدة عرسال الحدودية تشيع «بغضب كبير» قتيلا سقط برصاص الجيش السوري

رئيس البلدية: المسلحون في الشارع ولم يعد لنا حيلة

تشييع لبناني في عرسال سقط برصاص الجيش السوري
TT

شيعت بلدة عرسال في البقاع اللبناني أمس أحد أبنائها بعد وفاته فجر أمس متأثرا بجروح أصيب فيها عند الحدود السورية عندما كان مع رفيق له في المنطقة منتصف ليل الأربعاء الماضي. وفيما سقط أمس جريحان إضافيان برصاص الجيش السوري، ارتفعت حدة التوتر الذي تجلى في عدد المسلحين الكبير الذي رافق مسيرة التشييع وإطلاق النار الكثيف الذي جرى خلاله.

وعرسال أو «عرش الرب» كما تسمى هذه البلدة الحدودية اللبنانية المحاذية لبلدات سوريا عند السفح الغربي للسلسلة الشرقية لجبال لبنان، أصبحت اليوم في عين العاصفة ومحور الحدث البقاعي على الحدود اللبنانية - السورية.

البلدة التي يبلغ عدد سكانها نحو 35 ألف نسمة وكافة سكانها من الطائفة السنية تضم نحو 12 عائلة وأكبرها عائلة الحجيري، تكاد تستفيق كل يوم على خبر حدودي جديد. ومع كل يوم خبر حول أراض متنازع عليها واشتباكات بين أهالي البلدة والجيش السوري حيث بلغ عدد الضحايا حتى الآن قتيل وستة جرحى من عائلات عز الدين والفليطي والحجيري، وكان آخرها أمس. فبالأمس قضى خالد الفليطي متأثرا بجروحه إثر تعرضه لإطلاق نار في محلة خربة داود بينما أصيب محمد الفليطي أحد أقاربه وهو لا يزال يرقد في مستشفى شتورا مصابا بطلق ناري في المستشفى. وقد اختلفت الروايات حول عمله ووجوده بينما يؤكد أهالي البلدة أنه قد أصيب وهو يبحث عن إحدى مواشيه التي ضلت طريقها ليلا عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.

ولم يتوقف مسلسل عدد الضحايا عند هذا الحد إنما نقل إلى المستشفى نفسه أمس علي حسين عز الدين وقاسم عز الدين وهو في حالة حرجة إلى المستشفى عينه جراء تعرضهما للضرب بأعقاب البنادق في محلة مشاريع القاع وضمن الأراضي المتنازع عليها حيث تمتد هذه الأراضي من القاع وصولا إلى خربة داود بمشارف عرسال بمسافة 40 كلم ليرتفع عدد الإصابات إلى ثمانية.

كما أن البلدة شهدت منذ ثلاثة أسابيع توترا مع الجيش اللبناني جراء محاولة الجيش إلقاء القبض على أربعة أفراد لاجئين سوريين مما أسفر عن تدمير بعض الآليات المستخدمة. وقال الأهالي حينها إن أفرادا من حزب الله كانوا مع عناصر الدورية. وأفادت مصادر أمنية عليمة لـ«الشرق الأوسط» بأن هنالك قرابة 70 عائلة سورية لاجئة إلى البلدة جراء الأحداث التي تشهدها سوريا.

وشيعت أمس الحشود الغاضبة جثة الفليطي على أزيز الرصاص، ورفع لافتات تدعو إلى مساندة الشعب السوري منددة بروسيا، واصفة دماء الفليطي بـ«ثورة الكرامة التي تزهر ربيعا وحرية». واعتبرت التعديات الحاصلة على المواطنين اللبنانيين نتيجة «حكومة دموية في الداخل اللبناني» و«يأبى الربيع العربي أن يزهر دون دماء عرسالية». وقد انطلقت مسيرة التشييع من منزل الضحية وجابت شوارع البلدة وصولا إلى الثانوية الرسمية المختلطة حيث أم الصلاة على جثمانه الشيخ مصطفى الحجيري الذي ألقى كلمة رأى فيها أن «الثوار سيلتقون على أرض سوريا كما على أرض لبنان»، مؤكدا دعم أهالي عرسال للشعب السوري، وقال: «لن نركع ولن نستكين حتى يسقط عدو العالمين وقد أضحى أهالي عرسال حديث الدنيا»، مقسما أنهم «لن يناموا على ضيم ما دام هناك أناس يموتون وبلاد تدمر». كما وصف الحكومة اللبنانية بأنها «حكومة ولاية فقيه وحكومة طهران والساقطة والمهترئة التي تنصب عليها لعنات الأمة ليلا نهارا»، مطالبا الجيش اللبناني الذي يجوب أزقة عرسال، كما قال، بأن يحمي الحدود ويترك أزقة عرسال.

وقال رئيس بلدية عرسال علي محمد الحجيري «إن الخروقات السورية لن تتوقف في عرسال منذ شهرين، ففي المرة الأولى دخلوا المنازل وقلنا حينها في وسائل الإعلام بأننا لسنا ضد سوريا ولا علاقة لنا بها وهاجم النواب السنة الوليد السكرية وكامل الرفاعي حسب قوله عندما تبجحوا وقالوا أهالي عرسال يهربون سلاحا، فأنا لا أعتب على الرئيسين (نبيه) بري و(نجيب) ميقاتي إذا كانا ضد الثورة فهذا حقهما، وكذلك نواب المنطقة، لكن أعتب على نوابنا إلى ما أوصلونا إليه». وأضاف: «فبالأمس سقط جريحان عند المشاريع، أحدهما في حالة خطيرة ليرتفع العدد إلى أربعة في أقل من أسبوع، نتمنى له الشفاء ونطالب الدولة اللبنانية والجيش إذا كانوا يعتبرون البلدة لبنانية محسوبة على لبنان، فليقوموا بتأمين ما هو مطلوب منهم». وتابع يقول: «ليس المطلوب من الأهالي حمل السلاح والوقوف في وجه الدولة، فكلنا يعمل على تهدئة الأمور، وما رأيتم ما بين 200 و400 سلاح حربي في الشارع، ولم يعد باليد حيلة». وتمنى من الدولة أن لا تخرج إلى زواريب عرسال وإنما إلى «الحدود المرسمة بيننا وبين القاع»، متمنيا أيضا من النواب والرؤساء أن يأخذوا دورهم «إذا كانوا مسؤولين عنا».